لقد بات وشيكا اليوم الذي قد تعلن فيه المستشفيات الخاصة في لبنان توقفها عن استقبال المرضى واجراء العمليات الجراحية بكافة مستوياتها ؟ ..
هذا القطاع الذي تغنى به لبنان منذ زمن وكان مستشفى العرب والعديد من الدول الاسلامية على مدى عقود مضت ويضاهي في خدماته الطبية والصحية والاستشفائية اعرق المستشفيات في الدول الراقية … هذا القطاع مهدد هذه الايام بالانهيار والتوقف القسري عن العمل .
منذ نحو ستة اشهر رفعت ادارات المستشفيات الخاصة في لبنان الصوت عاليا ودقت اول جرس انذار ووضعت المسؤولين الرسميين المعنيين والهيئات المهتمة باوضاع تلك المستشفيات لجهة النقص الحاد في المستلزمات الطبية المطلوبة وحذرت في حينه من تدهور اوضاعها نحو الاسوأ .
ومنذ ذاك الحين وحتى اليوم وبالرغم من وجود حكومة جديدة.. لم يبادر اي مسؤول رسمي على اي مستوى الى وضع خطة جدية وسريعة لانقاذ الوضع الصحي في لبنان ومنعه من الانهيار ووقف انحدار هذا القطاع الهام المعني اولا واخيرا بصحة وطبابة الشعب اللبناني وكافة المقيمين فوق الاراضي اللبنانية .
ومما لاشك فيه ان عدة اجتماعات عقدت بين وزير الصحة في الحكومة السابقة ووفد من نقابة المستشفيات الخاصة واتخذت في حينه قرارات لتجنيب هذا القطاع الوقوع والانهيار الكارثي .. الا انها بقيت حبرا على ورق ولم ينفذ منها شيئا .. لا في حينه ولا حاليا .
وكما بات معلوما فإن الأوضاع المالية المتعلقة بالدولار ومطالبة الشركات الموردة سداد قيمة المستلزمات نقداً وبالدولار الاميركي او ما يوازيه بالليرة اللبنانية وفق السعر الرائج لدى الصرافين… اي بزيادة تجاوزت نسبتها 60 % من قيمة الليرة اللبنانية .. قد اثّرت بشكل سلبي للغاية على القطاع الاستشفائي وانعكست شحا في استيراد المواد والادوات والمستلزمات الطبية الاساسية من الخارج لان معظم المستشفيات لا تملك القدرة على تامين المبالغ نقدا لا بالدولار ولا بالليرة اللبنانية مع فارق الاسعار ..
اضافة الى ان المصارف فرضت اجراءات وقيودا في التحويلات الى الخارج طالت المستوردين .. وهذا الامر لم تعد تقدرعلى تامينه معظم الشركات .
هذا الوضع انعكس على المستشفيات في لبنان مزيدا من الصعوبات التي بدات تظهر كالنقص الحاد في معظم المواد والمستلزمات الطبية المرتبطة بالعمليات الجراحية الصغيرة والكبيرة وهي متعلقة بصحة المريض وبالعناية به على جميع المستويا.
… مع العلم بان المستشفيات ما زالت حتى اليوم تؤمن طبابة واستشفاء الجهات الضامنة الرسمية، كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ووزارة الصحة، والطبابة العسكرية وقوى الامن الداخلي وتعاونية الموظفين وفق تعرفات الخدمات الاستشفائية المعمول بها منذ سنوات والتي بقيت على حالها بالرغم مما يتعرض له هذا القطاع واصبحت دون مستوى الكلفة .. عدا عن التأخير المزمن في تسديد مستحقات المستشفيات وعدم قدرة الدولة على تامينها بوتيرة أسرع.
وفي المحصلة فانّ العديد من المستشفيات باتت مهددة بالتوقف عن العمل بعد ان أصبحت عاجزة عن اجراء العمليات الجراحية (كما اسلفنا) بسبب عدم قدرتها على تامين المستلزمات الطبية باسعارها المرتفعة.. وبعد تراجع ان لم نقل توقف استيراد تلك المستلزمات من الخارج .
لقد بات تدخل الدولة ضروري للغاية لانقاذ هذا القطاع من الانهيار وتامين شروط ديمومة المستشفيات , لان الحرص على صحة المواطن وحقه في الطبابة يجب أن يوازيه في المقابل الحرص على ديمومة عمل المستشفيات وذلك من خلال وضع لائحة أسعار للمستلزمات الطبية بالليرة اللبنانية، ووضع لائحة تعرفات جديدة للجهات الرسمية الضامنة تأخذ في الاعتبار المستجدات المتعلقة بارتفاع الاسعارعلى كافة المستويات مع تامين دفعات نقدية من مستحقات المستشفيات المتوجبة لها على الدولة بشكل شهري ومنظّم كي تستمر في عملها…
المصدر : محمد صالح – الإتجاه