لم يشهد تاريخ لبنان عاماً شبيهاً بالعام ٢٠١٩. توتّر البلد سياسياً وأمنياً، تفاقم الإنحدار مالياً، وقع الإنهيار إقتصادياً، وبدأ مع نهاية العام المخاض المعيشي الصعب الذي طاول جيوب اللبنانيين برواتبهم ومستوى استهلاكهم للمواد الأوليّة بموازاة ارتفاع سعر صرف الدولار بالليرة اللبنانيّة إلى ٢٥٠٠ ليرة… والخشية الكبرى من أن يكون الآتي أعظم.
وفي نظرة علميّة على الواقع الذي عاشته البلاد هذا العام، ورد ضمن برنامج “المساعدة التقنية لدعم تعزيز الحوار الاجتماعي في لبنان” الذي قام به الإتحاد الأوروبي بالتعاون مع وزارة العمل، تقرير من مكتب الإستشارات الدولي “GOPA” يُفيد بأنّ نسبة البطالة في لبنان لامست نسباً مئويّةً غير مسبوقة حتّى الـ٢٠١٩.
وفي حين أعلن الإحصاء المركزي حديثاً أن نسبة البطالة في لبنان بلغت ١١.٣٪، قدّر مُعظم الخبراء الإقتصاديين في لبنان رقم البطالة بـ٣٥٪ بشكل عام، بينما سجّلت البطالة لدى فئة الشباب المستوى الأعلى بـ٥٠٪.
وتُفسّر أوساط إقتصاديّة رفيعة هذه الأرقام، لموقع mtv، بأن “العدد وصل في الـ٢٠١٩ إلى ٣٠ ألف شاب وشابة يتخرّجون من الجامعات ولا يجدون أمامهم إلا ٣ إلى ٤ ألاف فرصة عمل كحدّ أقصى”.
ومنذ تفاعل الأزمة منذ ٣ أشهر حتّى اليوم، تبيّن وجود ١٦٠ ألف شخص من العاطلين عن العمل أو تمّ وضعهم في بطالة تقنية بحسب استطلاع أجرته شركة” إنفو برو ريسرتش”، وهو الرقم الذي لم يعرفه اللبنانيون سابقاً”.
والأخطر أنّ أزمة الشحّ بالدولار الأميركي فرضت على الشركات اللبنانية خفض نشاطاتها، إن قصرياً أو طوعياً، ما وضع شريحة كبيرة من الموظفين في حالة مجهولة بعدما خسروا وظائفهم، وتمّ تخفيض رواتب السواد الأعظم من موظّفي القطاع الخاص إلى الـ٥٠٪، ليصل في بعض الحالات إلى أقلّ من 500 ألف ليرة لدى الموظّفين في أسفل السلم التراتبي الوظيفي.
البطالة ستشهد تفاقماً في الأشهر القادمة، وستُسجّل حكماً أرقاماً قياسية جديدة في العام 2020، سيّما أنّ تشكيل حكومة جديدة يُواجه صعوبة الحصول على رضى الشارع والقوى السياسية وثقة المجتمع الدولي.