محمد البندر : رئيس مركز عاملة للدراسات والإعلام والتوثيق
اذا أردت أن تقوض بلدا ما، إجعل نظام حكمه ثلاثي الرؤوس…
نظام الرأس الواحد هو نظام عصيّ وقوي ومتماسك، قراره واحد غير منافس، هذا النوع من الأنظمة يبني أوطانا ومؤسسات يحسب لها الف حساب حتى لو كان نظامها ديكتاتوريا، لنأخذ مثلا كوريا الشمالية الآن ، أو العراق إبان حكم صدام حسين.
الديكتاتورية في مجتمعاتنا الشرقية هي الحكم الناجع للشعوب ، حيث أثبتت السنوات والقرون السالفة أننا فئة من همج البشر تشرّبنا سياسة القطيع، لا ينفع بنا إلا الحكم بالقوة حتى في تفاصيل حياتنا اليومية.
نحن شعوب لا تلتزم بقانون، شعوب تحب التسلط والسطو على الغير، شعوب لا تحترم نفسها ولا تقرأ كتابا، شعوب مثقفوها قشوريون، غرائزيون، سطحيون، بل واقعا هم في أدنى مستويات الشعوب المتخلفة.
كل هذا برأيي مردّه إلى سببين وأمرين:
أولا : إن الشعوب العربية متشربة منذ القدم أفكارا بالية وجافة وحتى جينات بدائية لم تتغير على الرغم من الكثير من محاولات التمدن والتحضر والعصرنة.
هذا الأمر أساسه الأول هو التربية الأسرية ، لنرى مدى أهمية التربية على سلوك وميول الأفراد وهذا ما ينعكس أيضا على المزاج الاجتماعي العام.
الأسرة العربية هي مؤسسة قمعية ديكتاتورية، قائمة على سلطة أبوية ذكورية غير قابلة للجدال أو النقاش، وفي بعض الحالات الشاذة نجد سلطة أنثوية مسترجلة أيضا قمعية، في ظل غياب شبه تام لقرارات جانبية أو ثانوية.
هذا الأمر ينسحب على مفهوم المواطنة بشكل عام، حيث يبحث العقل العربي بشكل تلقائي ولاواعي على ديكتاتور آخر ليوجهه ويصدر القرارات لأنه تعوّد من الطفولة تنفيذَ الأحكام الصادرة وليس المشاركة في صناعة قرارها.
ثانيا: إن طبيعة البشر عدوانية إنْ لم تجد رادعا أو مانعا…
هي طبيعة تخريبية وهذا ما كشفته إحدى عالمات الإجتماع عبر دراسة وتجربة حية أجرتها بنفسها. حيث وقفت عارية لمدة ست ساعات دون أي حراك، فما كان من المارين إلا أن أبدوا استهجانهم بداية، ثم اقتربوا منها بعد فترة وجيزة، وصولا إلى مرحلة اللمس والاقتراب أكثر ، وعندما وجدوا عدمية المقاومة والمنع والصد، حاول البعض اغتصابها أمام الجميع، ولكنها عندما انتفضت وتحركت من مكانها تراجع الجميع إلى الخلف.
هكذا هي حال الطبيعة البشرية العدوانية عندما لا تجد رادعا ومقاومة ما، وهذا هو حال شعوبنا العربية المفطورة على الذل والإنبطاح والسادية، إلا من رحم ربي.
خلاصة القول هي إننا بحاجة في كل كيان ودولة إلى صدام حسين ليعيد ترتيب الأمور ولجم القطعان الهمجية وإعادة ضبط الإيقاع المؤسساتي بامتياز.