إنّه زمن متاريس، ليس في الشارع، حتى الآن، بل على منابر الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث القصف “شغّال”، وبعض من يُفترض بهم ترجيح العقل، من حاملي صفة الزمالة، يقعون في لغة التجييش، فيسقطون ويُسقطون معهم كثيرين.
في هذا المشهد، ووسط خطاب الحرب الذي ينطلق من أكثر من مكان، من داخل الحدود ومن خارجها، يثبت نبيه بري أنّه، في زمن تأرجح الدولة حتى تظنّ أنّها على وشك السقوط، رجل الدولة والحكمة وصاحب ميزان “الجوهرجي” الذي يقيس المواقف والأفعال، فيعطي لكلّ مرحلة ما تحتاج.
لم يستعرض نبيه بري في الأيّام الأخيرة. لا هاجم بتهوّر، ولا تراجع بتردّد. هو يعرف أنّ هذا المشهد، ولو سُحبت فيه السيوف وعلا الصراخ وكثر التهويل، سينتهي بتسوية.
موقف بري معروف وموقعه أيضاً. قد تقف الى جانبه مؤيّداً، وقد تقف قبالته معارضاً. لكنّك تتخذ دوماً موقع الاحترام لرجل دولة في الأزمات، لا يجرّك الى حروب أكبر منك ولا يوصلك الى هزائم تقضي عليك. لا يقطع شعرة تواصل، ويحفظ لنفسه دور المفاوض، حين يأتي زمن المفاوضات.
التزم بري، منذ بداية الأزمة الأخيرة، بموقف رئيس الجمهورية. احترم الموقع والدور. قد يختلف معه في الأسلوب وفي بعض المواقف، بالشكل أقلّه، لكنّه لم يتوقف عند ما قد يُعتبر تفصيلاً أمام هول ما يجري.
لم يسعَ الى “قطف” شعبيّة، ولا الى ادّعاء تحرّك، ولا قدّم تنازلات أيضاً، بل قال بما يقوله الدستور.
المحتفل بالعام الخامس والعشرين في رئاسة المجلس النيابي، يثبت، في “مونديال” المواقف الحامية الذي نشهده منذ أيّام، بأنّ عامل الخبرة في السياسة، كما في كرة القدم، قد يكون الغالب. وحين ستنتهي هذه الأزمة، عاجلاً أم آجلاً، سيخرج نبيه بري محترماً… ومنتصراً.
موقع MTV – داني حداد