لا يختلف اثنان على أن يوم ١٧ تشرين أنذر بمرحلة جديدة وحياة سياسية غير التي تعودنا عليها ما قبل هذا التاريخ
حتى الايام الاولى من بدء الاحتجاجات دقت السلطة ناقوس الخطر باعترافهم جميعا وكأن وحياً نزل ليحل ازمة لبنان في ٧٢ ساعة أعلن عنها الرئيس الحريري الذي خرج بعد اقل من الوقت المحدد بساعات ليضع حلولا عبر ورقة اصلاحية لم يكن أحد يتوقع أن يجعل الشارع المستميت للدفاع عن زعميه أن يجعل السلطة يوما ما تضع مثل هذه الاصلاحات
الورقة التي لم تقنع الشارع جابهها المتظاهرون بقطع الطرقات والاستمرار بالاحتجاجات التي أدت على الأغلب لاسقاط الحكومة كما في العلن والاعلام
قبل الاستقالة كان مخطط اضعاف الشارع واضحا فاستقالة القوات من الحكومة وركوبهم موجة الثورة ولحاق الكتائب بهم جعل المشهد يتغير فئة كبيرة من الشعب جلسوا في منازلهم رافضين هذا الامر باعتبار ان الشارع ليس ملك أي أحد من السلطة بل هو ملك اوجاع الناس التي نزلت بكل وجع تصرخ بوجه الكل … كفى
ومن الواضح هدف ركوب الحراك من هؤلاء وأن الحراك اصبح قسمين قسم متمثل بالناس الذين ضاقت بهم الدنيا ولم يبق لهم غير الشارع متنفس بعدما أبدعت السلطة في الأشهر الأخيرة القليلة قبل ١٧ تشرين بفرض الضرائب بتفنن لم يحصل من قبل وقسم متمثل بمن ركب الحراك وهدفه توجيه دفة المظاهرات ضد حزب الله وشركائه ليظهرهم هم سبب معاناة الشعب بركوبه الحراك إلى جانبهم واستنصاله من المسؤولية
يكمن خطأ الشارع بأنه بدون قيادة واضحة فرفضه الخطة الاصلاحية ما هو إلا دليل على عدم رؤية وحنكة في السياسة والملفت في الموضوع أنه حين ينزل الذين ركبوا موجة الحراك من سياسين الى الشارع تكون ردة الفعل عادية تكتفي ببعض الهتافات ضدهم من ساحات غير موجودين فيها وحين ينزل مؤيدي الثنائي الشيعي غاضبا إلى الشارع الكل يستنفر استنفارا كبيرا والكل يصبح قادرا على الكلام والتعبير والادلاء بالتصاريح عبر الشاشات
من هنا نأتي إلى ما نراها على شاشات التلفزة اغلب المراسلين يعلنون عن منظمين للحراك في الساحات مثلا ” قال المنظمون هنا ؛ افادنا المنظمون؛ دعوات من المنظمين إلى لقاءات حوارية تعقد في الساحات؛ نفى المنظمون علاقتهم بهؤلاء الاشخاص … الخ ”
وبعدها ينتبه المراسل فيستدرك لا لا يوجد قيادة لهذا الحراك
عبارات تجعلك تقف مدهوشا ، من هم هؤلاء الذين ينظمون فحسبما نراه أنه في كل ساحة هناك منظمين للندوات منظمين للنفي منظمين يرفضون آراء ومقررات السلطة السياسية
اكثر من مرة دعا رئيس الجمهورية أن يشكل الحراك ممثلين عنه للقائهم الا أن الشارع يرفض يكتفي مراسلو القنوات برأي عدة اشخاص يرفضون هذا الامر ليوصلوا رسالة بأن الشارع يرفض ؛ من هم الذين يرفضون واين هم المنظمين الذين يقيمون ندوات حوارية لا نسمعهم يرفضون أو يقبلون، الكل يُجمع بعد دعوة رئيس الجمهورية للحوار أن لا قيادة ولا منظمين والشارع واحد ومطلبه واحد في حين أنه حين يدعى لندوة يشرف عليها اشخاص وحين تجري أعمال شغب ينفي المنظمون علاقتهم وحين وحين …
المنظمون فقط يظهرون لنفي علاقتهم باعمال الشغب او حين قطع الطرقات ويختفون عند دعوتهم للحوار
اذا كان يظن هؤلاء أنهم برفضهم للكل وعدم محاورتهم هو الحل فهذا يثبت ما قلناه فوق أنه ليس لديهم اي خبرة سياسية فبلد قائم على التعدد لا يمكن الغاء احد فيه واذا كانوا يريدون الغاء الجميع والبقاء هم فهذا ينم عن عدم وعي فكما انتم في الشارع هؤلاء الذين في السلطة انبثقوا عن شعب ولم يأتوا من فراغ أو اذا ليس هذا وذاك فإن الشارع هناك من يديره في الخفاء ويحركه كيف يشاء فكيف يمكن أن يختفي المنظمون عند الدعوة للحوار وتصبح ثورة بلا قيادة وفجأة ترسل الدعوات لقطع الشوارع والكل يلبي، من الذي ارسل هذه الدعوات وكيف يلبي الناس دعوات مجهولة في حين ان الجميع يدعو لعدم الانجرار للفتنة وينفي كثيرون علاقتهم بهذه التحركات كيف يكون لديهم الوعي في عدم الانجرار للفتنة وفجأة يلبون دعوات مجهولة المصدر فينزلون ويشاركون في قطع الطرقات
ولماذا لا يجتمع المنظمون في كل ساحة ليشكلوا هيئة لهذه الثورة؟ اذا كان الهدف من عدم اضعاف نبض الشارع فما يجري من ممارسات بالشارع تكفل بهذا الامر ولم يعد عذرا واذا كان الهدف التنصل من المسؤولية المستقبلية فهذا يعني انكم غير قادرين على الحكم واذا كان الهدف اشعال الشارع فمن الذي يديركم
فهل هناك قيادة ثورة للفوضى في الشوارع تنفي وتقرر وتدعو ولا يوجد قيادة تحاور وتمثل سلطة لا يستطيع احد إلغاءها
جاء بالامس تكليف حسان دياب لتشكيل الحكومة فجاء الرد بعدها بقطع الطرقات في ذات الاماكن التي تقطع فيها في كل مرة تتم الدعوة للنزول للشارع من أناس لا يوجد لهم قيادة هذا عدا عن مظاهر البذخ التي نراها من أناس يقولون أن نزولهم لتحسين اوضاعهم المعيشية الصعبة في الوقت الذي يطلب فيه المتظاهرون حكومة تكنوقراط ويرفضون الكل ويرفضون تسمية أحدا منهم تحول المتظاهرون الى اشخاص يرفضون كل شيء يجعلك تشك اصلا بنواياهم بالتغيير الفعلي ويبقى السؤال الابرز:
من المسؤول عن لعبة الشارع ؟
رضا دياب/موقع ارزي