أصدرت نقابة أصحاب محالّ الخلوي بياناً، أمس، تطلب فيه من التجّار “التقيّد بلائحة الأسعار وفق سعر صرف الدولار حالياً، لحين تثبيته من قبل مصرف لبنان”، وتحدّد فيه «سعر بطاقة التشريج لمدّة شهر واحد بـ 41 ألف ليرة لكل من خطوط تاتش وألفا، وسعر بطاقة التشريج لـ 10 أيام من تاتش بـ 21 ألفاً ومن ألفا بـ 17 ألف ليرة».
وبحسب صحيفة “الأخبار”، لا تنفصل هذه الخطوة عن خطوات سابقة مماثلة، مثل تحويل الأقساط الجامعية إلى الدولار، وبيع الدولار من الصرّافين وشركات التحويلات المالية بأسعار متفاوتة وأعلى من السعر الرسمي، في حين يستمرّ مصرف لبنان ببيع وشراء الدولار بـ 1514 ليرة. وهو ما يطرح علامات استفهام حيال صمت السلطات المعنية (مصرف لبنان ووزارة الاقتصاد والنيابات العامّة) وعدم تحرّكها لضبط سعر الصرف على أساس السعر الثابت ومنع تحميل الناس كلفة سياسة المصرف المركزي الرامية إلى سحب الدولارات من السوق.
ما يميّز خطوة نقابة أصحاب محالّ الخلوي: 1- أنها الإعلان الأول الذي يصدر عن جمعيّة تجّار حيال اعتمادها سعر صرف أعلى من السعر الرسمي، و2- أنها تتعامل مع الدولة ممثلة بشركتي الخلوي، وبالتالي تحاسبها وفقاً لسعر صرف أعلى من السعر الذي تعتمده.
في الواقع، تضيف “الأخبار”، تعدّ بطاقات تشريج وفاتورة الخلوي الخدمة الأساسية الوحيدة المقوّمة بالدولار في لبنان، ووفقاً للأسعار الرسمية الصادرة عن شركتي الخلوي، يبلغ سعر بطاقة التشريج لشهر واحد، مضافاً إليه الضريبة على القيمة المضافة نحو 25.23 دولاراً، وسعر بطاقة التشريج لمدّة 10 أيام مضافاً إليه الضريبة على القيمة المضافة نحو 12.61 دولاراً لخطوط تاتش، و10.08 دولارات لخطوط ألفا، وهو ما يعني أن سعر صرف الليرة المُحدّد في البيان يراوح بين 1686 و1625 ليرة مقابل الدولار.
يقول رئيس الهيئة التأسيسية لنقابة أصحاب محال الخلوي في لبنان مصطفى مرواني لـ«الأخبار» إن «التجّار باتوا يشترون الدولار بـ 1560 ليرة، أي بهامش أعلى من السعر الرسمي الذي يحدّده مصرف لبنان، ما دفع إلى رفع أسعار البطاقات لتغطية الخسائر الناجمة عن تذبذبات سعر الصرف، فالزبائن يدفعون ثمن البطاقات بالليرة ونضطر نحن إلى تحويلها إلى الدولار. وبما أن المصارف تضيّق على إمكانية التصريف لديها، ويبيعنا الصرّافون والوكلاء الدولار بنحو 1560 ليرة، لذلك رفعنا الأسعار لتخفيف الخسائر الناجمة عن انخفاض قيمة الليرة، وللضغط على مصرف لبنان الذي لم يتحرّك حتى اليوم لحماية سعر الصرف، إلّا إذا كان هدفه الضمني خفض قيمة العملة وتحميلنا الكلفة». ويتابع مرواني: «هدفنا ليس زيادة الأرباح من خلال استغلال الوضع القائم، بدليل أننا نشتري بطاقة التشريج لمدّة شهر واحد بـ 40 ألفاً و560 ليرة حالياً، بعدما كان سعرها يصل إلى 38 ألفاً و284 ألف ليرة، وهو ما يعني أن ربحنا الحالي لن يتجاوز الـ 440 ليرة من البطاقة الواحدة».
عملياً، لا يمكن تفسير هذا البيان وفقاً للأمين العام لحركة «مواطنون وموطنات في دولة» الوزير السابق شربل نحّاس سوى «بأنه انفلات واضح في سعر الصرف في السوق غير الرسمية نتيجة ندرة الدولارات في البلد، واستغلال التجّار لهذا الخلل لرفع الأسعار في ظلّ سكوت مطبق من كلّ الجهات المعنية وتحميل الناس الأعباء الناجمة عنه. ففي ظلّ غياب من يتحمّل المسؤولية لإدارة الانهيار، يصبح الناس ملزمين بتحمّل إرث الدين». بدوره، يرى الباحث في جامعة هارفرد دان قزي أن «صمت مصرف لبنان حيال الانفلات الحاصل في السوق غير الرسمية يدل على أمرين؛ إمّا أنه لا يملك 34 ملياراً من الاحتياطات بالعملة الأجنبية للدفاع عن سعر الصرف كما يعلن، أو أنه راضٍ بتشكّل سوق غير رسمية تعتمد سعر صرف أعلى من السعر الرسمي، وهو ما يعدّ تخفيضاً مقنعاً لسعر الصرف».
إلى ذلك، يقول المدير العام السابق ضمن مجموعة «أوراسكوم» وخبير الاتصالات معن الأمين، إن «الخطورة تكمن في أن بطاقات التشريج المقوّمة بالدولار قد تتحوّل إلى عملة ثانية موازية بسبب الأزمة وانخفاض سعر الصرف، وهو ما حصل في العديد من الدول الأفريقية التي شهدت انهيارات مالية. وبالتالي بعدما كان قطاع الخلوي مصدراً لجباية الضرائب المباشرة وغير المباشرة، خلافاً لوظيفته الأساسية، يصبح أيضاً بمثابة شركة صرافة تبيع الدولارات وأداة للمضاربة، في مخالفة واضحة للمادة 11 من قانون النقد والتسليف التي تحظر التعامل أو التداول بأي سندات أو أدوات أو بوسائل دفع غير مجازة قانوناً بالعملة اللبنانية أو بغيرها من العملات. لقد بيّنت هذه الأزمة خطورة الجوانب المشوّهة الناجمة عن تسعير خدمة أساسية مثل الاتصالات الخلوية بعملة أجنبية».