أوردت صحيفة البيان الإماراتية مقالاً عن السيدة الجنوبية “أم غسان” وأشارت أنه لم يُقيّض لها أن تجلس على مقاعد الدراسة، إذ حرمتها ظروف أهلها الماديّة من هذه الفرصة.. وأمّا ذاكرتها فلا تزال تحتفظ بعبارة قالها لها يوماً إقطاعيّ، هاجياً قريتها الجنوبيّة عيتا الجبل بلبنان: «جبّ الزعتر لا يُنتج رسّيناً»، في إشارة منه إلى أنّ أهل بلدتها ممنوعون من التطوّر والتعلّم، مثلما أنّ جبّ الزعتر القصير لن يمكنه بلوغ طول «الرسّين» الذي يطول أمتاراً.. يومها، نظرت إلى الزعتر الذي كانت تقطفه من المشاعات وتبيعه في أوقات الفراغ، وأرادت أن تثبت للإقطاعيّ أنّ «الزعتر ينجب رجالاً ومتعلّمين».
وبحسب الصحيفة فإن أم غسان بدأت رحلتها مع الزعتر البرّي.. فتّشت عن بذور الزعتر، ووجدتها في الشتلة نفسها. زرعت وعائلتها الصغيرة أرضاً مساحتها 600 متر مربّع بشتول الزعتر التي فرّخت ملايين الشتول في ما بعد.. وبعد فترة، ذاع صيت زعترها في كثير من القرى المحيطة.
واضافت الصحيفة أنها الآن تزرع نحو 20 ألف متر مربّع بأنواع مختلفة من الزعتر، بعدما أجرت مقارنة بين زراعة التبغ وزراعة الزعتر. يطول موسم الأول 14 شهراً، بينما يمكن قطف الزعتر ثلاث مرّات في السنة، تقول لـ«البيان»: «مردود دونم التبغ الصافي على المزارع يبلغ نحو مليون ليرة، فيما يعطي الزعتر مليونَي ليرة وأكثر عن كلّ دونمٍ.. كما أنّ الزعتر لا يحتاج إلى كثير عمل واهتمام يتطلبّهما إنتاج التبغ وتصريفه». ومن بوّابة اقتناعها تماماً بهذا النوع من الزراعات، إذ من خلال مدخولها، وبعد وفاة زوجها، علّمت أبناءها الخمسة، وبنَت لهم المنازل وأمّنت لهم الحياة الكريمة، تسعى أمّ غسان إلى تطوير زراعتها، عبر تقطير زيت الزعتر، الذي «يُباع الغرام منه بأربعة دولارات في الأسواق الفرنسيّة»، مع إشارتها إلى أنّ كيلو الزعتر ينتج ما بين 8 و13 ميلليتراً من الزيت”.
ونقلت الصحيفة عن السيدة الجنوبية قولها أن «ضمّة الزعتر البرّي» بـ 3 آلاف ليرة لبنانية، ولا جدل في السعر، لأنّ بضاعتها «بلدي مئة في المئة».. تشرح أمّ غسان للزبونة: «شمّي الرائحة.. هيدا زعتر واللي بالسوق زعتر؟». والزعتر الذي تعرضه فاخر، بدلالة اللون الذي يلمع، والجودة والنوعية ركيزتان لسمعتها في الشارع الذي صار يحفظ صوتها مناديةً: «بلدي يا زعتر برّي».