الرئيسية - مقالات وقصائد - محمد جميل البندر الصحافي والباحث والشاعر والتنموي.

محمد جميل البندر الصحافي والباحث والشاعر والتنموي.


محمد جميل البندر
الصحافي والباحث والشاعر والتنموي.

بقلم: أنطوان فضّول

من عمق طفولة لا تزال تحمل إلى ذاكرته الدفء، وفُتُوَّةٍ عاشت مخاضًا مع الوجود واختبرت كل أنواع المخاطر والصعوبات، في زمن وقع فيه لبنان عمومًا والجنوب خصوصًا فريسة احتلال استبدل مواسم الخير بزؤان التباغض والظلم والقهر، مرورًا بشباب اكتملت فيه الرؤية المستقبلية وتحددت الخيارات؛ مسيرة لمحمد جميل بندر، الصحافي والشاعر والإنماءي، تمددت على مساحة آخر عقدين من القرن العشرين قبل أن تدخل به آفاق الحادي والعشرين وقد تعتّق فكره الحر بخوابي الأصالة.
في السنة 1980 ولد، وفي بلدة زبقين نشأ، في قضاء صور، يلتقط من مجتمعه وبيئته روح الثبات في الموقف والمقاومة في الخيار ونَفَس المثابرة من دون كلل.
طوال سنواته حافظ على وتيرة البحث الأدبي وإرادة التبحر بالثقافة والمعرفة، وقد تَوَّجَها بدبلوم في علاقات دبلوماسية بصفة مستشار من مركز القاهرة الإقليمي.
هو صحافي متمرس، عمل في الصحافة صناعة وتحريرًا طوال عشرين عامًا ولا يزال، مؤمنًا برسالة الصحافة اللبنانية ودورها في إحياء العالم العربي ومساعدته في العبور إلى القرن الحادي والعشرين بثقة وواقعية.
أعدّ وقدّم برنامج “أئمة البقيع” على قناة أهل البيت الفضائية في السنة 2003 وفقرة شعرية في برنامج صفحات ملونة على قناة المنار من 2008 حتى 2012 وبرنامج “حبة مسك” على شاشة قناة المنار من 2012 حتى 2016. وكانت ملفتة مشاركته في إعداد وتقديم برنامج أمير البيان في إيران في السنة 2017 بالإشتراك مع الإعلامي جورج قرداحي.
في عالم الصحافة الرقمية تجلّت ريادته في تأسيسه وإدارته موقع paparazzilb.com.
إلى ذلك، أنتج برامج سياسية عدّة، لقناة العالم الفضائية، بين السنتين 2012 و2015، بما فيها “حديث البحرين” و”تحت الضوء” و”مع الحدث”. وتولى صفحة التواصل وتحرير الأخبار في موقع المنار الإلكتروني من 2013 حتى 2016، حيث اقترن اسمه بالتحليل السياسي الرصين… ولا تزال بصمات فكره المتنوّر حاضرة في وجدان المقاومة، وقد اعتُمد مذيعًا للأخبار والبرامج في إذاعة النور في فترات متفرقة بين السنتين 2007 و2012. كما أعد بعض الأفلام الوثائقية ونفّذها وقام بتحقيق تقارير وأفلام وثائقية مدبلجة عدّة. واعتمد للتدريب الإذاعي في حقول فن الأداء والتركيز الصوتي وصناعة الخبر الصحفي وإعداد البرامج والتقارير.
إلى تأسيسه جمعيتي “اللؤلؤة الثقافية و”منتدى كل الألوان” وترؤسه لهيئتيهما الإدارية، إنتسب إلى عضوية الملتقى الثقافي اللبناني واتحاد الكتّاب اللبنانيين والحركة الثقافية في لبنان.
آمن برسالة الصحافة اللبنانية ودورها المحيي، وأعطى نشاطه بعدًا دوليًا، من خلال عضويته في الإتحاد الدولي للتحكيم والتوفيق وحضوره العالمي ومشاركته في العديد من المؤتمرات الإقليمية والدولية.
عايش مأساة الجنوب وترسّخت في وجدانه قناعة بأن الصراع مع اسرائيل هو صراع مع الصهيونية العالمية، وهو صراع بين العلم والجهل، بين التقدّم والتخلّف، فقرر المقاومة بالحرف والقلم والصحافة، وساهم من خلال عضويته في اللقاء الأدبي العاملي في إحياء مجتمع جبل عامل وفتح أمامه آفاقًا تنموية ذات نسق مقاوم ونزعة تحررية وتوجه وطني جامع تجلّى بوضوح في مندرجات المؤتمر الدولي التاريخي الذي نظّمه في السنة 2019 بعنوان “جبل عامل مهد المسيح”.
إنتفض على الرجعية والتخلّف والرتابة وحمل لواء الديمقراطية والتحرر التي عرف كيف يطوّعها مع روح التجديد والعصرنة.
ساهم من خلال عضويته في مركز القاهرة الإقليمي للتدريب والتحكيم، في إدخال رؤية تجديدية إلى العالم العربي تستقي أسسها من تطور العصر والإكتناز الحضاري، ما دفع بالكتاب العرب إلى ترشيحه لعضوية اتحادهم في دمشق.
شأنه شأن كل مثقّف لبناني، رفض الرضوخ للواقع أو الوقوف على الحياد، بل حمل لواء النهضة مع ترؤسه قسم الإعلام في مركز الدراسات والأبحاث الأنتروستراتيجية، وسار في طريق التجديد، متوكّئًا على روح متمردة على كل زيف.
مجموعته الشعرية شكلت عالمًا متجددًا في عوالم الشعر اللبناني والعربي، وعُقِدَت حولها أكثر من ندوة حوارية.
من السنة 2003 وهو يغني المكتبة الفكرية بباقة من دواوينه الشعرية بدءًا بـ”عيناك بستان القصيدة”، مرورًا بـ” دموع البيلسان ” و”حين يكتب البحر شعرًا” وانتهاءً بـ”لجمالك الوحشي”.
لم يجف بعد حبر فكره الوردي وهو يتحضّر إلى إصدار جديد يحاكي القلب والروح.
تلمست بلدته حركة ثقافية ناهضة، كان محمد البندر أحد أبرز مطلقيها لاسيما من خلال عضويته في مجلس بلدية زبقين.
لقد زرع الجنوب في وجدانه روحًا مقاومة وعزز لديه القدرة على مواجهة تقلبات الدهر بعزيمة لا تقوض وإرادة لا تلين.
الجنوب في بعده المقاوم والصامد والصابر، وفي جوهره الأصيل والحاضن فسيفساء المجتمع اللبناني بتنوع مكوناته وتعدد اتجاهاته وخصوصية تركيبته، نراه حاضرًا بقوة في أدبياته.
كثيرة هي المحطات التي يجدر بنا التوقف عندها في سيرة محمد جميل البندر، فهو لم يرض البقاء على هامش الحياة، بل أخذ المبادرات وشارك في صنع قرارات أسست لحالة نهضوية كانت بطاقة عبور مجتمعه إلى القرن الحادي والعشرين ومواكبته العصر وروحيته.