اعتبر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان الأزمة الحالية هي بمثابة “خبطة كبيرة” في البلد. فلا مصر، ولا اليونان ولا قبرص عاشت مثل هذه المشكلة، والمقصود منها هو هزّ الهيكل. لكن الهيكل “قطع المرحلة الخطرة”.
ورجّح أنه حتى شهر حزيران المقبل سيكون الوضع الإقتصادي والمالي مرتاحاً في لبنان، لافتا الى ان الحملات عبر شبكات التواصل الإجتماعي مدروسة وممنهجة.
إجتمع مجلس إدارة والمجلس الإستشاري العالمي لتجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم برئاسة فؤاد زمكحل مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وكان عرض للأوضاع الإقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية الراهنة في لبنان، ومدى إنعكاسها على القطاع الخاص والعلاقات الإقتصادية والتجارية مع العالم.
وقد تولى أعضاء مجلس الإدارة، كل على حدة، شرح معاناة قطاعه سيما في ما يتعلق بقطاعات الصناعة والتجارة والمصارف والخدمات، وقطاعات مواد البناء، العقارات، السيارات، المستلزمات الطبية، الموارد البشرية وغيرها.
بدءا توجّه زمكحل إلى سلامة بالقول: كما تعلمون، نمر في لبنان بأصعب أزمة مالية نقدية، إقتصادية وإجتماعية واجهت لبنان في تاريخه، وهي تشكل أكبر مشكلة نعانيها كشركات، وهي أزمة فقدان الثقة بين الشعب والدولة، وبين القطاع الخاص والدولة، وبين المجتمع الدولي والدولة، وبين المغتربين والدولة، حيث إن المغتربين يكوّنون 15% من الناتج المحلي جراء التحويلات الخارجية”.
أضاف زمكحل: “من أجل إعادة الثقة بين الشركات والدولة، يبدأ الحل بتنظيم العلاقة بين المودعين والمصارف، وذلك من خلال الشفافية التامة والتواصل الدائم بالتعاطي مع الشعب اللبناني من قبل مصرف لبنان وجمعية المصارف والمصارف أيضاً”.
تابع: “لذا نقترح عليكم كحاكم مصرف لبنان والإدارة المركزية في لبنان، أن تعقد مؤتمراً صحافياً كل أسبوع، تشرح فيه لكل اللبنانيين أين نحن، وإلى أين ذاهبون؟، وما هي الإجراءات المقبلة والإستراتيجية التي ينبغي إعتمادها من قبل مصرف لبنان المركزي بكل صدق وشفافية. علماً أن أي حرب، إذا صحّ التعبير، ينبغي أن نربحها، من خلال التواصل والشفافية وتضافر الجهود من كل القطاعات الإقتصادية الموجودة”.
تابع: “كذلك من أجل إعادة الثقة بين الدولة والمجتمع الدولي، نحتاج على المديين المتوسط والطويل، تحقيق الإصلاحات المرجوة، بإعتبار أن هذه الإصلاحات التي نحلم ونطالب بها منذ اكثر من 30 عاماً لا يمكن أن تتم على المدى القصير، لذلك نطلب من مصرف لبنان بأن يقوم البنك المركزي الأوروبي بدعم مباشر للشركات اللبنانية ودعم القروض المدعومة في لبنان لإعادة إنعاش الإقتصاد.
كذلك لإعادة الثقة بين الدولة والمغتربين، يجب أن نجد آلية معينة للمغتربين بأن يستعملوا جزءاً من أموالهم. إننا نعلم أن المشكلة الاساسية تتعلق بالسيولة وضخ الأموال الجديدة في الإقتصاد والبلد، ونعلم على المدى القصير أنه لن يحصل ضخ أموال أو سيولة، لذا فإن الحل الوحيد يكون بخصخصة كل ممتلكات الدولة من خلال مشروع مدروس وشفاف ومنظّم”.
أضاف زمكحل: نحن نعلم أيضاً أننا لن نخرج من الأزمة بمفردنا أي من دون مساعدة دولية، وفي الوقت عينه لا نريد أن نسلّم كل إدارتنا لصندوق النقد الدولي، لذا نقترح تشكيل لجنة توجيهية تضم صندوق النقد والبنك الدوليين والدولة اللبنانية من خلال السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومجتمع رجال الأعمال بغية إدارة الأزمة بتقنية وحرفية.
كما اقترح خلق صندوق دعم دولي للشركات الصغيرة والمتوسطة لأنها هي المحرك الاساسي لنمو إقتصاد صغير مثل لبنان”.
سلامة
من جهته، قال سلامة خلال اللقاء : “إن كلفة الدولار من أجل المحافظة على سعر الليرة تبقى أقل من كلفة أن تترك الدولار حراً في ظل عجز الدولة، وإذا لم يتم تصحيح عجز الميزانية فإنه سيؤدّي إلى مزيد من تراجع أعمال القطاع الخاص. فلا يجوز أن نترك سعر السوق يتحكّم بالحاجات الضرورية. من هنا يمكن القول إنه توجد كلفة، لكنها تُعالج بتصحيح العجز. علماً أنه لا يوجد رقم لتحديد الكلفة”.
تابع سلامة: “إن المشكلة في لبنان ليست مشكلة إقتصادية – مالية، إنما هي مشكلة لها خلفيات سياسية محضّرة (مسبقاً) داخلياً، إقليمياً ودولياً، إذ إن أحد عناصر المشكلة يتعلق بضرورة إعادة فتح السوق حتى يُصبح لدينا عملات أجنبية، ولا سيما في القطاع المصرفي بغية إحياء قطاعي التجارة والصناعة”.
في الواقع، لدي نقاط تواصل نأمل في خلال 3 الى 5 أسابيع أن نضع آلية معينة لا تربط نفسها، إنما تتمتع بالمرونة والحرية لتمويل الملفات الملحة من قبل المصارف. نعمل جدياً في سبيل تحقيق ما ذكرناه آنفاً. علماً أن الأزمة الحالية هي بمثابة “خبطة كبيرة” في البلد. فلا مصر، ولا اليونان ولا قبرص عاشت مثل هذه المشكلة، بإعتبار أن هذه “الخبطة” حلّت بنا في ظل ظروف متشنّجة تعانيها المنطقة. علماً أن المقصود من خلال هذه المشكلة – الخبطة هو هزّ الهيكل. لكن الهيكل قطع المرحلة الخطرة”.
أضاف سلامة : “علينا أن نسيّر العمل وأن نكون حاضرين. لذا إننا نعول على حساب الـ Fresh Money Account. علماً أن أي صعوبة تواجهونها مع أي بنك حول هذا الحساب يجب أن نُبلغ عنها. وأتمنى عليكم (تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم) أن تراجعونا في الحاكمية حول أي قضية تحصل من قبل المصارف”.
وختم سلامة : “إن إعادة إحياء حساب Fresh Money Account يخدم توفير السيولة. ونحن كبنك مركزي علينا توفير السيولة. ومن الطبيعي أن المداخيل في مثل هذه الظروف ستتراجع. علماً أن البنك المركزي لا يستطيع تمويل كل القطاعات، وإلا فإن إحتياطاته ستذوب تدريجاً. وأعتقد أنه من الآن حتى شهر حزيران المقبل من السنة الجارية سيكون الوضع الإقتصادي والمالي مرتاحاً في لبنان. وأكرّر أن الذي شهدناه في الفترة الأخيرة من حملات عبر شبكات التواصل الإجتماعي مدروس وممنهج. في العام 2019 كان ميزان المدفوعات في لبنان سلبياً، لكننا كنا قادرين على التحرّك، بدليل أن إحتياطي المركزي زاد بنحو ملياري دولار”.