الرئيسية - أبرز الاخبار والتحقيقات - “بروفا” الشارع تدق ناقوس الخطر… سلامة في بعبدا اليوم

“بروفا” الشارع تدق ناقوس الخطر… سلامة في بعبدا اليوم


انفجرت الأزمة الاقتصادية- المعيشية في الشارع، بسبب استفحال المشكلات اليومية، واخرها شح الدولار والمضاربات على الليرة في السوق السوداء، ما انعكس خوفاً من فقدان بعض السلع الأساسية كالمحروقات والطحين والدواء، عدا عن ارتفاع الأسعار، من دون إجراءات سريعة كان يفترض اتخاذها من قبل المصرف المركزي ووزارة المال وجمعية المصارف والجهات الرسمية المعنية.
وعلى الرغم من ان التحرك الذي دعت اليه مجموعات في المجتمع المدني، خرج عن السيطرة بعد دخول مجموعات مجهولة الهوية عليه تسربت من الشوارع والأحياء وعمدت الى احراق الاطارات ومستوعبات النفايات، الاّ أن التجمعات الأخرى في المناطق اللبنانية كافة، كانت كافية بايصال الصوت من دون ان تتمكن من تحريك الكراسي، وسط حديث عن امكانية تجددها اليوم.

خلفيات سياسية وراء التظاهرات
وأثار توسع التظاهرات التي شهدت في طرابلس إحراق صور لمسؤولين، أسئلة عن جهات خفية داعمة لتلك التحركات الاحتجاجية، بينها “حزب الله”، في ضوء العقوبات المتزايدة عليه من الولايات المتحدة، وهو ما استبعدته مصادر قريبة من “تيار المستقبل”، مشددة في تصريح لـ”الشرق الأوسط” على أن “نظام العقوبات لن يتغير باحتجاجات ومن دونها، والحزب يدرك ذلك”.

وقالت المصادر إنه “من الواضح أن الاحتجاجات لم تكن منظمة”، لافتة إلى أن “التحشيد الذي تم عبر مواقع التواصل من المنطقي أن يحشد هذا العدد الذي شارك في المظاهرة”. وإذ أشارت إلى أن وقوف أحزاب أو تيارات وراء التظاهر من شأنه أن يدفع بعدد أكبر من المحتجين إلى التظاهر، لم تنفِ أن الوضع اقتصادي سيئ، وهو دافع للتظاهر.

وعما إذا كان هناك تحريض من “حزب الله” على الاحتجاجات بعد تصعيد أميركي بالعقوبات على الحزب وتوعد بتشديدها، رأت المصادر أن “منطق الأمور يؤكد أن نظام العقوبات على الحزب لن يتغير، والضغط يأتي من قبل واشنطن ولن يتغير نظام العقوبات في حال الضغط على الحكومة اللبنانية”. وأكدت أن إسقاط الحكومة “لن يغير الكثير بالنسبة للعقوبات على الحزب، بل على العكس سيضره أكثر”.

التحركات واستهداف العهد
في هذا الوقت، يواصل فريق رئاسة الجمهورية نغمة استهداف العهد، ورأى مقربون من الرئاسة الأولى عبر “النهار” “ان الامور تحولت نحو الفوضى، وبدأت تظهر إشارات على أن هذا التحرك بتنقله من منطقة الى أخرى، ودخول شبان من أحياء مختلفة، هو عبارة عن بروفة لتصفية حسابات بين أركان السلطة، وإمكان إحداث فوضى في البلد تذكر بشبح عام 1992 عندما أُسقطت حكومة عمر كرامي. لكن التحركات انعكست سلباً على إمكان تشكيل حالة شعبية اعتراضية على الوضع الراهن. وكان لافتاً التصويب في التظاهرة على العهد ورئيس الجمهورية، وهو ما اعتبره المصدر أنه يفيد الرئيس ولا يحرجه، ويؤكد وجهة نظره بأن هناك قوى تستهدفه وتحمله مسؤولية الأزمة”.

وسألت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية عبر لـ”اللواء” عن سبب التصويب على العهد وسيده في حين انه صاحب الحلول الكبرى وأنه تصرف بمسؤولية في مواقف محددة وقدم مقترحات في الورقة الأقتصادية وتعاطى مع القضايا ضمن المصلحة الوطنية ودعم خطة الكهرباء وحمل شعار مكافحة الفساد، في حين قدم تكتل لبنان القوي مشاريع قوانين كرفع السرية المصرفية عن المسؤولين والأموال المنهوبة فضلا عن دعمه مكافحة التهرب الضريبي وعدم اثقال كاهل المواطن؟

وسألت المصادر: نريد أن نعرف من المسؤول عن تأجيل بت كل هذه الأمور ولماذا استغلال عناصر تأزيم الأزمة ولكننا نحن لا ننكر ان هناك شعبا متألما.

وقالت: ان العهد قد يضطر الى تسمية الأمور بأسمائها دون ان يكون الهدف تقاذف الأتهام انما الأتيان بالحلول الى طاولة القرار الأجرائي او التشريعي، مشيرة الى أهمية مواقف عون في نيويورك في الملفات التي تناولتها كلمته واللقاءات التي عقدها وقالت: عاد من هناك ورأى بأم العين الإستغلال لعناصر تأزيم الأزمة بصورة اعتباطية او مفاجئة، لماذا؟

واضافت: هل قيض للرئيس ان تتبع سياسته او مقترحاته او مقترحات تكتل لبنان القوي سواء في الكهرباء والموازنة والأصلاح وظهر ما يسمى بالثورة اليوم؟ لذلك قال الرئيس عون في طريق العودة من نيويورك لا ادري ماذا يحصل في بيروت.

واوضحت انه عندما تحدث عن وزير المال وحاكم مصرف لبنان فكان بسبب توزيع المسؤوليات عليهما وفق اجتماع بعبدا بحيث طلب من الأول تمويل معين والأفراج عن دفعات المستشفيات والمقاولين ومن الثاني اعادة تحريك القروض الأسكانية مثلا.

وقالت: يجب ان نعرف لماذا الأن وسوف نتصدى لهذا السؤال وقد نسمي الأمور بأسمائها والأمر متروك لتقدير الرئيس عون في التوقيت المناسب دون ان يعني الأتهام او تقاذف الأتهامات انما قول الكلام المسؤول ورئيس الجمهورية هو مسؤول عن سلامة الأرض والشعب.

وعلى خط مواز، فتح الرئيس عون، منذ لحظة عودته إلى بيروت من نيويورك، خطوط الاتصالات بين بعبدا وكل المسؤولين الماليين والاقتصاديين في مقدمهم وزير المال علي حسن خليل والحاكم سلامة للبحث عن مآل الأوضاع وسبل العلاج، خصوصاً بالنسبة إلى أزمة نقص الدولار في الأسواق.

وعلم في هذا السياق، ان الرئيس عون كان يستفسر من المعنيين عن أسباب تفاقم أزمة شح الدولار، بعدما كانت قيد السيطرة قبل سفره، وتساءل عن مصير الدولارات وأين ذهبت، بعدما كانت مكدسة في المصارف؟ كما استفسر عن الحلول السريعة والممكنة قبل تفاهم الأزمة أكثر.

سلامة في بعبدا اليوم
من المرتقب أن يستنفر رئيس الجمهورية ميشال عون قصر بعبدا لعقد سلسلة من الاجتماعات والمشاورات خلال الساعات المقبلة بعدما استشعر استهدافاً مباشراً لعهده يلوح في أفق اشتداد الأزمة واتساع رقعة تشعباتها. وباكورة الاجتماعات الرئاسية ستكون اليوم مع حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ليطلع منه على أسباب تفلت سعر الصرف الذي حصل في سوق الدولار والسبل الآيلة إلى منع انفلات الأمور النقدية في البلاد، سيما وأنّ الحاكم بصدد إصدار تعميم غداً يُعنى بحماية مستوردي السلع الحياتية الحيوية وقطع الطريق على التلاعب بأسعارها من محروقات وقمح وأدوية. على أنه كان لافتاً للانتباه عشية لقاء عون بسلامة، الرعاية الكنسية التي منحها البطريرك الماروني بشاره بطرس الراعي لحاكم المركزي رافضاً تحويله إلى “كبش محرقة” في خضم محاولات “السلطة الهروب من المسؤولية” إزاء الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية الراهنة.

مصادر في التيار الوطني الحر قالت لـ”الأخبار” إن هناك “أزمة في إدارة العملية النقدية، وليس أزمة فقدان السيولة من السوق أو نقص في احتياطنا ومصارفنا”. والأكيد أن “ضبط هذه الأزمة بيد حاكم مصرف لبنان. فمشكلة عدم ضخ دولارات كافية معطوفة على سلوك المصارف بعدم تلبية حاجة السوق مرتبطة أولا وأخيرا بالمصرف المركزي”. ويعتزم الرئيس سؤال سلامة عن سبب “الانقلاب” على موقفه السابق بمنح قروض صناعية وزراعية واسكانية. ولا يلغي ذلك وجود “أزمة مالية واقتصادية عميقة عبّرت عنها الموازنة التي تحتاج الى كثير من التعديل لتتحول الى موازنة اصلاحية”، لكن “ليس الوقت مناسبا للمحاكمة على النوايا بتأخير خطة الكهرباء وتنفيذ الاجراءات التي أقرت في قصر بعبدا بموافقة كل الكتل السياسية وأحيل جزء منها الى الحكومة”. وأكدت المصادر: “سننتظر وهناك مسار مختلف سيتم اعتماده ابتداء من مطلع تشرين الأول”.

تعميم سلامة
وسط هذه الأجواء، تتجه الأنظار الى التعميم الذي من المتوقع أن يصدر عن حاكم مصرف لبنان غداً لتنظيم عملية تمويل استيراد النفط والطحين والدواء بالدولار الاميركي، أكد وزير سابق ونائب لـ”النهار” ان الحل “لا يلغي أصل المشكلة والتي لم تعد تعالج بالمسكنات لأنها كبيرة وعميقة، وتحتاج الى حلول جذرية وسلسلة اصلاحات واجراءات بات من الصعب المضي بها في ظل ما نشاهده يومياً من تهرب من المسؤولية وإلقاء البعض التهمة على الآخر”. وتخوف من أن ترجئ ضغوط الشارع اقرار مجلس الوزراء بعض الاجراءات الاقتصادية “الضرورية” لانقاذ الوضع موقتاً.

الوضع الحكومي تحت السيطرة
حكومياً، وإذ فرض سفر رئيس الحكومة سعد الحريري إلى باريس لتمثيل لبنان في مراسم تشييع الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك، إرجاء جلسة مجلس الوزراء التي كان مقرراً عقدها اليوم إلى حين عودته، أكدت مصادر كتلته النيابية أنه مصمم على تنفيذ برنامج حكومته الإصلاحي توصلاً إلى جلب استثمارات “سيدر” بالتوازي مع تحسين علاقات لبنان العربية لاستقطاب المستثمرين والودائع العربية ورفع النمو الاقتصادي والسياحي في البلد، واكتفت مصادر “المستقبل” في معرض تعليقها على مشهد التحركات على الأرض بالقول لـ”نداء الوطن”: “كل القوى السياسية في لبنان مقتنعة بضرورة اتخاذ إجراءات إصلاحية ضرورية”.

على المقلب الآخر من الحُكم، وبانتظار عودة رئيس تكتل “لبنان القوي” الوزير جبران باسيل إلى بيروت غداً، قالت مصادر رفيعة في تكتل “لبنان القوي” في تعليقها لـ”نداء الوطن” على مستجدات الأحداث: “نحن لسنا فقط نتفهّم مطالب الناس بل نذهب أبعد بالإصرار على تنفيذ كل السلة الإصلاحية التي تم التوافق عليها في اجتماع قصر بعبدا بحضور الجميع وخرجت منها ورقة مشتركة ندعو إلى ترجمتها في موازنة 2020″، وأضافت رداً على سؤال: “مطالب الناس محقة والإصلاحات ضرورية وكل ما عدا ذلك من أزمات قد يكون هناك جزء منها مفتعلاً ويمكن استغلاله، فالوضع المالي بالتأكيد صعب لكن البلد ليس مفلساً، والشحّ في الدولار في السوق اللبنانية لا يعني فقدان قيمة العملة في لبنان”، لتختم المصادر بشيء من توعد المماطلين بالمعالجات قائلةً: “المسألة ترتبط بالسياسة النقدية ولننتظر ابتداءً من الغد (اليوم) خطوات فخامة الرئيس، ومع مطلع تشرين الأول وما يلي لن يعود مسموحاً أن يمرّ التأخير أو المماطلة مرور الكرام”.