الرئيسية - أبرز الاخبار والتحقيقات - أميركا تهدّد لبنان: انتظروا أزمة مالية رهيبة بغضون أسابيع.. وهذا شرطها للمساعدة

أميركا تهدّد لبنان: انتظروا أزمة مالية رهيبة بغضون أسابيع.. وهذا شرطها للمساعدة


كتبت صحيفة “الأخبار”: مرة جديدة، تدخل الولايات المتحدة، علناً، على خط الأزمة في لبنان. وهذه المرة أيضاً، كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو واضحاً في تهديداته وشروطه، تماماً كما في تصريحه من وزارة الخارجية في بيروت العام الفائت. سمّى شروطه بـ”المتطلبات التي تريدها أميركا للتدخل للمساعدة”. في السابق، خيّر اللبنانيين بين السياسة الأميركية، وبين العقوبات الشاملة.

يوم أمس، هدّد بومبيو بـ”أزمة مالية رهيبة في غضون أسابيع”. وشرطه للتدخل والمساعدة هو أن يقول اللبنانيون لحزب الله “كفى”. وبخلاف الرئيس الفرنسي والأمين العام للأمم المتحدة، رفض بومبيو الإجابة على سؤال عما إذا كانت بلاده ستتعاون مع الحكومة الجديدة، رابطاً ذلك بما سماه “أن تكون الحكومة غير فاسدة”. ولكي لا يكون تصريح بومبيو لوكالة “بلومبيرغ” مادة للتأويل والاجتهاد، ينبغي إيراده حرفياً:

سئل بومبيو: “الحالة في لبنان. لديهم حكومة جديدة، ولديهم علاقات بحزب الله. هل ستعمل الولايات المتحدة مع هذه الحكومة الجديدة؟”. فأجاب: “علينا أن ننظر في ذلك. حتى الآن، لست أدري ما هي الإجابة على ذلك. رأيت ما جرى في الساعات الـ24 الأخيرة. لقد كنا واضحين جداً بشأن متطلبات الولايات المتحدة اللازمة للتدخل. لبنان يواجه أزمة مالية رهيبة مطروحة أمامه في الأسابيع المقبلة. نحن مستعدون للتدخل، وتقديم دعم، لكن حصراً لحكومة ملتزمة بالإصلاح. هذا مهم لأميركا، لكن إذا نظرتَ إلى الاحتجاجات التي تجري في بيروت وفي مدن خارج بيروت، يمكنك أن ترى، تماماً كما في بغداد – اذهب وشاهد الاحتجاجات في بغداد – إنها ليست احتجاجات ضد أميركا، هذه احتجاجات تطالب بالسيادة والحرية. الاحتجاجات في لبنان اليوم تقول لحزب الله “كفى”. نحن نريد حكومة غير فاسدة تعكس إرادة شعب لبنان. إذا استجابت هذه الحكومة لذلك، وإذا كانت هناك مجموعة جديدة من القادة المستعدين للالتزام بذلك، ولتنفيذ هذا الالتزام، فهذا هو النوع من الحكومات الذي سندعمه حول العالم وهو النوع من الحكومات الذي سنساعده في لبنان”.

في مقابل كلام بومبيو، رحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بتأليف الحكومة، وقال إنه سيعمل مع دياب “لدعم الإصلاحات في البلد المثقل بالديون والذي يصارع أزمة اقتصادية”، مؤكداً دعم لبنان في “تعزيز سيادته واستقراره واستقلاله السياسي”. كذلك أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أثناء وجوده في القدس المحتلة، أن فرنسا ستفعل كل شيء لمساعدة لبنان على الخروج من الأزمة العميقة التي تعصف به. أما الاتحاد الأوروبي فأشار في بيان له إلى أن “تشكيل الحكومة خطوة أساسية نحو ضمان قدرة البلاد على معالجة الأزمات المتعددة التي تؤثر عليها”، مؤكداً دعمه “للبنان في الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن مساعدته في تعزيز الحكم الرشيد والمحاسبة ومكافحة الفساد”.

داخلياً، الدخان الأبيض الذي خرِج من قصر بعبدا مع صدور مراسيم تأليف الحكومة أول من أمس، لا يعني خروج البلاد من أزمتها الخانقة. فالحكومة العشرينية التي يتقاسمها ائتلاف فريق 8 آذار – التيار الوطني الحر والرئيس حسان دياب، من غير الوارد أن تحقّق إنجازات نوعية سريعة، ولا ينبغي أن يتوقّع منها أحد أن تفعَل ذلك. فهي لم تأتِ لتعالج حدثاً راهناً، بل أتت بعدما دخلت البلاد انهياراً سببه عقود من السياسات الاقتصادية التدميرية. الواقع صعب الى درجة أنه يحتاج فعلاً إلى “عصا سحرية” لا يحملها دياب ولا وزراؤه، لأن التغيير في بنية الاقتصاد يحتاج الى سياسات تأخذ وقتاً لتنفيذها، وحكومات من نوع آخر. لكن ذلك لا يحجُب ضرورة أن تسعى هذه الحكومة إلى استعادة ثقة الناس، بعدَ أن فقدتها السلطة على مدى السنوات الماضية، ولا سيما أن ولادتها أتت بعد اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول. لكن ما صدر على لسان رئيسها وبعض وزرائها لا يُبشّر بالخير.

قبلَ مرور 24 ساعة على إبصارها النور، خرج رئيس الحكومة مُدلياً بتصريح عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في ما بدا أشبه بخط أحمر ضد وجود مناخات ونوايا لإقصائه، فقال إن “إقالة سلامة غير واردة الآن، ونحنُ نريد أن نبني على الإيجابية”. وهذا الخط يُعاد رسمه في ظلّ أزمة مصرفية كانَت تتطلب من الرئيس الجديد تقديم تطمينات للمواطنين فيما خصّ ودائعهم المحجوزة وشحّ الدولار. لكنه عوضاً عن ذلك، قرّر حماية الرجل الذي يُحمّله أغلب الناس مسؤولية التدهور النقدي. وعلى خطاه سار وزير الداخلية الجديد محمد فهمي حينَ رسَم بدوره جدار حماية للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، في عزّ صرخة الشارع ضد عنف القوى الأمنية المفرط بحق المتظاهرين، فأكد أنه لن يُصار الى إقالة عثمان، معتبراً أن “أداء القوى الأمنية كان بالمستوى المطلوب أثناء الثورة وإن حصلت بعض الأخطاء”. أما وزير المالية غازي وزني، فـ”بشّر” اللبنانيين بأن سعر الدولار لن يعود إلى 1500 ليرة، فيما قال وزير الطاقة ريمون غجر إنه لا يمكن تحديد المهلة التي يحتاج إليها حل أزمة الكهرباء! أمام هذا الكم من السلبية التي يبشّر بها أعضاء في الحكومة الجديدة ورئيسها، يصبح جائزاً سؤالهم عما أتوا ليفعلوه.

وفيما عقدت الحكومة أول اجتماع لها في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون بعد التقاط الصورة التذكارية بمشاركة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بدا لافتاً تكرار دياب، لليوم الثاني على التوالي، أن “أول جولة خارجية له ستكون إلى الخليج”، ومن دون إعطاء أي وعد في ما يتعلق بـ”ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة” في البيان الوزاري.