في السياسة ، كما في العلاقات الاجتماعية، في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب، خاصة في أيامنا هذه، وعلى مختلف مراكز التواصل الاجتماعي، من المفهوم، أو بالمبدأ، أن من يعمل يخطيء، وأن من أخطأ أو أصاب ، يحق للآخرين ، أن يتناولوا عمله نقدا ، سلبا او إيجابًا، شرط ان يكون النقد بنّاء وفي موضعه، وليس تجنّيا او تجريحا، وأن طريقة النقد عادة ، تعبّر عن مدى عقلانية المنتقد من عدمه.
في الاعلام، رجال كبار ، يحترمون انفسهم ويجيدون لغة النقد البنّاء ، بعكس البعض الآخر، الذي يفلت عنان لسانه ويتناول أو يتطاول على الكبار والصغار ، نقدا وتجريحا واهانة، دون ان يقيم اعتبارا لعطاءات وتضحيات وتقديمات هذا او ذاك. الأصعب من هذا كلّه ، ان جماعة لم نسمع بها من قبل ، تتطاول على عمالقة هذا الزمن وتجعل من دماء الشهداء سيرة منسيّة، وهنا، ترى السقوط الوطني والأخلاقي على السّواء .
لا نريد استعمال لغة المديح في غير محلّه، للناس عقول وعيون وآذان، ولم نستعمل لغة التجريح حتى مع الساقطين، لأننا لو فعلنا ذلك ، لا نختلف عنهم بغير الأسماء ، وتحاشيا للوقوع في الخطأ المقصود أو غير المقصود ، لا بدّ وأن نتعامل مع من ننتقدهم بواقعية دون ان نسيء الى مقاماتهم كباراً أو صغاراً.
من هنا، ونحن نمرّ في أصعب الظروف، اخلاقيا واقتصاديا ، سياسيا وأمنيًا، وفي بلد يحكمه أشد الناس فسادا وإجراما ، وعاثوا فيه نهبا وتخريبا وتدميرا، وفي المقابل، ولا نجامل، انما الماضي والحاضر يشهد والمستقبل ينتظر منهم كل جديد ، هناك، رجال نذروا أنفسهم لهذا البلد وخدمة الناس وزرعوا الشهداء ، في كل أرض لنا فيها موطيء كرامة ، حرّروا الأرض وحموا العرض، ولم يبخلوا بأغلى الرجال لكل أرض عربية صرخت ونادت: “ألا من ناصر ينصرنا…!؟” ومع ذلك يتعرّضون للتجنّي والتجريح والتطاول ، وليت من يفعل ذلك ، يذكره التأريخ في مكان ، أو تشهد له الأرض انه ينتمي الى ترابها…!
بدون مواربة، فالمقصود هو حزب الله ، بدون مواربة ، المقصود في التجنّي هو نصر الله، بدون مواربة ، المقصود أولًا وأخيرا ، الوصول الى سلاح المقاومة الاسلامية ، التي لم تكن يوما ، إلاّ مقاومة مسيحية واسلامية ووطنية وعربية بامتياز ، ولم تكن لحظة في غير مكان.
التهم المخابراتية جاهزة، التلفيقات والتركيبات ، كما لعبة ” اللوغو ” جاهزة تماما ، ليكون طربوشها ، مفصّلاً على قياس رأس الحزب بكل عناصره ورجاله وقيادته وخاصة البيئة الحاضنة له ، والمطلوب تفكيكها وهجرها ومعاداتها لهذا الحزب ، بأي ثمن، بالقتل ، بالتجويع، بالإذلال ، بالتركيع ، بالأمراض، وصناعة الفيروسات وحرمانهم من أبسط حقوقهم وقهرهم بالداء وإخفاء الدواء ، وافلاس عملتهم ليكون دينهم وديدنهم دينار ودولار ، لكن كيف وبأي طريقة ، الأمر سيّان، المهم أن تلصق التهمة وتُحمّل المسؤولية الى حزب الله ، والهدف دائما الوصول الى السلاح وكل ما يزعج اسرائيل ، يجب أن يصادر ، لكن هذه المرّة ، ليس بقوة سلاح عدو آخر أثبت فشله ، انما هذه المرة ، بيد أهل البيت أنفسهم وبيد البيئة الحاضنة له والبداية الجديدة تبدأ في صناديق الإنتخابات…!؟
التطاول على حزب الله مسموح ، التجنّي على حزب الله مطلوب ، أن تتهم حزب الله بكل ما هو سيّء وما هو أسوأ ، ضروري ومهم ، أن تُحمّل حزب الله مسؤولية الوضع الاقتصادي والأمني وتفلّت الدولار وانهيار الليرة وغلاء الأسعار واختفاء المازوت والبنزين والدواء من الاسواق، هو أمر عادي ومسموح. نسيت المخابرات حالة مهمّة ، أن تركّب طربوش الكورونا والأميكرون والآتي أيضا، الى حزب الله، هذا الحزب “جسمه لبّيس” طالما هو جاهز لقتال وتركيع اسرائيل والطّامة الكبرى ، في الحرب القريبة القادمة ، نهاية هذا الكيان على أيدي جماعة حزب الله …!؟ ماذا ستفعل المخابرات قبل وبعد الحرب؟ لكن سؤالا عابرا يتبادر الى الذهن وتحديدا في البيئة الشيعية المأجورة في مجتمعاتها المدنية وجمعياتها المشبوهة :هل يجرؤ أحدكم ، التطاول على غير حزب الله؟ هل يجرؤ أحدكم أن يتحدّى نائبا أو وزيرا شيعيا في حركة أمل مثلاً ونحن لا نشجّع ، كما تطاول أحدهم على مراكز التواصل ، أنه تحدّى نائبا لهذا الحزب مكرّرا سؤاله له أكثر من مرّة .أتحدّاك أن تفعل كذا وكذا ؟ غريب… لو قرأنا تاريخ المتحدّي ، نعرف أنه كان يعمل سابقا في مكاتب أحد أبطال ١٧ أيار وتحت وصاية أميركية واسرائيلية لصاحب هذا المكتب .اذن ، هو من يكون ولمن يتبع الآن ؟ عيب …اعرفوا أحجامكم.
في موقف آخر ، يطلّ علينا أحدهم ، عبر إحدى الشاشات المرئية لِيُحمّل سماحة الأمين العام مسؤولية أيّ حادث يتعرّض له منزله ولو من جماعات لا علاقة لها بحزب الله . ألم نقل لكم ان التهم جاهزة ويعملون على تركيبها مهما كان حجمها، والمدهش ، اننا كنّا نرى في هذا الوجه علامة صادقة لتأريخ إمام غلبه الزمن وخانه الناس …!؟ وقد تبيّن أن هذا الرجل ، قصير النظر وفاقد للبصيرة بإعطائه الضوء الأخضر لجهاز مخابرات معادي ليقوم بالإعتداء على منزله وتلفّق التهمة لأشرف الناس.
وفي ردّ على سؤال قد يتبادر لذهن القاريء ، وحتى لا يقال لنا هل تجرؤ على انتقاد حزب الله في موضع يجوز فيه النقد ؟ الجواب ، حتما وأحتفظ بكامل احترامي لهم ولا أقول عدم القطيعة ، إنما، لا أسمح لنفسي أن أفكّر يوما بالهجر لما قدّموه لي كعامليّ عانى من وجود اسرائيل… علما أن لا بدّ من الاعتراف ، ان الاعلام اللبناني المتصهين ، نجح الى حدّ ما وفي هذه الظروف الصعبة والمفروضة على الناس ، نجح وحقّق بعضا من أهدافها ، تمكن هذا الاعلام من تكوين فجوة بين حزب الله وجمهوره ، خاصة أن هذه الحرب الغير معلنة والتي يفهم كل العالم ، أسبابها وأهدافها ، أهمها تفريغ البيئة الحاضنة للحزب والمقاومة من كل مقومات الحياة المعيشية وقد ساعدت في ذلك أخطاء وأسباب ، لم يعمل المسؤولون في الحزب على حصرها ومعالجتها منذ البدء حتى اضطرّت القيادة الى ضرب قانون قيصر واختراقه.
أهم الأسباب التي ساعدت وهي محل نقد واضح من قبلنا والآخرين وقد نكون على خطأ أو في المكان الصح ، لكن من واجبنا أن نشير اليها لتلافي النقص اذا وُجِد.
١- ضعف الاعلام المقاوم وعدم تبنّي سياسة قادرة على مواجهة الاعلام المتصهين ، خوفامن الوصول الى نقطة اللاعودة وتبنّي التقيّة في الرد.
٢- عمل بعض الجهات في حزب الله على الاهتمام بالبيىة الأساسية وتهميش العامة والبيىئة الحاضنة في الأمور الاجتماعية والإقتصادية.
٣ – الموقف الصعب لتبنّي الحزب ، محاربة الفساد والبدء من المكان الخطأ وتأمين حاضنة مذهبية للملف الأول وعدم البدء بمحاسبةالذات ولو من داخل الثنائي.
٤- التسليم بنزاهة القضاء المختص
٥- تبنّي الشيء ونقيضه في فرض عدم محاسبةالناهبين والفاسدين.
٦- خديعة مظاهرة الطينة ودفع الثمن.
٧- تعاطي أحد المسؤولين بلغة الأمر مع الناس وهذه ليست من شيم القيادة.
هذه رؤيا خاصة . قد نصيب وقد نخطيء . ان أصبنا، ننتظر المعالجة ومصارحة الناس ، وان أخطأنا ، لنا أجر واحد ونسأل الله أن ننجو من مخططات كارثية لم تظهر بعد…!؟
بيروت في: ١١-١-٢٠٢٢
الكاتب : حسيب قانصوه