حسم وزير الخارجية، رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أمره، وقرّر الذهاب إلى سوريا.
فبإستثاء “حزب الله”، الذي وصف هذه الخطوة بالعمل الشجاع، وقوى الثامن من آذار، الذين يؤيدون عودة العلاقات بين لبنان وسوريا إلى طبيعتها، شكّل قرار باسيل صدمة للعرب الذين لم تُدرج قضية إعادة سوريا إلى الحضن العربي على جدول أعمال وزراء الخارجية العرب، وإستفزازًا لقوى الرابع عشر من آذار، ومن بينهم رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي أعلن عبر مكتبه الإعلامي انّ البيان الوزاري للحكومة لم يقارب مسألة عودة سوريا الى الجامعة، وهو قرّر التأكيد على سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون العربية، وانّ موقف الحكومة من التطورات العسكرية على الحدود التركية السورية يعبّر عنه بيان وزراء الخارجية العرب وليس أي موقف آخر، في إشارة منه إلى عدم تأييد الموقف الذي أعلنه باسيل ضد العملية العسكرية التركية في سوريا، والذي أعتبره البعض خروجًا عن سياسة النأي بالنفس، كما جاء في البيان الوزاري.
“أنا أريد أن أذهب إلى سوريا لكي يعود الشعب السوري إلى سوريا كما عاد جيشها. السيادي الحقيقي يريد سوريا في سوريا بجيشها ونازحيها وشعبها، والسيادي المزيف يريد إبقاء نازحيها في لبنان. مشكلته فقط أنه مختلف مع نظامها.”
هذا الموقف الجديد – القديم، والذي كان قد أشار إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيوريرك، أضيف إلى موقف باسيل في إجتماع وزراء الخارجية العرب، الذي أعلن فيه أنه “حان الوقت لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية”، وأشار إلى أن “إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية يجب أن يكون أول رد على العدوان التركي”، وأضاف أنه “يجب عقد قمة عربية طارئة تكرس المصالحة”.
وما بين الموقفين كان لباسيل لقاء مطّول مع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، الذي أعطاه، على ما يبدو، الضوء الأخضر وأمّن له الغطاء السياسي، الذي سمح له بالتهديد بقلب الطاولة بعد أن يضرب الرئيس عون يده عليها.
فهل تكفي باسيل هذه المباركة من حارة حريك لكي يتجاوز القرار الحكومي، بإعتبار أن الموقفين اللذين إتخذهما يحتاجان إلى قرار وإجماع داخل الحكومة، وفي حال طرحا على التصويت فإنهما يحتاجان إلى ثلثي الأصوات لكي يصبحا نافذًين وشرعيين، وهو أمر متعذر، لأن كلا من وزراء تيار “المستقبل” و”القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الإشتراكي” سيصوتون ضد هاتين الخطوتين، وذلك إنسجامًا مع الإجماع العربي وتماشيًا مع روحية البيان الوزاري.
فإذا كان باسيل، الذي تكلم في إجتماع القاهرة بإسم لبنان، بصفته وزيرًا للخارجية، يعبّر عن رأيه الشخصي على رغم صفته الرسمية، فإن ذلك سيضيف مشكلة على المشاكل المتراكمة داخل مجلس الوزراء، الذي لم يتخذ أي قرار في شأن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
أما موقفه من الذهاب إلى سوريا لكي يعيد النازحين السوريين فهو موقف لا يعبّر سوى عن رأي شخصي بصفته رئيسًا لتيار سياسي، وهو إن ذهب إلى سوريا فسيذهب بهذه الصفة وليس بصفته وزيرًا للخارجية.
على أي حال فإن ما أعلنه باسيل في أقل من 48 ساعة الأخيرة سيكون مثار جدل واسع، سواء داخل الحكومة أو خارجها، وسيشكّل مادة خلافية جديدة تُضاف إلى المشاكل القائمة في ظل الإضرابات والتوترات السياسية.
المصدر: لبنان 24