لو كان بيني وبين الحياة فنجان قهوة!
بعد ألف عامٍ من التفكير، مللت الإنتظار. ضجرتُ وضجَرت مني وحدتي وكآبتي. تركني الألم.
ورحلتْ عني صداقة الألف دمعة و كُلّ ما ذُكرته يوماً باختصار…
تُراني أبحث عني فيني لأعود وأرحل مني.. تراني أناجي الرب مني، فتارة أقرأ القرآن وآخرى أُلحد في موسيقى ودُخان…
في الوقت.
لا يوجد انتظار، لا كلام، لا صمت لا حضور وسط سِكة القطار. لم يأتِ القطار وأنا قد مللت الإنتظار، مللت تكرار الكلام في كل أقصوصة مغلفة بالإضمار..
لو كان بيني وبين الحياة فنجان قهوة!
لَما هجرت رحم أمي ودخلتُ مقهىً ليس فيه مقعد لقلبي وسط طاولات ملؤها الفراغ. وسط مقبرة ساكنوها عُراة من الحب، من الألم، من الروائح بعد كل لقاء.
عزيزي اللاوعي:
أنا الآن أضحك وأبكي باستمرار، أكتب وأمحي على الهامش لأطوف بكتاباتي الغامضة أنحاء وزوايا كل دار – لأن جميع الذين كتبت لهم رحلوا عندما بريت قلمي الرصاص للمرة الأولى- ومضيت…
وكأنما أعجبتني لعبة رمي الأوراق الفارغة لأَملأ القمامات برائحة القرآء ذوات المقام…
لقد أصبح الليل عبىءٌ والنهار جهنم من شدة الأوجه ذات الكره والسواد. مات كل شيءٍ جميل عندما دارت الحرب بين الشمس وتحديد مصير الأقدار عند الشروق، وعند كل صباح تعتاد فيه البشرية الكذب على القهوة بمكعب سكر وضحكة سوداء…
لقد استاطعت الكآبة أن تكسر حاجز كل شيءٍ غير مباح. أما أنا؛ فتركت القهوة وخلَفْتُ بموعدي مع الحياة لأنجوَ بنفسي من الموت وأحيا بقطرة ماء…