كتب عماد مرمل في صحيفة “الجمهورية” تحت عنوان “سفراء يُحذِّرون: كفى مراوغة!”: “أشهر صعبة وحاسمة تنتظر اللبنانيين الذين يشعرون يوماً بعد يوم بأنّ عوارض الأزمة الاقتصادية- المالية آخذة في التفاقم. أمّا سلوك الدولة في مواجهة هذه الأزمة ومفاعيلها، فلا يزال يفتقر حتى الآن الى ثقة جزء كبير من الداخل والخارج، بل انّ هذه الثقة تبدو مفقودة حتى بين عدد من اركان السلطة أنفسهم، على ما تكشفه المناكفات المتنقلة.
المفارقة العجيبة التي ترافق النزيف الحاد في الجسم اللبناني، هي انّ جميع المعنيين في الدولة يعترفون بالخطورة الفائقة للوضع الاقتصادي- المالي، ويحذّرون من احتمال الوقوع في المحظور ما لم تُتخذ تدابير فورية لتجنّبه، لكنهم يتصرفون في الوقت كمن يُسابق قطار الازمة السريع على إيقاع السلحفاة، وسط اتهامات متبادلة بعدم الجدّية وبنقص في التحسّس بالمسؤولية!
والمفارقة الاخرى تكمن في أنّ كل طرف لا يزال يسعى الى تفادي تقديم التنازلات من كيسه عندما يتعلّق الامر بترشيق الأحجام وتخفيف الأعباء الملقاة على عاتق الخزينة، وبالتالي يُنتظر من القوى الاخرى ان تبادر،هي، الى التضحية ببعض ما تملكه من مكتسبات، لعله ينجو، هو، من تجرّع هذه الكأس المرّة.
بهذا المعنى، فانّ معظم القوى تلعب على حافة الهاوية وتحاول حتى الرمق الاخير الحؤول دون ان تأتي المعالجات والتضحيات على حسابها، من دون الاخذ في الاعتبار انّ السقف المتفسّخ والمترنّح قد ينهار في اي لحظة على الجميع بلا استثناء، وعندها لن تنفع مظلة هنا او خيمة هناك للنجاة من الغرق في بحر الركام.
وإذا كان هناك في السلطة من يظن انّ بإمكانه ان يستمر في الهروب الى الامام والتحايل على الواقع، إلّا انّ أحد الوزراء “أفرج” عن الحقيقة الكاملة والصادمة، خلال لقاء مغلق مع بعض الاقتصاديين، حيث قال لهم: “بما انّ الباب مقفل ولا يوجد صحافيون معنا، اريد ان اصارحكم بأننا لسنا على عتبة الانهيار، بل أصبحنا في المرحلة الاولى منه، ولا اخفيكم سراً انني أشعر عند كل صباح بالقلق من التفاعلات المحتملة لهذه الازمة في الشارع. لكن الاوان لم يفت بعد لوقف الانزلاق نحو القعر والعودة الى برّ الامان، وجميعنا مسؤولون عن المساهمة في هذا الجهد”.
ويراقب السفراء الاجانب في بيروت السلوك الرسمي المتّبع في مواجهة الأزمة المتدحرجة، مع الاشارة الى انّ السفراء الاوروبيين هم الاكثر اهتماماً بالرصد وملاحقة التفاصيل، انطلاقاً من دورهم السابق واللاحق في مؤتمر “سيدر”، الذي منح الدولة اللبنانية “شيكات متأخّرة”، يبدو انّها ستبقى ممنوعة من الصرف، الى ان تنال الحكومة شهادة حسن سلوك و”براءة ذمّة” مالية من المجتمع الدولي.
وعشية زيارة الرئيس سعد الحريري باريس، حيث سيلتقي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في اطار السعي الى “تخصيب” مقررات مؤتمر “سيدر”، نقلت شخصية لبنانية عن سفير اوروبي بارز تأكيده انّ خطوات الدولة اللبنانية، حتى الامس القريب، “لم تكن قد ارتقت بعد الى مستوى التحدّيات والاستحقاقات الداهمة”.
المقال كاملاً في صحيفة الجمهورية