كما ذكرنا ونذكر دائما في
كتاباتنا فإن الوقاية من امراض القلب والشرايين هي الأساس في تخفيف مخاطر هذه الامراض ونسبة الوفيات الناتجة عنها وسوف نخصص لاحقا فقرة تفصيلية نتكلم فيها خاصة حول طرق الوقاية من هذه الامراض. لكنني الآن سوف اتحدث عن طرق التشخيص الأساسية (والمعتمدة حاليا في سنة ٢٠١٨ ) لهذا المرض الذي يجب على كل شخض يعاني من عوامل خطورته ان يبحث عنه بكل الوسائل قبل ان يبحث المرض عنه اي قبل فوات الاوان. وللتذكير فأن عوامل الخطورة الأساسية المسببة لهذا المرض فهي اولا الأسباب التي لا يمكن التحكم بها وهي التقدم بالسن لأن امراض القلب تظهر عادة بعد سن ال ٤٥ سنة عند الرجال و٥٥ سنة عند النساء وذلك لأن النساء محميات نسبياً من امراض القلب بسسب الهرمونات النسائية التي يفرزها جسمهن حتى فترة الدخول بسن اليأس. كذلك هناك العامل الوراثي او الجيني لأن هناك بعص العائلات التي تكثر فيها حالات الموت المبكر بأمراض القلب وهذا ما يستوجب بحثا لاحقا بحد ذاته. اخيرا كان من المعروف سابقا وحتى سنة ١٩٩٧ ان امراض القلب والشرايين تصيب الرجال بمعدل الثلثين والثلث الباقي عند النساء ولكن الامور تغيرت مع الوقت واصبح مرض القلب ذكوري وانثوي واصبحت الإصابات عند النساء تعادل الإصابات عند الرجال بسبب دخول المرأة في عالم العمل وتعلقها بالتدخين مثل الرجل ودخولها الى عالم العمل والضغوط النفسية والإجتماعية والإقتصادية وهذا من زاد عندها من نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
اما عوامل الخطورة التي يمكن التحكم بها او تغييرها او مراقبتها فهي عوامل يمكن تغييرها عن طريق تغيير نمط وعادات الحياة التي نعيشها ويأتي في مقدمتها :
١-التدخين -بكل انواعه-والذي يعتبر المسؤول تقريبا عن ثلث الإصابات بأمراض القلب والشرايين.
٢- مرض إرتفاع الضفط الشرياني وهو يصيب تقريبا ثلث الشعب اللبناني ولكنه مرض يمكن مراقبته وعلاجه بادوية فعالة جدا في ٢٠١٨ ولا يمكن ان نقبل ان يكون غير مراقب في هذه الأيام مع تطور الطب ووجود ادوية شديدة الفعالية له.
٣- إرتفاع الدهنيات او خاصة الكولسترول الضارLDL cholesterol وهو في ٧٠ بالمئة منه يأتي في الدم من صناعة الكبد له( الكبد هو مفاعل نووي صغير يصنع آلاف المواد داخل الجسم ومنها انواع متعددة من الدهنيات) . ام الثلث الباقي منه فيأتي من الأطعمة التي نتناولها ولذلك يجب علينا ان لا نتعجب او نستغرف كيف يمكن للدهنيات الضارة ان تكون مرتفعة في الجسم دون ان نكون من مستهلكي هذه المواد لأنه كما قلت ثلثي الدهنيات يفرزها الكبد وهناك عوائل لديها عوامل وراثية تزيد من إفرازات الدهنيات في الجسم لأسباب وراثية ويتوفى ابناء هذه العائلات بشكل مبكر وفي مقتبل العمر حتى في سن السنتين او العشر سنوات او بعد ذلك لكن باكرا. وهذا كله ناتج عن خلل بعض الجينات وقد تطور الطب في هذا المجال واصبح لدينا ادوية فعالة جدا لهذه الحالات لكنها لا تزال غالية الثمن وهي متوفرة في لبنان حاليا.
٤- مرض السكري وكما شرحنا سابقاً هو العدو الأول للقلب والشرايين ويجب قطعاً علاجه ومرقبته بشكل دوري وإستشارة طبيب القلب كل ٦ اشهر الى سنة خاصة اذا كان المرض قديم منذ اكثر من خمس سنوات او اذا كان المريض مدخن وعنده عوامل خطورة اخرى. ويجب ان نعرف ان حوالي ٧٠ بالمئة تقريبا من مرضى السكري يتوفون بسبب امراض القلب والشرايين وفي كثير من الأحيان بشكل صامت ودن اية اعراض او مع اعراض قد تكون خفيفة جدا او مستترة او مموهة. ومن هنا خطورة مرض السكري على القلب .
٥- الخمول والتنبلة او قلة الحركة ومن منا لا يعرف ان القيام ببعض التمارين الرياضية وخاصة لمدة ٤٥ دقيقة تقريبا ولثلاث مرات في اليوم مفيد جدا لصحة القلب والجسم بشكل عام ويفتح شرايين جديدة ويقوي عضلة القلب ويحمي من ارتفاع الضغط الشرياني ويخفف من خطر السكري والدهنيات ويحسنهما في الجسم ويخفف الوزن الزائد ويقوي العضلات ويزيد من الثقة بالنفس ويعالج التوتر والإكتئاب . فعلينا جميعا ودون اي تردد ممارسة ذلك اليوم قبل الغد.
٦- البدانة لأنها غالبا ما تتصاحب بمرض السكري وارتفاع الضغط والدهنيات وتوقف التنفس اثناء النوم اي ما يعرف بمرض Sleep apnea syndrome وكلها عوامل تزيد من مخاطر امراض القلب ويمكن فهم تأثير البدانة بسهولة خاصة وانها تتسبب بقلة الحركة.
وهناك عوامل اخرى قليلة الأهمية لا مجال لذكرها لكنها معروفة جدا لدى اطباء القلب ويجب دائما البحث عنها في تحقيق دقيق ومفصل عند المعاينة .
لذلك على كل شخص لديه واحد او اكثر من هذه العوامل(عوامل الخطورة ) التي ذكرناها او يعاني من الم في الصدر او الرقبة او بين الكتفين عند الإجهاد او من تعب او إرهاق او ضيق نفس عند الجهد او من إضطراب او تسرع في ضربات القلب عند التوتر او الغضب او عند تورم البطن او الساقين ان يستشير طبيبه وان يستشير بسرعة طبيب القلب من اجل إجراء كل الفوصات المتوفرة حاليا وهي فعالة وكافية للكشف المبكر عن مرض القلب والشرايين الذي تتطور طرق تشخيصه وعلاجه بسرعة هائلة في لبنان الذي يواكب افض الدول تطورا في هذا المجال. وسوف اوافيكم غدا تفصيليا بأهم الطرق التشخيصية المعتمدة وخاصية وفوائد وحدود كل واحدة منها.
د طلال حمود – طبيب قلب وشرايين – منسق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود