المصدر : أسرار شبارو – النهار
كان في المنشرة التي يمتلكها، حين انقلبت ألواح من الرخام عليه… ساعات وهي مطبقة على صدره، إلى أن أكتُشفت الكارثة بعدما فارقت الروح جسده من دون أن يُسمع طلب استغاثته… هو محمد كامل عكوش ابن بلدة أرزي الذي تغمّست لقمة عيشه بالدّم بسبب حادث مأسوي لا يخطر على بال أحد.
تفاصيل الفاجعة
في الأمس توجه محمد كالعادة إلى عمله. كانت الأمور تسير كالمعتاد، وعند الساعة الرابعة من بعد الظهر، كما قال مختار البلدة محمد مروة لـ”النهار”، رآه جاره، تبادلا السلام قبل أن يغادر المكان وتحلّ الكارثة على الشاب الثلاثيني، والوالد لطفل لم يمر أكثر من سنتين على فرحه به، وذلك بعدما صُدم بموت طفلين له في السابق”. وشرح: “يمتلك محمد منشرة رخام، وبعد جلبه بضاعة عبارة عن ستة ألواح رخام، انكسر ثلاثة منها نتيجة توقف البيك آب التي كانت محملة عليه بشكل مائل، الأمر الذي دفع محمد للصعود إلى المركبة في محاولة لمنع انزلاق البقية، وإذ بالألواح تطبق عليه، وكون المنشرة في مكان شبه ناءٍ، لم يتنبه أحد إلى ما حصل معه، لتنكشف الفاجعة بعد مرور نحو ثلاث ساعات”.
رحيل العصامي
الطبيب الشرعي أشار، كما قال المختار، إلى أن سبب وفاة محمد “ضيق في التنفس، حتى أن أضلعه لم تنكسر بعد إطباق ألواح الرخام عليها”، وأضاف: “حاول الشاب الهادئ والمزوح صاحب الاخلاق الحميدة أن يتجاوز مطبات الحياة، حفر بيديه مستقبله من دون أن يبالي بالأشواك الكثيرة التي كانت تظهر أمامه، فقد كان شاباً عصامياً، سقته الأيام من كأس مرارتها الكثير ومع ذلك كان إيمانه بالله كبيراً، الامر الذي جعل منه إنساناً متفائلاً بكل ما هو مُقبل، وقد أكرمه الله برؤية طفله قبل أن يحين موعد نهاية عمره، ليفارق الأرض ملتحقاً بوالده الذي توفي قبل أشهر”.
حزن ورثاء
اليوم ووري محمد في الثرى، وسط حزن عمّ كل من عرفه، أقاربه وأصدقاؤه نعوه في صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، منهم محمود فركوح الذي كتب: “محمد عكوش ارتحَلَ إلى السماء بعدما كحَّل ناظريه برؤية طفله، بين ذكرى وذكرى يولد طفل، وبين طرفة عين وعين نودع حبيباً في غصة، كأن الموت لا يختار إلا الأنقياء، كأن الموت لا يزور إلا من أتعبتهم جراح الزمن فيأخذهم إلى السماء ليضمد جراحهم، ليعيشوا الأمان المفقود في الارض، هكذا هم الطيبون يا محمد، يرحلون بسرعة بلا استئذان وتبقى صورتهم وأعمالهم في الأذهان، فسلام على روحك في العلياء بجوار والدك وجوار الرحمن”.