اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان لبنان “يجدّد التزامه بالعمل على تحقيق الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة بحلول العام 2030، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها حتى نصل جميعاً إلى عالم أفضل لنا وللأجيال القادمة.”
ولفت الرئيس عون الى ان لبنان تعرّض لهزّات متلاحقة، من ازمة النزوح السوري، الى وباء كورونا، وفاجعة الانفجار في مرفأ بيروت، وما خلّفته من خسائر بشرية ومادية جسيمة.
واذ توجه بالشكر للدول التي هبّت لمساعدة لبنان، مشدداً على وجوب إيصال المساعدات الى مستحقيها وإصلاح المنازل المتضررة وإعادة اعمار المرفأ، أوضح رئيس الجمهورية ان لبنان ” يحتاج بشكل كبير للمزيد من دعم المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة لمساعدته على تخطي هذه الظروف الطارئة، من خلال عمل موجّه وتعاون وثيق في ما بينها ومع الجهات الحكومية، وبرمجة المساعدات الانسانية لتأمين الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، والدفع باتجاه تحقيق التنمية المستدامة المرجوة، لمعالجة مشاكل الحاضر والاستعداد لمتطلبات المستقبل.”
مواقف الرئيس عون أتت خلال القائه كلمة لبنان، عبر الفيديو، عند الساعة الرابعة والنصف بعد ظهر اليوم (بتوقيت بيروت)، امام المؤتمر الدولي الثامن للتنمية المستدامة الذي دعا اليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، على مستوى رؤساء الدول وقادتها، لبحث السبل الكفيلة بتخطي تداعيات ونتائج وباء كورونا، وتحقيق الأهداف الموضوعة للتنمية المستدامة خلال هذا العقد من الزمن.
وفي ما يلي نص الكلمة التي القاها الرئيس عون:
“أصحاب السعادة،
أتوجه اليكم بالشكر على تنظيم هذا المؤتمر، وهو الأول ضمن خطة العمل على مسار العشر سنوات القادمة في سبيل تحقيق الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة بحلول العام 2030، هذه الأهداف التي تطمح اليها شعوبنا، والتي يجدّد لبنان التزامه بالعمل على تحقيقها رغم الظروف الصعبة التي يمر بها حتى نصل جميعاً إلى عالم أفضل لنا وللأجيال القادمة.
مما لا شك فيه، ان عالمنا اليوم يواجه تحديات كبيرة انعكست بشكل مباشر على جميع البلدان، وكان للبنان نصيب كبير منها، وهو الذي تعرّض لهزّات متلاحقة؛ من أزمة النزوح السوري الكثيف المستمرة منذ عشرة أعوام والتي فرضت علينا واقعاً تنموياً ضاغطاً حيث أصبح النازحون يشكلون قرابة ثلث سكان لبنان ، الى أزمة اقتصادية ومالية ونقدية حادة نتجت عن عقود من تراكم الفساد وسوء الإدارة.
وفي خضم مكافحتنا لوباء كوفيد 19، فُجع لبنان بانفجار مرفأ بيروت الذي ضرب قلب العاصمة وأسفر عن ضحايا بشرية وخسائر مادية كبيرة وآثار سلبية هائلة لن تتسبّب في تفاقم الانكماش في النشاط الاقتصادي فحسب، ولكنها ستؤدي أيضاً إلى تعاظم معدلات الفقر، التي كانت تبلغ 45% قبيل انفجار بيروت بحسب ما ورد في تقييم البنك الدولي والذي قدّر الأضرار المادية بحوالي 4.5 مليار دولار أميركي، والخسارة الاقتصادية بحوالي 3.5 مليار دولار، واحتياجات اعادة الاعمار بحوالي 2 مليار دولار.
واذ أغتنمها مناسبة لشكر الدول الشقيقة والصديقة والمؤسّسات الدولية التي هبّت مشكورة لمؤازرة لبنان وتقديم المساعدات الفورية والانسانية والمساهمة في لململة الجراح، فاني ألفت عنايتكم الكريمة الى ان كل هذه التحديات الضخمة التي يواجهها لبنان قد أثّرت على مسار تحديد الأولويات، وصار لزاماً علينا:
أولاً: العمل على الاستجابة السريعة لمعالجة الأزمات الأكثر إلحاحاً، وذلك من ضمن المبدأ الذي دعت اليه أجندة الأمم المتحدة والمتمثل بـ “عدم ترك أحد في الخلف”، أي إيصال المساعدات إلى الفئات الأكثر عوزاً وفقراً والى الشرائح المهمشة والمتضررة.
ثانياً: اصلاح ما يقارب 200 ألف وحدة سكنية لحقها الضرر ومنها دمرت بالكامل ، ونتج عن ذلك نزوح 300 ألف مواطن، خصوصاً ونحن على أبواب فصل الشتاء.
ثالثاً: اعادة اعمار مرفأ بيروت، الشريان الحيوي للاقتصاد اللبناني، ومعالجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بكل القطاعات: الصحة، التعليم، الغذاء، البناء، السياحة…
أيها السيّدات والسادة،
يقف لبنان اليوم على مفترق طرق مصيري بين طموحه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة خلال العشرية القادمة وبين ما يعانيه من أزمات اقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية. وهو يحتاج بشكل كبير للمزيد من دعم المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة لمساعدته على تخطي هذه الظروف الطارئة، من خلال عمل موجّه وتعاون وثيق فيما بينها ومع الجهات الحكومية، وبرمجة المساعدات الانسانية لتأمين الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، والدفع باتجاه تحقيق التنمية المستدامة المرجوة، لمعالجة مشاكل الحاضر والاستعداد لمتطلبات المستقبل.
وشكرا لكم”.