كتبت إيفا أبي حيدر في صحيفة “الجمهورية” تحت عنوان “تنفيذ خطة تحرير الودائع الصغيرة: 4 أسعار للدولار في اليوم الأول”: ” بعد دخول المصارف اللبنانية على خط تسعير الدولار لصغار المودعين، بات لدينا 4 تسعيرات للدولار. سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة المعتمد في المصارف، سعر صرف 2600 ليرة المُسَعّر من قبل المصارف لصغار المودعين، سعر صرف لدى الصرّافين المرخّصين 2800 ليرة مقابل الدولار، وسعر لدى الصرافين غير المرخّصين او السوق السوداء 2900 ليرة.
كشف مصدر في مصرف لبنان أمس لـ”رويترز” أنّ المصارف اللبنانية ستطبّق سعر صرف يبلغ 2600 ليرة للدولار على عمليات السحب من الحسابات الصغيرة، والتي حددها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تعميم أصدره يوم الجمعة الماضي بـ5 ملايين ليرة لبنانية و3 آلاف دولار، على انّ هذا السعر قابل للتغيير على أساس أسبوعي وقد تقرّر هذا الأسبوع عند 2600 ليرة.
ومع هذه التسعيرة، يصبح لدينا 4 تسعيرات لسعر صرف الليرة. والسؤال، ما هي القيمة الحقيقية لليرة؟ ولماذا لا يزال البنك المركزي متمسّكاً بسعر الصرف الرسمي 1515؟
في هذا السياق، يقول الاستشاري والخبير المالي مايك عازار انّ السعر الحقيقي لليرة اللبنانية في السوق هو المُعتمد من قبل الصرافين والذي يتراوح بين 2750 و2850 وعلى هذا الاساس ارتضى الناس شراء الدولار وبيعه، أمّا السؤال البديهي المطروح اليوم على أي أساس قامت المصارف بتسعير الدولار على 2600 ليرة مقابل الدولار؟ وعندما سيكشفون عن المعايير التي اعتمدت وأفضَت الى هذه التسعيرة يمكن عندها وضع الملاحظات.
أمّا عن القيمة الحقيقية لليرة اللبنانية، فأوضح عازار انه من غير الممكن معرفة ذلك كما لا يمكن تقدير سعر صَرف أي عملة، إنما فرض المصارف قيوداً على سحب الودائع هو العامل الاساسي المؤثر في سعر العملة. ففي حال ألغت المصارف القيود وسمحت للمودعين بسحب أموالهم من دون أي قيد او شرط، فإنّ هذا السعر سيتغير حُكماً. وفي الوقت الراهن التقدير الأقرب لسعر الصرف هو السعر المعمول به في السوق الموازي أي نحو 2850 ليرة.
لكن هل سحب الاموال اليوم من المصارف على أساس سعر 2600 ليرة هو التسعيرة الافضل؟ يؤكد عازار انه لا يمكن التكهّن بشيء في هذا الخصوص، فلا أحد يعلم ما سيكون عليه سعر الدولار بعد شهر من الآن، لكنه اشار انّ عاملين اثنين يساهمان في خفض سعر الدولار مقابل الليرة: ان يتم ضَخ الدولارات بشكل أكبر في السوق او ان يزيد الطلب على العملة اللبنانية، وحتى الآن لا يبدو انّ أيّاً من هذين العاملين سيتحقق.
التأثير على الكتلة النقدية
وبالنسبة الى تعميم مصرف لبنان الأخير، والذي سمح بموجبه بتحرير ودائع صغار المودعين التي تقل عن 5 ملايين ليرة او 3000 دولار، قال عازار: قلة قليلة من المودعين سيستفيدون من هذا التعميم لأنه قبل سحب الوديعة يجب حسم قيمة القرض للفرد، (اذا كان لديه)، عدا عن انّ هذا التعميم وفق الرصيد المحدّد يتبيّن انه موجّه في غالبيته لحسابات الرواتب، لذا لا يجب ان نعتبر هذا التعميم كجزء من خطة الدولة لحل مشكلة المودعين مع المصارف. لكن هناك اسئلة عدة تدور عن المعايير التي اعتمدت لتحديد صغار المودعين، ولماذا تمّ اختيار حجم الايداعات حتى تاريخ صدور التعميم في 3 نيسان؟ وما سيكون تأثير هذا التعميم على سعر صرف الليرة؟ وعلى أيّ اساس ستحدّد المصارف سعر الصرف؟ ففي الواقع، لا يجوز اصدار تعميم يتعلّق بمليون و 700 الف حساب من دون إعطاء اي تفاصيل عن طريقة عمله؟ وكيف تم التوصّل اليه؟ وما اذا كان هو جزء من الخطة الاقتصادية التي تعدّها الدولة؟ وهل كانت الحكومة على عِلم به؟ انّ التعمّق في هذه الاسئلة يدل على وجود «تَخبيص» كبير بالقرارات، ونحن في وضع غير طبيعي فلا تجوز المجازفة.
ورداً على سؤال عن تأثير هذا التعميم على الكتلة النقدية، قال: ما من رقم محدّد للاشخاص الذين سيستفيدون من هذا التعميم إنما اذا أقدمَ مليون و700 الف مودع على سحب اموالهم ضمن الآلية الموضوعة فهذا يعني انه سيكون هناك ألف مليار ليرة عملة اضافية في يد اللبنانيين ستضخّ في السوق (هذه الارقام هي بعد احتساب الدولار على 2850 ليرة، إنما مع احتساب المصارف سعر الدولاربـ2600 ليرة فمن المرجّح ان تكون الارقام أقل بقليل). والسؤال المطروح هنا: هل سيستعمل صغار المودعين هذه الاموال لشراء الدولار او للانفاق؟ على الارجح، وبما انّ الأرصدة المَسموح سحبها صغيرة (5 ملايين و3000 دولار) فإنها ستستعمل في جزء كبير منها للانفاق، وليس لشراء الدولار”.