الرئيسية - أبرز الاخبار والتحقيقات - الاستخبارات الإسرائيلية تقرّ: رغم ما يعانيه لبنان من ازمات اقتصادية وسياسية الحزب سيردّ على أيّ ضربة… «ولو على حافة الحرب»

الاستخبارات الإسرائيلية تقرّ: رغم ما يعانيه لبنان من ازمات اقتصادية وسياسية الحزب سيردّ على أيّ ضربة… «ولو على حافة الحرب»

صورة تعبيرية
ثقة متدنية سادت التقدير الاستخباري السنوي الذي قدمته الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية (امان) ازاء التطورات على مستوى المنطقة خلال السنة الجارية. بالتعبير المهني، اتسمت التقديرات التي تُقدم إلى صنّاع القرار السياسي في تل أبيب، باتساع مساحة «اللايقين» بسبب التسارع الهائل في وتيرة المتغيرات. وهو ما يعكس مستوى الغموض الذي يهيمن على المستويات العليا في تل أبيب ازاء مستقبل التطورات في المنطقة. الطابع الظرفي والمؤقت للتقديرات، أضفى عليها صفة «محدودة الضمانة»، كونها أقرب الى وصف الوقائع الحالية وامتداداتها المباشرة ضمن مدى لا يتجاوز أشهراً معدودة.
في يتعلق بلبنان الذي تناوله التقدير أيضاً، كان واضحاً لدى الاستخبارات العسكرية أنه رغم ما يعانيه هذا البلد من ازمات اقتصادية وسياسية، فإن حزب الله لن يتردّد في الرد على أي اعتداءات تستهدف لبنان وصولا الى عتبة الحرب. وهو ما يفسّر التردد الذي يهيمن على مؤسسة القرار السياسي والامني ازاء توسيع نطاق الاعتداءات في الساحة اللبنانية. وفي هذا السياق، استحضر التقدير عملية افيفيم مطلع ايلول الماضي عندما استهدفت المقاومة آلية اسرائيلية تقلّ خمسة جنود بصواريخ «كورنيت» مضادة للدروع.
اغتيال قائد فرقة القدس، قاسم سليماني فرض نفسه على التقدير وأدى إلى تأخر عرضه أمام المستوى السياسي. وهو تعامل مع هذا الحدث كمنعطف استراتيجي ستكون له تداعياته في البيئة الاقليمية، وثبّت أن ايران وحلفاءها يشكلون محور التطورات في البيئة الاقليمية التي تهدد اسرائيل. لكن على المدى الزمني القصير، فإن التهديد الأخطر يأتي من طرف حزب الله الذي يواصل تعاظمه العسكري والسياسي. وبدت الاستخبارات في هذا التوصيف أقرب الى الاقرار بمحدودية خيارات اسرائيل في مواجهة تعاظم قدرات الحزب. ووفق التقدير، فإن المستجدات اللبنانية والاقليمية لم تؤثر في حسابات الحزب وخياراته الردعية في الرد على أي ضربات قد يتعرض لها. على هذه الخلفية، يرى التقدير أن نشوب أي حرب سينتج عن رد حزب الله على ضربة عسكرية موضعية ما. ولكن ما لم يُضفه التقدير – على الاقل في ما تم نشره – أن الادراك المسبق لحجم تداعيات أي حرب على جبهة اسرائيل الداخلية وأمنها القومي، أدى الى نجاح حزب الله في فرض هذا المستوى من الردع بما يحول دون التدحرج الى حرب، ربما تقتصر في أسوأ السيناريوهات على مواجهة ايام معدودة.
يُشار الى أن التقدير الاستخباري يحاول استشراف سيناريوهات التطورات، وتشخيص المتغيرات التي تؤدي الى حدوث انعطافات تنطوي على تهديدات أو فرص بالنسبة لاسرائيل. وفي ضوء نتائج هذه التقديرات تتبلور صورة ما عن البيئة الاستراتيجية، أمام المستوى السياسي لبلورة خيارات وقرارات في مواجهة التهديدات أو محاولة تثمير الفرص المفترضة.

أملت الاستخبارات الامل بأن يقرر حزب الله استثمار موارد اقل في قدراته الصاروخية على خلفية الضائقة الاقتصادية!

التقدير تناول ايضا القضية الاهم بالنسبة لاسرائيل، بعد القدرات النووية، وهي الصواريخ الدقيقة. لكن الحديث في هذا الشأن تمحور حول معلومات سرية، وما يفترض أن الاجهزة الاستخبارية تعلمه. فيما حزب الله، في المقابل، لم يسبق أن كشف عن معلومات تتصل بقدراته، إلا وفق سياقات مدروسة وهادفة وعلى لسان أمينه العام. ويعود ذلك الى عقيدته العسكرية التي تستند الى عنصري السرية والمفاجأة. لذلك، تستطيع اسرائيل أن تدعي ما تريد. لكن اداء الحزب يوحي بأنه ليس ملزماً تقديم أي معلومات لا تأكيدا ولا نفياً.
الملفت في ما يتعلق بالسياق اللبناني، أن التقدير تضمن في جانب منه نمطاً من التفكير الرغبوي. برز ذلك في التعبير عن الامل بوجود احتمال أن يقرر حزب الله استثمار موارد اقل في قدراته الصاروخية، على خلفية الضائقة الاقتصادية وحسابات الكلفة والجدوى في المدى القصير. لكن ما تم تجاهله أن المقاومة ترى بأن ضعف لبنان سوف ينعكس بالضرورة ايضا على اقتصاده وأمنه، والمستجد الذي عزز حاجة لبنان الثابتة للمقاومة في مواجهة التهديد الاسرائيلي أن ضعف لبنان سيهدّد ثرواته النفطية والغازية ما سيكون له انعكاس خطير على مستقبل لبنان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والامني.
من جهة أخرى، رأى التقدير ايضا أن «هجوم المحلّقات المسيّرة في الضاحية (الجنوبية) لبيروت» في آب الماضي أدى الى تصدّع «مجال الحصانة» الذي تمتع به حزب الله، بعدما ارتدعت اسرائيل لسنوات طويلة عن المبادرة الى شن هجمات عسكرية على اراضيه. لكن الاستخبارات تجاهلت بهذا التقدير أن اسرائيل عمدت الى هذا الاعتداء بطريقة أمنية حاولت من خلالها ابعاد المسؤولية عنها، وأن فشلها هو ما كشفها. ولم يتبلور هذا الخيار الامني الصامت، إلا نتيجة ردع اسرائيل. وإلا لكانت استهدفت عبر سلاح الجو الهدف المفترض. مع ذلك، بعدما فشلت المحلقتان امتنعت اسرائيل عن ذلك لأنها تدرك حجم الرد الذي كانت ستتلقاه في حينه.
– الأخبار