الرئيسية - أخبار محلية و دولية - غضب “الإنتفاضة” فرض على السياسيين نبض الشارع

غضب “الإنتفاضة” فرض على السياسيين نبض الشارع


عشية دخول “الإنتفاضة” شهرها الرابع عمّ الغضب كل المناطق اللبنانية، ونزل المواطنون، ومعهم هذه المرّة الطلاب، ليقولوا للسلطة الغائبة عن السمع: كفى!

كفى إستهتارًا بمصالح البلد في غياب أي مؤشرات عن إمكانية تشكيل حكومة إنقاذ، بحيث تتصرّف أحزاب السلطة وكأن البلاد قادرة على الإستمرار على الحال التي وصلت إليها يومًا آخر من المماطلة وممارسة سياسة “النعامة”، والدخول في “لعبة” المحاصصة من جديد أو “لعبة” الثلث المعطِّل، في الوقت الذي تبدو فيه جميع المصالح العامة معطّلة وغير قابلة للحياة من جديد.

كفى إستهزاء بعقول اللبنانيين، الذين يقولون بصوت واحد وعالٍ للذين أوصلوا البلاد إلى ما وصلت إليه إن أداءكم الملتوي لم يعد يقنع أحدًا وإنه لم يعد صالحًا في زمن التغيير الحقيقي، لأن وعودهم لم تعد تنطلي على الناس الذين كفروا بكل شيء ولم يعودوا يصدّقون أي شيء، وهم يريدون حكومة تشبههم، وليس حكومة “الكيف ما كان” أو حكومة الأحزاب التي تحاول التستر بأقنعة الشارع. فهذه الأساليب أصبحت بالية، وهي غير قادرة على إنتاج الحلول الممكنة لأزمات مستعصية نتيجة سياسات خاطئة مورست طويلًا وتراكمت على مرّ الأيام وأنتجت إفلاسًا ما بعده إفلاس على كل الصعد.

كفى إستغباء لشريحة واسعة من الناس، الذين أظهرت تطورات الشارع أن لديهم رؤية شاملة عن أسباب الأزمات التي يعيشونها، وبالتالي يملكون الحل الناجع لها، وذلك من خلال إبعاد كل من كانت له صلة مباشرة أو غير مباشرة بما آلت إليه أوضاع البلاد، وهي التي وُضعت داخل رمال متحركة يصعب الخروج منها بوسائل بائدة ومستهلكة، التي لم ينتج عنها سوى الفقر والجوع.

كفى تمايدًا في سياسة إدارة الظهر لـ”إنتفاضة” لم تتعب، وهي مستمرة في تصعيدها حتى سقوط رموز الدولة الفاسدة، خصوصًا أن “يوم الغضب” أثبت أن هذه “الإنتفاضة” لن تستكين ولن تهدأ قبل أن تحقّق ما تطالب به من حقوق، وما تدعو إليه من إصلاحات، وقبل وضع الحصان أمام العربة وليس العكس، وإقلاع السلطة عن ذرّ الرماد في العيون، وهي ماضية في نهجها وكأنها مغمّضة العيون، تنظر ولا ترى، وتسدّ اذنيها عن سماع صوت الشعب وأنين الموجوع والمتألم، الذي لم يعد بمقدوره حتى دخول المستشفيات، التي تفتقد للحدّ الأدنى من العلاجات البسيطة.

كفى تهربًا من المسؤولية والتفتيش عن الحلول في غير مكانها الصحيح، لأن المعالجات الراهنة، كما هو ظاهر للعيان، لن تؤدي إلاّ إلى مزيد من الأخطاء، بإعتبار أن التلم الأعوج هو نتيجة إنحراف الثور الكبير عن الخطّ المستقيم.

كفى تلاعبًا بمصدر رزق الناس، وقد أصبح سعر صرف الدولار على عتبة الـ 3000 ليرة، مع ما خسرته هذه الليرة من قيمتها الشرائية بما يوازي النصف، هذا في حال توافرت هذه الليرة في أيدي الذين باتوا من دون عمل بعدما أقفلت المؤسسات والشركات أبوابها وبعدما وصلت الإنتاجية فيها إلى حدود الصفر.

كفى دفن الرؤوس في الرمال والتعامي عن الحقائق والمكابرة وإعتبار أن “الإنتفاضة” أصبحت في خبر كان أو فعل ماضٍ ناقص، وهذا ما دحضه “ثلثاء الغضب”، الذي أتى ردًّا على إستهتار السلطة وتصرّفها وكأن الشارع قد تعب أو كاد.

في المقابل، فإن إنخراط بعض المنسدين، الذين اشعلوا المواجهات في شارع الحمراء ضد القوى الأمنية، جاء على خلفية الإساءة إلى جوهر “الإنتفاضة”، ومحاولة إظهارها بمظهر مخالف لنقاوتها، خصوصًا بعد تقاذف التهم حول الجهة التي تقف وراء هؤلاء المخربين، الذين تركوا بصماتهم على واجهات المحلات.

يكفي هذه “الإنتفاضة” في يوم غضبها أن أجبرت السياسيين على التعاطي بالملف الحكومي بما يسهّل قيام حكومة بمواصفات تحاكي إلى حدّ مقبول نبض الشارع، وتنهي أزمة ثقة بين “الحلفاء”، الذين سمّوا حسّان دياب، الذي يلاقي رفضًا في الشارع، على أن القبول بالكحل يبقى أفضل من العمى، وفق بعض من أهل الإنتفاضة، لأن المطلوب في نهاية الأمر أكل العنب وليس قتل الناطور.
المصدر: لبنان 24