دعا النائب نهاد المشنوق الدولة إلى “تحمّل الخسائر بدلاّ من المودعين، وإلى رفع الرواتب والأجور 40 % على مدةّ 4 سنوات لـ320 ألف موظف في القطاع العام، ومن بينهم الأجهزة العسكرية والأمنية.. وإلا فتوقّعوا فوضى أهلية وأمنية، وأنا أتحدث من خبرتي كوزير سابق للداخلية”. وسأل: “كيف سيقوم هؤلاء بواجباتهم بعد ما وصلت رواتبهم إلى الحدّ الأدنى للأجور ووصل الحد الأدنى للأجور إلى 168 دولاراً فقط؟”. وأضاف: “سلسلة الرتب والرواتب التي بدأت بـ800 مليون دولار انتهت إلى كلفة سنوية تقارب 3 مليار دولار، وهذه السلسلة لم يبقَ منها شيء، وأنا صوّتت ضدّها”.
المشنوق كان يتحدّث أمام لجنة المال والموازنة، التي حضرها بعد ظهر الأربعاء، حيث اعتبر أنّ “توزيع الخسائر بحسب خطّة الحكومة يقوم على تحميل المودع والمصارف وأخيراً الدولة المسؤولية، وهذا توزيع غير عادل ولا يؤدي إلى أيّ انتعاش اقتصادي أو مالي”.
كما دعا المشنوق إلى “رفع الجمارك وإلغائها، لأنّ التهريب لن يتوقف، ليس فقط على المعابر العسكرية غير الشرعية”، وأضاف: “لو عمل قديسون في الجمارك فلن يتحسّن الدخل، بسبب وجود مرافىء في سوريا لم ولن تُغلق، وستستمرّ في إغراق السوق اللبناني بالبضائع المهرّبة”.
وكشف المشنوق عن “وجود مكاتب في اسطنبول وبكين وشنغهاي وغيرها من المدن، توصل مستوعبات البضائع إلى منزل التاجر اللبناني مقابل مبلغ مقطوع”، وأكمل: “وفق الظروف الحالية فلا قدرة للدولة على ضبط التهريب قبل سنوات طويلة، وبالتالي لا حلّ إلاّ بإلغاء تدريجي للجمارك، باستثناء ما يحمي الصناعة الوطنية، والأخيرة تحتاج وقتاً لتتكيّف مع حاجات اللبنانيين بعد انخفاض الاستيراد الكمّي والنوعي، ويتزامن إلغاء الجمارك مع زيادة الضريبة على القيمة المضافة TVA بنسبة 1 % كلّ ثلاثة أشهر لتصل إلى 20 %”.
واستغرب المشنوق “عدم تعيين هيئة ناظمة مستقلّة لقطاع الكهرباء، ومجلس إدارة، في حين نعرف أنّ الشرط الأوّل للمانحين في “سيدر” وصندوق النقد الدولي وغيرها، هو ملفّ كهرباء لبنان. وتأتي خطة الحكومة بلا أيّ ذكر للهيئة أو مجلس الإدارة. فماذا تنتظرون أن يكون ردّ فعل المؤسسات الدولية؟”.
وسأل المشنوق: “أين هي جريمة المصارف؟ هل جريمتها أنّها استثمرت في سندات الخزينة؟ ولماذا نعاقب الذين أودعوا أموالهم في لبنان وأتوا بها إلى المصارف اللبنانية في وقت كان تصنيف لبنان يتراجع بشكل شبه أسبوعي وفق تصنيفات المؤسسات الدولية؟”. وأضاف: “المودعون قد غامروا بإحضار ودائعهم إلى مصارف لبنان في وقت كانت جمهورية مصر العربية التي تملك اقتصاداً ضخماً وقطاعاً صناعياً كبيراً تعطي المودعين فوائد 19 % على الجنيه المصري، وكانت تركيا الدولة الصناعية والزراعية الكبرى تعطي فوائد 24 %. وخلال 3 سنوات نهض الجنية المصري من 19 إلى 15 جنيه أمام الدولار. وتركيا لم تشهد انهياراً كما لبنان، كما أنّ الدول التي تصنيفها قريب من تصنيف لبنان مثل فنزويلا والأرجنتين، تدفع فوائد تصل إلى 40 %”.
واعتبر المشنوق أنّ “لبنان يريد أن يعاقب المودع بفوائد وديعته وبوديعته نفسها باعتبار أنّ هذا يفتح الباب أمام مستثمرين جدد. فأي منطق هذا؟. في حين أنّ الدولة هي المسؤولة الأولى على الخسائر و 70 % من خسائر البنك المركزي صرفتها الدولة”. وأثنى على شرح وزير المالية للخطة الحكومية: “الجوّ هنا بدا مؤاتياً له أكثر في بعبدا، لأنّه شرح بطريقة مرتاحة وفتح أبواب جديدة ونوافذ لتعديلات يمكن أن تتم بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي”.
وأكّد المشنوق أنّه “رغم كلّ الاعتراضات على سعر صرف الليرة الذي تمّ تثبيته عام 96، إلاّ أنّ هذا التثبيت أدّى في حينه إلى خسائر محدودة أمام إنجاز كبير هو خلق طبقة وسطى كانت الحرب الأهلية في لبنان قد قضت عليها. وهذه الطبقة هي التي تدفع الثمن الآن إلى جانب الفقراء الذين يزدادون فقراً والمعدمين الذين باتوا تحت خط الفقر بأشواط”.
وعن الحديث عن صندوق سيادي يمكن أن يعوّض خسائر المودعين في المصارف، سأل المشنوق: “لكن من سيدير هذا الصندوق؟ هل هي الطبقة السياسية نفسها الموجودة الآن وأنا منها؟”، داعياً أن “يديره لبنانيون بإشراف مباشر لصندوق النقد الدولي”، وإلى أنّ “تبقى الدولة مديونة للبنك المركزي ولتسدّ هي الجزء الأكبر من الخسائر. أما سندات اليوروبوند وسندات الخزينة التي بالليرة فيمكن تأجيل دفعها إلى 10 سنوات مع الحد الأدنى من الفوائد”.
وختم المشنوق: “هذا البلد محجور سياسياً بسبب سياساته المنحازة كلياً إلى محور واحد. وبالتالي يجب أن تعرف الحكومة أنّ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ستأخذ وقتاً طويلاً وليس أقلّ من سنة، ومن الآن إلى حينه لا أحد يعرف أين سيكون لبنان