الرئيسية - مقالات وقصائد - الحرب العبثيٌة….. بقلم الكاتب حسيب قانصو

الحرب العبثيٌة….. بقلم الكاتب حسيب قانصو


قد يظن البعض أن الحرب العبثية التي تحدٌث عنها معالي وزير الأعلام الأستاذ جورج قرداحي ، وان كان يومها ، يقصد حرب الخليج على اليمن والسعودية حصرا. لكنها في الواقع ليست كذلك وان كان جواب الوزير المستقيل ، صحيحا، كجواب على حجم السوءال.
الحرب العبثية ، لم تبدأ كما يتصوٌر البعض منذ مايزيد عن السبعة سنوات ، أي منذ ما بدأت الحرب الصهيو-وهابية على اليمنيين. حرب اليمن وان كانت محطٌة رابعة أو خامسة للمشغٌِل الأساسي “حكومة العالم الخفيٌة” والصهيونية بامتياز في خضمٌ شتاء الدم العربي . الحرب العبثية هذه ، بدأت يوم أعلن صدٌام حسين حربا عراقية ضد الثورة الاسلامية في ايران والتي لم يتجاوز عمرها سنة واحدة، أي أن الحرب الكونية يومها، ضد الجمهورية الاسلامية وأن لم تعلن كذلك، بدأت في ٢٢ أيلول العام ١٩٨٠ وحتى شهر اَب للعام ١٩٨٨ وكان الهدف الأساس منها هو القضاء على الثورة الاسلامية خوفا من أن تتمدٌد وتصل الى ما وصلت اليه اليوم في ما يسمٌى ” محور المقاومة” وحتى لا تشكٌل هذه الثورة خطرا على أمن ووجود اسرائيل ويصبح الصراع الذي تجدٌد بقيام هذه الثورة ويأخذ بعدا جديدا في فهمه ، ليصبح حقيقة واقعة تخاف منه الصهيونية العالمية ، صراع وجود أو لا وجود بين حكومة العالم الخفية والاسلام المحمدي الأصيل المرتبط أصلا بحكومة العالم الاسلامية ال١٣.
فشلت هذه الحرب التي أرهقت الطرفين لمصلحة العدو الصهيوني عسكريا يومذاك. لكن المستفيد الأول منها، مادٌيا، وان لم تحقٌق أهدافها العسكرية الغير معلنة ، كان الأميركيون وكل معامل تصنيع السلاح في الغرب، أما الرهينة الأساس، كانت أنظمة الخليج التي تعهٌدت للسفٌاح العراقي بكل تكاليف الحرب مهما بلغت ، خوفا من تمدٌد الثورة اليها والأطاحة بأنظمتها.
لم تقف الثورة العبثية هنا، الهدف الأساس حقيقة عند الغرب أصبح هدفان، بعد أن كان في سبعينيٌات القرن الماضي واحدا:”الوصول الى منابع النفط في الخليج بأي ثمن”.
الهدف الثاني الذي أصبح الأساس المطلق ، للحفاظ على بقاء اسرائيل وأمنها ، هو القضاء على الثورة الاسلامية ومفاعيلها.
صدٌام حسين ، الذي كان يعمل مع الأميركيين منذ ماقبل العام ١٩٦٧ ، يوم كان جورج بوش الأب ، رئيسا لجهاز مخابرات الCIA أعطى صدٌام فرصة ذهبية لأسياده الأميركيين والغرب بدخولهم الى الخليج عبر بوٌابة دولة الكويت التي احتلٌها في الثاني من اَب العام ١٩٩٠ وبضوء أخضر أميركي من السفيرة الأميركية في بغداد “ابريل غلاسبي” التي كانت سعيدة جدا بسماع صدٌام أنه ينوي احتلال الكويت ، تماما كما كانت سعادة الرئيس نجيب ميقاتي عندما تسلٌم من الوزير قرداحي قرار استقالته…!؟
الحصاد الأول لزرع الثورة الأسلامية ، كان ولادة “حزب الله” في لبنان العام ١٩٨٢ ” المقاومة الاسلامية” بعد تغييب زَرْعِ ما قبل الثورة ” الامام السيد موسى الصدر” .
كانت المقاومة الاسلامية ، المشروع الأخطر والبالغ الخطورة على أمن ووجود اسرائيل ككيان غاصب.
كان لا بدٌ لأجهزة المخابرات الصهيو-أميركية خاصة في لندن وواشنطن ، من وضع خارطة طريق لحروب طويلة وهادفة وليست عبثيٌة ، الغاية منها ، عدم تمكين الجمهورية الاسلامية من أقامة جسر عبور وتواصل بينها وبين حزب الله في لبنان ، وهذا الوصل يحتاج لعبور اَمن ضمن خطٌ أو محور اَمن يبدأ من طهران مرورا ببغداد ، دمشق، وصولا الى بيروت ومنها الى فلسطين.
قبل قيام الثورة الاسلامية ، كان ملوك ورؤساء أنظمة الخليج ، يحجٌون في طهران الشاه وليس في مكٌة المكرٌمة . بعد قيام الثورة نجحت مخابرات الغرب واللوبي الصهيوني في تصوير الجمهورية الاسلامية ،أنها البعبع القادم لأبتلاع الخليج وأنها الدولة العدوٌة للعرب والمسلمين وللخليجيين تحديدا وليست اسرائيل “الصديق الغير مكشوف”.
ضمنت الولايات المتحدة ، الأعراب الى جانبها واجتاحت العراق العام ١٩٩١ بحرب كارثيٌة وبقيادة جورج بوش الأب وبحجٌة أن صدٌام ينوي أن يبتلع دول وأنظمة الخليج هربا من دفع مستحقات حربه مع الجمهورية الاسلامية.
عاصفة الصحراء كما أطلق عليها الاميركيون ، دمٌرت الحجر والبشر ولم يبق للعراق ،جيش أو سلاح أو أي مرفق اقتصادي وكانت البداية لحكم العالم من واشنطن والخليج يدفع فاتورة تكاليف الحرب حتى ولو تحرٌك جندي أميركي بحذائه من مكان جلوسه الى التواليت أو بالعكس ، كما فرضت أميركا على مملكة الوهابية الغاء أي اَية من القراَن الكريم تمسٌ أو تتعرٌض لأسرائيل أو الاسرائيليين والغاء تعليمها في اامدارس كافة ورعاة الجمال في المملكة الوهابية يأتمرون بأمر أسيادهم ويدفعون برضاهم فواتير مصانع السلاح للغرب.
سوريا التي أراد “حافظها” أن يبعد الكأس المرٌة عنها ، وافق برضاه أو مرغما ، على احتلال العراق وأن كان يعلم أن الكأس الذي شربت منه بغداد ، لا بدٌ وأن تشرب منه دمشق…!لعلٌ عامل الزمن ، يلعب دورا ايجابيا لمصلحة سوريا والعرب.
في بداية التسعينيٌات ، بدأت المقاومة الاسلامية في لبنان ، ب”لَيْ” ذراع جيش الدفاع الاسرائيلي الذي لا يقهر ، فكانت حرب تموز العام ١٩٩٣ والذروة في تركيع جيش الاحتلال ،كان في تفاهم نيسان العام ١٩٩٦ الذي فرض توازن الرعب مع العدو.
بدأت طلائع حزب الله في العراق ، وحوٌلت المقاومة العراقية ، حرب عاصفة الصحراء ، الهادفة ، الى حرب عبثيٌة ، لم يحصد منها الأميركيون ، سوى الخيبة في تحقيق الأهداف المرسومة.
وفي لعب دور سرٌي بالغ الخطورة ، الهدف منه اجبار واشنطن على شنٌ حروب دائمة على الجيوش العربية المحيطة بالكيان الغاصب ، قامت مجموعة من القاعدة وبالأتفاق مع اامخابرات الأسرائيلية “الموساد” في الحادي عشر من شهر أيلول للعام ٢٠٠١ بتدمير مبنى البرجين في الولايات المتحدة الأميركية وحقٌق الهدم اهدافه ، اذ عاود جورج بوش الابن ، بشنٌ حرب جديدة على العراق في ١٩ اَذار العام ٢٠٠٣ باعتبار أن العراق يملك سلاحا نوويٌا للدمار الشامل ويشكل خطرا على اسرائيل والعالم . وكان الهدف الغير معلن ، لجورج بوش الابن ، بتر الأصبع ” الأبهام” الأساس في حركة اليد الكاملة . اذ لا حركة بلا الأبهام ولا وصول الى سلاح المقاومة في لبنان بغير احتلال العراق ومنه الى سوريا ومن سوريا الى عاصمة المقاومة …بيروت.
الى تأريخ كتابة هذه المقالة . لم تكن الحرب الثانية على العراق ، الاٌ حربا عبثيٌة . فهي لم تترك قائمة يقوم منها العراق والعراقيين ومع ذلك ، لم تحقٌق أميركا أو اسرائيل ومن يدور في فلكهما ، مكسبا واحدا في لجم حركة المقاومة الاسلامية وان أربكتها قليلا في الداخل في حراك مأجور وان حقٌقت هدفا عسكريا في اغتيال قادة كبارا من المقاومة ، فهم في الأصل ، مشاريع شهادة لم تقف المقاومة عند حدود اغتيالهم وتتابع عملها بخطى الواثق من نصر ألهيٌ جديد ومازالت حروب الاميركيين والصهاينة ، حروبا عبثيٌة …وبقيت العراق دربا مفتوحة …!
لا نريد التوغٌل في شتاء الدم العربي، الحرب الكونية على سوريا …بعد تحرير لبنان العام ٢٠٠٠ على يد المقاومة الاسلامية وتجاوز بعض الفتن الداخلية ومع كل الطاقات والجيوش والتنظيمات الأسلامية المصنٌعة على يد المخابرات الأميركية والانكليزية والأسرائيلية والوهٌابية ، بعددها وعديدها ومليارات صرفت ، كانت هذه الحرب فيها من الحقد والكراهية والكيديٌة والغباء والجهل ما يقابله من قدرة وحكمة وقوٌة وعزيمة الجمهورية الاسلامية في طهران والمقاومة الاسلامية في لبنان ، ونظافة الموقف ، للرئيس السوري بشٌار الأسد ، أعطى هذا المثلٌث المدعوم ببركة ، لا أله الاٌ الله ، قدرة أقوى على القتال والمواجهة وتحقيق النصر على أعتى جيوش العالم بقرار قال فيه أمين المقاومة والمؤتمن على استرجاع القدس وسيد كامل محور المقاومة “سنكون حيث يجب أن نكون” وتحوٌلت الحرب الهادفة على سوريا الى حرب عبثيٌة لم تحقٌق أي انتصار في خاصرة المقاومة وان لجأت اميركا الى الأسلوب الجبان باغتيال القادة ،سليماني والمهندس ، بل ان المقاومة حققت نصرا أكبر وفرضت على البيت الأبيض كسر الحصار على سوريا ولبنان وجعلت من قانون قيصر ، قانون المازوت الأيراني يخترق جسر العبور في بحر مفتوح قالها بالفم الملاَن :” عندما تبحر السفينة في المحيط محمٌلة بالمازوت الايراني ، تصبح السفينة أرضا لبنانية وأي اعتداء على السفينة هو اعتداء مباشر على لبنان”.
هنا موقف ولغة التحدٌي من المنتصر ، لغة حوٌلت قانون قيصر الى قانون “عبثي” وقفت بعده “شيا” السفيرة العجوز في لبنان على عتبة القصر الجمهوري ، طالبة الكهرباء والغاز للبنان من الأردن عبر الأراضي السورية المحاصرة أصلا …أي انحناءة وعبثيٌة هذه…!؟
قرداحي والحرب العبثية :
ما لم يكن في الحسبان اليمني ، بعد الحراك الوطني هناك، أن تأخذ مملكة المنشار على عاتقها، استئصال جماعة الوعد ” الألهي” الحوثيٌون” من أرض اليمن ولتعمل على الالتزام بنصيحة ، المجرم الوهٌابي الأول والمتنازل عن ملك أبيه في فلسطين بوثيقة بخط يده مقابل ان يحكم الجزيرة العربية.” راجع كتاب الوهابية جرثومة التاريخ للكاتب” وكان الالتزام بالنصيحة حربا فوقيٌة ، حاقدة، كيدية، ليست بالمنشار هذه المرٌة ، بل بكل ماجمعته ترسانة السعودية والأمارات من أسلحة دمار حقيقية ،على مدى سنوات سبع لم تتمكٌن ولن تتمكٌن هذه المنظومة الوهابية أن تحصل على بصمة اعتراف بالنصر في أي موقع يمني ولو من حذاء طفل او طفلة يمنية فقدت كل مقوٌمات العيس والحياة لتموت يمنيٌة حرٌة على دين محمد بن عبد الله”ص” وليس على دين محمد بن عبد الوهاب، الضابط الصهيوني ، شبيه البغدادي في زمن مقاومتنا . فكيف لهذه الوهابية أن تتوقٌع انتزاع بصمة اعتراف من عزيز اليمن ” السيد عبد الملك الحوثي” وستبقى حربها في اليمن ، حربا عبثية بامتياز وان لم توقف القتل والدمار ولتنتظر وصول الجيش واللجان الشعبية الى مكٌة والمقاومة الاسلامية الى القدس …!؟
مازالت الحروب في دياركم وستبقى عبثيٌة.
بقلم الكاتب:حسيب قانصوه.

بيروت في :٥-١٢-٢٠٢١