الرئيسية - مقالات وقصائد - صد المؤامرات الامريكية، الحقبة الإبراهيمية ومؤشرات ارمجدون… بقلم الباحث علي عباس حمية

صد المؤامرات الامريكية، الحقبة الإبراهيمية ومؤشرات ارمجدون… بقلم الباحث علي عباس حمية


.

لقد سبق وذكرت في كتابي الاخير “صد المؤامرات الكبرى” عن مسار لحرب النبؤات التوراتية “ارمجدون” التي تعتقد به كافة الدول الانجلوسكسونية وبالاخص امريكا بوجوب الاستعداد لها والتي تتجلى صورها وبوادرها القديمة الجديدة، الذي بدأ من خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، والانسحاب الامريكي الموهوم من افغانستان والتخلي عن الدول الاوروبية هناك والاستخفاف بها وعدم اخبارها بدقة توقيت الانسحاب، وصراع صفقة الغواصات التي تعمل بالوقود النووي الى استراليا التي ابرمت مع امريكا وبريطانية بعد ان الغت استراليا العقد الموقع مع فرنسا، وكأن أوروبا تنقسم او نفسها، ومن ثم قمة منظمة شنغهاي التي اصبحت ايران عضوا اساسيا بها بعد ان كانت لغاية اليوم عضوا مراقبا.

في عام ٢٠٠١ اعلن الرئيس الامريكي حينها جورج بوش الابن وقبل احداث ١١ سبتمبر عن وجوب الاستعداد للحرب الالهية الكبرى بين محور الخير وفق قوله ويضم الولايات المتحدة الامريكية، اسرائيل، كندا، بريطانية وبعض حلفائها الاوروبيين، واستراليا، وبعض دول الخليج العربي وعلى رأسهم الامارات العربية المتحدة، وذلك ضد محور الشر حسب زعمه المؤلف من روسيا، ايران، العراق، سوريا ولبنان، وتنضم اليه لاحقا مصر، تركيا، قطر، الكويت، وكافة الدول العربية مع بعض دول الاوروبية الكاثوليكية والأرثوذكسية وبدعم مطلق من الصين.

يقول جورج بوش الابن انه وفق النبؤات التوراتية سوف تكون المعركة الكبرى والاخيرة”ارمجدون” في مرج جزرائيل بين الجليل والجولان وجنوب لبنان، وفق قولهم بين جيش الشر بقيادة روسيا وايران وجيش الخير بقيادة امريكا واسرائيل. وهم يجمعون معظم الجيوش الامريكية في الاردن مساندة لجيش العدو الاسرائيلي ودعم بعض دول الخليج العربي استعدادا لتلك الحرب.

طبعا امريكا اصبحت في ورطة التردد وتغيير الاولويات بعد ان فشلت معظم مخططاتها في المنطقة على يد ايران وحلفائها ولم تعد تحتمل الاستنزاف الاقتصادي الذي تسببت به تلك الحروب للدفاع عن ثوابتها الاستراتيجية في المنطقة بدأ من حربها في افغانستان ثم العراق ثم العدوان الاسرائيلي عام ٢٠٠٦ على لبنان الى الفوضى الخلاقة والشرق الاوسط الجديد واختلاق ثورات الربيع العربي بابتداع المنظمات الارهابية مثل داعش والنصرة وغيرها، كما وعدم التمكن من السيطرة التامة على صادرات النفط من الخليج ومن ثم فشلها بإبطال البرنامج النووي الايراني الذي اصبح خارج نطاق التحدي الامريكي، والان الجمهورية الاسلامية في ايران مع محورها الاقليمي وبالاخص المقاومة وحزب الله في لبنان وقد كسروا حصار جيش امريكا الجبار مرسلين الناقلات النفطية من ايران الى لبنان متخطية الاسطول الخامس الامريكي في الخليج الى قناة السويس وصولا الى سورية العروبة مرورا من امام اعين العدو الاسرائيل دون ان يتجرأ احد على لمسها. مهما قامت امريكا واسرائيل بمخطط ومؤامرات مع مساعي داخلية لهم من قبل العملاء والمستخدمين والاجراء فإن النصر بالنهاية للحق الذي يلزمه قوة تفرضه وتحميه.

وعليه، بالعودة الى المحور الانجلوسكسوني فإن المعالم واضحة تماما استعدادا لافراغ الصين وجعلها تجلس على طاولة المفاوضات الاقتصادية واعطاءها دور الدرجة الثاني والا التلويح بالحرب التأديبية عليها لارغامها على ذلك، وقد بدأت التهديدات واضحة جدا وهي تقترب من افتعال الحرب الضرورة وقبل الانتخابات الامريكية المقبلة عام ٢٠٢٣ والا فإن امريكا ذاهبة في كل الاحوال الى دول الدرجة الثانية اقتصاديا، وعندما تقصر يد الاقتصاد فإن يد القوة العسكر ية تضمر وتقصر.
وعليه، وبالرغم من تطويق الصين عسكريا في بحر الصين من قبل الاسطول السابع الامريكي والذي يضم حاليا ثلثي البحرية الامريكي، ووجود ٤٨ الف جندي امريكي في كوريا الجنوبية والسماح مؤخرا لليابان باعادة تأهيل جيشها بما يلزم بعد ان كان ممنوع عليها اطلاق اسم جيش على قواتها العسكرية “كانت تسمى قوات الدفاع” ومع تحريك هونكونغ للاستقلال، وتقوية تايوان عسكريا اكثر فأكثر ومؤخرا الهبة الامريكية البريطانية لاوسنراليا من الغواصات النووية لحين تصنيع غواصات جديدة تعمل بالوقود النووي، الا ان بداية شرارة الحرب ستبدأ وبإسم حقوق الانسان من افغانستان لمساندة الايغور الصينيين المسلمين، وعليه، فإن اول وقود الحرب الامريكية على الصين قد بدأت من لحظة اعلان الانسحاب الامريكي المزعوم والوهمي من افغانستان….

علي عباس حمية
كاتب وباحث في الشؤون الإستراتيجية
مدير قسم الدراسات الاستراتيجية والجيوسياسية /مركز عاملة