لا يجوز أن نظلم دائما بأن نقول في أكثر كتاباتنا ، أن أمّة إقرأ ، لا تقرأ.
لو اطّلعت على كتاب صراع الوجود بين ال١٣. و ال ١٣. الصادر في العام ٢٠١٣ كنت حتما ستغيّر رأيك .
لكننا نحن دائما نستعين بما يكتبه الآخر شرقا أو غربا ولا نعير اهتماما لكتابات منتدياتنا الفكرية .
اليك مثلا ما كتبته مجلة النهار العربي والدولي في العام ١٩٧٨ بعنوان ” تقرير بريطاني سرّي”
يذكر هذا التقرير على ما أذكر ، أن الأميركيين يفكرون ويخطّطون ومعهم الغرب ، كيف يمكن الوصول الى منابع النفط في الخليج ولو بعد خمسين سنة لأن لا يعقل أن يبقى الأميركي أو الأوروبي المتحضّر تحت رحمة ذاك الخليجي الذي يركب الجمل ” ويحكّ أصابع قدميه بأصابع يده ثم يضع هذه في أنفه” ويقطع النفط ساعة يشاء ويعطيه ساعة يشاء والأميركي المتحضّر الأول في العالم ينتظر على محطات الوقود معطّلا عمله ليعطيه الخليجي النفط .
في مقطع آخر يقول التقرير ، ان اسرائيل سوف تغزو لبنان وتحتل أول عاصمة عربية ” بيروت” ثم تنسحب منها بعد حوالي الشهرين ثم تنسحب الانسحاب الثاني بعد مدة أطول الى حدود الليطاني ولم تنسحب الانسحاب الثالث إلاّ اذا تعرّضت لمقاومة مسلّحة.
هنا ينتهي التقرير.
في ٢٧ تموز ١٩٩٠ كنت من المدعوّين الى عشاء مع مجموعة من تجّار الذهب في مدينة ميلانو وكنّا مايقارب ال ١٥٠ مدعواً وكنت العربي الوحيد بين المدعوين.
بعد العشاء ونحن نشرب الشاي ، يبادر أحدهم الى القول :” أن صدّام حسين سيحتل الكويت خلال أقل من أسبوع”.
لم يعر الحاضرين كلام الرجل أي اهتمام ، فالموضوع لا يعنيهم.
انبريت وسالته : كيف أن دولة عربية تحتل دولة عربية ثانية وما هو موقف العرب والجامعة العربية من هذا ؟ أجابني على الفور : يبدو أنك عربي… أكّدت له ذلك وأنا شامخ الرأس. قال: مشكلتكم أنتم العرب أنكم ان قرأتم لا تفكّرون إلاّ بعاطفتكم ولا ترون إلاّ لحدود أنوفكم. وقفت معترضا بحدّة محاولا افهامه أنه مخطيء فسارع قائلا هدّيء من روعك وستقتنع بما قلته وانشدّ الجميع لسماع ما يدور.
قال: ان صدّام يعمل مع الأميركيين منذ ماقبل ١٩٦٥ وهم من جاؤوا به وهذا الرجل أرعن وهو يعتبر أن الكويت جزءا من العراق وفي الكويت أطماع بالنفط والاميركيين يفكّرون بدخول الخليج منذ زمن بعيد ووجدوا في تصرّف صدام فرصة مهمة وأعطته “غلاسبي ” السفيرة الاميركية هناك الضوء الأخضر بعد مراجعة حكومتها وباحتلال الكويت تدخل أميركا لتحريرها وتدخل كل الخليج وتضع يدها على كل النفط والذهب هناك فما رأيك؟
وهو يتكلّم كنت في لحظات أسترجع في مخيّلتي ما قرأته العام ١٩٧٨ في التقرير البريطاني وكان ردّي ” عسى خيرا” وانسحبت مباشرة من الجلسة بعدما استدعيت صاحب الدعوة وسألته عن الرجل.
الآن. يمكنك أن تعرف أننا أمة تقرأ، لكن المصيبة في أنظمتنا وحكامنا وملوكنا ورؤسائنا الذين لا يركبون كرسي الحكم إلاّ اذا كانوا موظفين سابقين عند الماسونية والمخابرات الأميركية أو الصهيو-انكليزية.
لك تحياتي.
الكاتب: حسيب قانصوه
بيروت في:١٦-١-٢٠٢٢.