يواجه اللبنانيون مع بدء التحضيرات للسنة الدراسية الجديدة أزمة حقيقية لا تزال تتفاقم عاما بعد عام. فالحكومة التي اختارت الهروب من مواجهة الواقع المضني المفروض غصبا ليعاند ظروف المواطنين، تقف عاجزة أمام مسؤولياتها في هذا الوطن غير آبهة بحقوق ابنائه والتي قد يبدو أبسطها على الاطلاق حقّهم بالتعليم المجاني.
تتبدل الكتب الدراسية مع كل عام جديد بحجة تغيير المنهاج، الذي وإن دققنا به جيدا لوجدنا انه ما زال على ما هو عليه رغم بعض التعديلات التي لا تُذكر، كجرّة قلم لشطب عبارة او إلغاء صفحة، اما الاضافات فإن المدرّس يكتفي بالطلب من التلاميذ زيادتها بقلم الرصاص، حتى يتمكن الطالب الذي تمرر له الكتب المستعلمة في العام المقبل من الاستفادة منها.
مشاعر انسانية تبدو نبيلة الى اقصى حد، لكن الجهات التربوية حيث التجارة مربحة، تسعى مع كل عام الى فرض “خبرية” الطبعة الجديدة على اولياء الامور، ما يدفع الفقراء منهم للوقوف على اعتاب اهل الخير لينادوا “لله يا مُقرضين”. فالمحسنون، وما اقلّهم، باتوا يخشون “البعزقة” في ظلّ الازمات الاقتصادية والمالية التي تخيّم على لبنان.
وفي جولة سريعة على الأسواق والمكتبات، يمكنك بسهولة أن تلحظ شرارة القهر في عيون الأهالي وأبنائهم، وغضباً عارماً إن لم يُكبح جماحه عبر اجراءات جدية تحدّ من سلة الأزمات قد يطلق العنان للتمرّد على الوضع الراهن، فما بين فواتير التيار الكهربائي، الذي لا يكاد يمرّ في بيوت اللبنانيين لساعات، وفواتير المولدات الباهظة، وما بين اعباء الحياة اليومية من قوت ولباس، وارتفاع اسعار الكتب المدرسية وزيادة الاقساط، وقلة الحيلة على ابواب المستشفيات، لا بدّ من ان نستيقظ يوماً على صفارات انذار، يطلقها في هذه المرة هؤلاء اعلانا لحالة طوارىء شعبية.
هذا الصبر الذي يتمسّك به اللبنانيون متسلحين بالأمل يبدو قنبلة موقوتة، حيث أنهم ضاقوا ذرعاً بالضائقة المالية التي تضغط على أنفاسهم حتى بات الزفير أشبه بالبركان، وإن بقيت الحكومة متقاعسة عن اداء واجبها تجاه مواطنيها، ولم تسارع الى اتباع خطوات جريئة تعيد تحريك العجلة الاقتصادية في البلاد، قد نجد انفسنا جميعاً امام تحرّك شعبي يواجه لامبالاة المعنيين بسيف العصيان.
المصدر : ايناس كريمة – لبنان 24