عندما يصل الرئيس نبيه بري “بائع الأمل” واكثر المتمسكين بالرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة الى القول ان الاسماء المرشحة لها لم تعد تهمه، هذا يعني ان الاتصالات مع بيت الوسط وصلت الى طريق مقفلة وان امور التأليف وكل ما تم بثه من تفاؤل تراجع الى الوراء ويتجه نحو المزيد من التدهور. ولسان حال بري انه مع الاسراع في تأليف حكومة من دون التوقف هذه المرة عند اسم رئيسها. وما لم يعلنه بري هنا وكأن قرار الحريري في مسألة الحكومة لم يعد في يده.
وكانت الاحداث التي شهدها “الرينغ” ومحيطه ليل أول امس محل متابعة عند كل الافرقاء لا بل ان مفاعيلها سيطرت على المشهد العام في البلد. وزاد عليها سقوط ضحيتين على اوتوستراد الجية جراء عملية قطع الطرق. واصدر بري بيانا علق فيه على ما حصل . واضاف على موقفه امام زواره انه ساوى بين الدم وما جرى في وسط بيروت ” درءاً للفتنة التي كان يخطط لها في مكان آخر” . ومن دون ان يكشف عن تفاصيلها. منعاً للتأجيج واثارة العواطف والغلواء . “انا مع ضبط الانفعالات حفاظاً على البلد. ونعم الفتاة الناجية نور شلهوب أبكتني وأبكت اللبنانيين”. ويذكر هنا “ان طريق الجنوب لم تقدر اسرائيل على قطعها”.
وفي زحمة الاتصالات التي يتلقاها من ابناء الجنوب والبقاع ومناطق اخرى الرافضة لقطع الطرق، لا يسعه القول هنا الا الرجوع الى القرار الذي اعلنته قيادة الجيش على اساس ان قطع الطرق مخالف لكل الاعراف والقوانين. ويدعو الجيش هنا “الى القيام بالواجبات المطلوبة منه”. ويتساءل ” هل قطع الطرق على المواطنين عمل مدني. أخبرونا”.
وامام هذه السخونة المرتفعة في الشارع لا يزال بري مصمماً على التهدئة وممارسة الحكمة . ويكرر رفضه للدعوات التي تطلق من هنا وهناك التي تدعو الى الرد والمواجهات في الشوارع والاحياء . “وان الدولة ومشروعها تبقى هي الملاذ الاول والاخير للجميع”.
وبالعودة الى الاتصالات المواكبة للحكومة يبدو ان وتيرة الاتصالات لم تفض الى حصيلة ايجابية يمكن التعويل عليها ” ولا سيما ان الاقتراب من تأليف الحكومة “أصبح جاهزاً ومتوفراً. وان المطلوب توفر النيات الصافية”. ولم يكتف بهذا القدر من الرسائل البرقية الى كل من يعنيه الامر ” ثمة من يرفض التلاقي والتجاوب مع الحل . ويريد للبنان ان يغرق اكثر في ازماته ما يدعو الى المزيد من القلق”.
ويتوقف عند الشروط التي يطلقها البعض على شكل الحكومة من قوى سياسية ويقصد الحريري هنا من دون تسميته . ويتوقف عند مواقف الموفدين الاوروبيين ودعواتهم للاسراع في تشكيل الحكومة وابداء استعدادهم لدعم لبنان والمساهمة في نهوضه الاقتصادي . وهذا ما شدد عليه الموفد البريطاني ريتشارد مور حيث يعلنون جميعهم عن انتظار حكومة وتمثيل الكتل النيابية.
وللمرة الاولى ومنذ استقالة الحكومة يرفع بري الصوت ويتهم الحكومة المستقيلة بـ”التقصير” لعدم قيامها بالواجبات المطلوب منها “ولو في حدها الادنى”، ولا سيما في ظل تصاعد المعضلتين المالية والمعيشية حيث يتم التفرج على اوجاع المواطنين ومعاناتهم.
ويتوقف عند عدم تشكيل الحكومة خلية ازمة لعقد جلسات طارئة ومواكبة التطورات الخطيرة. وان استقالة الحكومة لا تعني ترجمتها الاستقالة عن القيام بالمسؤوليات المطلوبة منها. وثمة جملة من الملاحظات على اداء المصارف وتعاطيها مع المودعين وان من واجباتها الحفاظ على أموال المواطنين وعدم التفريط بها، و”الا سيكون هناك كلام آخر”.
النهار