قبل أن نتحدّث عن حركة حماس أو نتطرّق لأي موضوع يتعلّق تحديداً بقيادة الحركة وليس بالقاعدة التي نحب ونؤيد ونبارك تواجدها وعملها ونضالها وسقوط عشرات بل مئات الشهداء منها في ساحة من أكبر ساحات الشرف “فلسطين” ، لا بدّ وأن نعرّج قليلاً على المراحل التي مرّت فيها حركة فتح حتى وصلت الى مرحلة الذوبان في حب السلطة والتمسك بكرسي الحكم لفلسطين”مبتورة” لكن بلا قوائم لهذا الكرسي على الإطلاق سوى حماية الكيان الغاصب لزعيم هذه السلطة أياً كان ومن سيأتي.
بداية وإن تجاوزنا الإنقلاب الذي قام به ياسر عرفات على الزعيم الفلسطيني أحمد الشقيري وتسلّم عرفات لقيادة الحركة منذ العام ١٩٦٥م.
لم تكن حركة فتح وحدها في ساحة الجهاد عندما أُعلِن عن بدء العمل الفدائي لتحرير فلسطين كامل فلسطين من البحر الى النهر أو بالعكس. كانت الجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش والقيادة العامة بقيادة أحمد جبريل وحركات كثيرة تبنّت العمل الفدائي وبدأت قوافل الفدائيين وعلى رأسهم حركة فتح التي اعترفت بها الأنظمة والشعوب العربية أكثر من سواها.
تلقّف الجنوبيون العطشى لقتال اسرائيل ، خاصة أولئك الموزّعين على كامل أحزاب ” الحركة الوطنية…!!!؟؟؟” والسبب المباشر ، أن اسرائيل كانت تنكّل وتستبيح القرى والبلدات الجنوبية ساعة وأنّى وكيف تشاء دون رادع أو حسيب(؟؟؟).
السبب الثاني أن تسعين في المئة من الجنوبيين لم يتعاملوا مع بعضهم يوماً على أساس طائفي أو مذهبي حتى بعض المسيحيين منهم كانوا في طليعة العمل المقاوم.
قدّم الجنوبيون للفلسطينيين عامة وحركة فتح خاصة كل ما يطلب منهم ، المال والرجال والأرض والسلاح ولم يبخل الجنوبيون بالعطاء وكان أول شهيد جنوبي الهوى والهوية الشهيد محمد أخضر من بلدة الزرارية هذا الشهيد الذي تحدّث عنه جمال عبد الناصر ولم ينته من خطابه حتى التحق بالعمل الفدائي كل أطياف لبنان من شماله الى جنوبه.
قويت شوكة ياسر عرفات وأصبحت حركة فتح قوّة عسكرية تضاهي الجيش اللبناني عدداً وعدّة وخاف المسيحيون من التغيير الديموغرافي في لبنان وقد يكون سبباً لتغيير نظام الحكم فيه أو الإكتفاء به عِوَضاً عن فلسطين وكانت مجزرة عين الرمانة وبداية الحرب الأهلية في لبنان.
ياسر عرفات ، لم يكذّب مخاوف المسيحيين وقال يوماً:”ان تحرير فلسطين يمرّ عبر جونية.”
لم يتوقّف عرفات عن استعراض القوة الفلسطينية وكان همّه الوحيد استعمال هذه القوّة في غير مكانها ولو على حساب كل البلاد والشعوب العربية وكأن تنسيقاً قائماً بفعل ذلك بينه وبين أصدقائه الصهاينة في مِحفلٍ ما.
بالإضافة الى الأردن ولبنان ، استباح عرفات الجنوب تحديداً وفتح معركة مسلحة مع الجنوبيين الذين مدّوا يدهم إليه معاهدين الله على قتال اسرائيل حتى استرجاع فلسطين وهذا ما لا يريده الرجل وهو من عاهد الصهاينة على تفتيت وتمزيق القوى العاملة على قتال اسرائيل بالعسكر أو في السياسة سيّان ، لذلك كان أول لقاء له أمام العالم كلّه مع صديقه اسحاق رابين ” للتذكير فقط ، محمد مرسي وصديقه العزيز شمعون بيريز”واتفق الرجلان بحضور بيل كلينتون الرئيس الأميركي في مؤتمر “أوسلو” في الثالث عشر من أيلول العام ١٩٩٣م بعد مؤتمر مدريد العام ١٩٩١م ، على إنهاء الكفاح المسلّح الفلسطيني ضد اسرائيل وأن يكون عرفات زعيماً على أحد أحياء الضفة الغربية وجزء من قطاع غزّة وعلى أن تعيش اسرائيل بسلام وأمن وأمان وأن تعترف يوماً بدويلة لفلسطين منزوعة السلاح وتعيش تحت رحمة الكيان الغاصب ورضي عرفات بزعامة الحي.
التنظيمات الفلسطينية الأخرى وتحديداً الجبهة الشعبية والقيادة العامة ، كانت منضوية مع حركة فتح كأعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني وكلا القيادتين لم تنافس الزعيم الفلسطيني يوماً وهي لم تُقِمْ علاقة مكشوفة أو مستورة مع الكيان الغاصب بعكس الزعيم ” الماسوني” ياسر عرفات والمزروع على رأس أكبر قوّة عسكرية فلسطينية يومذاك ليبقى قادراً على لجمها وتوجيه حركتها سلماً أو حرباً خاصة أنه كان يملك كاريزما فلسطينية بالكفيّة والعقال وحاز على محبة الجماهير الفلسطينية والعربية قبل أوسلو وبعده فلسطينياً فقط ،أضف الى أن الرجل كان يملك أيضاً دهاء سياسياً مدعوماً بقوّة عسكرية نشأت على الفوضى وفرض الخوّات والتشبيح تماماً كما كانت إحدى التنظيمات المحلية يوماً.
في الرابع عشر من كانون الأول ١٩٨٧ أعلنت حركة حماس في أول بيان لها أنهاحركة اسلامية مقاومة للإحتلال …!!! وهي جزء من تنظيم الأخوان المسلمين الذي أسّسه الشيخ حسن البنّا في مصر العام ١٩٢٤ وأعلن عنه في العام ١٩٢٨ وكان هذا التنظيم مدعوماً من البريطانيين المحتلين لمصر يومذاك.
باركت اسرائيل قيام حركة حماس في غزّة ليس حباً بالحركة ، إنما وجودها “كزرزور” مقابل حركة فتح يناسب الإحتلال في حال أراد عرفات أن يرفض طلباً لإسرائيل ، تهدّده بالتعامل مع حركة حماس وليدة تنظيم الأخوان وهي أي اسرائيل لم تستطع يوماً أن تفعل ذلك أو تهدّد عرفات بالقيادة العامة أو الجبهة الشعبية لأن كلاهما ، عدوٌّ مُرّْ للكيان الغاصب.