الرئيسية - أبرز الاخبار والتحقيقات - وأصبح عمر الجيش 74 سنة …

وأصبح عمر الجيش 74 سنة …


يحتفل الجيش اللبناني، ومعه كل الشعب، بعيده الرابع والسبعين، إستعدادًا للإحتفال الكبير بعيده الماسي، في الوقت الذي يرى الجميع فيه خشبة خلاص والعمود الفقري للحفاظ على الإستقرار الأمني، الذي هو الأساس المتين للإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي والنفسي.
ويأتي هذا الإحتفال اليوم، بعد مخاض عسير لولادة قيصرية لموازنة التقشف التي جاءت على حساب المواطن العادي الساعي إلى رزقه بشقّ النفس وسط ظروف إقتصادية صعبة لم تظهر نتائجها سوى على الطبقة الفقيرة أو المتوسطة، ومن بينهم المتقاعدون ولا سيما العسكريون منهم. فكانت تظاهرات وإحتجاجات شهدتها الساحات للمرة الأولى دفاعًا عن لقمة العيش وحفاظًا على حقوق ومكتسبات محقّة.
في هذه الساحات سمعنا أصواتًا كثيرة تئّن من الوجع، وهي لا تملك سوى صوتها فيما كان صوتها في الماضي خافتًا، ولم يعرف أصحابها سوى تأدية التحية وتنفيذ الأوامر تحت شعار معروف في المؤسسة العسكرية “نفذّ ثم أعترض”، وهم الذين كانوا يضعون أرواحهم على أكفهم، مدافعين بصدورهم العارية عن كل فرد من أفراد المجتمع، لكي يكون أمنهم آمنًا، ولكي يستطيعوا أن يناموا على أوسدتهم مطمئنين، فيما غيرهم يكونون ساهرين ولا يغمض لهم جفن ولا يرمش لهم رمش وأصابعهم على الزناد، متأهبين دائمًا لتبديد المخاوف ودحر شياطين الشر المتربصة بالوطن وأهله الهانئين المطمئنين إلى أن ثمة أعينًا مفتحة وحاضرة لرصد كل التحركات المشبوهة، التي يتربص أهلها بأهلهم شرًّا، ويضمرون لهم الأذية وكل أنواع الشرور.
في عيده الرابع والسبعين تخرّجت من مدرسة البطولة والعنفوان أجيالٌ، بعضهم ما زالت أيديهم على الزناد، مستعدين لبذل الغالي والرخيص لكي تبقى للوطن عزّته وكرامته وشهامته، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة، ولكن خارج الخدمة الفعلية، وهم خميرة الخمائر في المجتمع، ومنهم من سبقنا إلى دار الحق، ومن بينهم شهداء نعتزّ بتضحياتهم الغالية، التي أزهرت بلسمًا لكل الجروح والجراحات.
في هذا العيد، الذي نقف فيه مرّة من بين الكثير من المرّات، نتذكرّ هذا الكمّ الهائل من التضحيات، التي بذلت من قبل جنود مجهولين لم يكونوا ينتظرون عندما أقدموا وبذلوا أنفسهم تنويهًا أو وسامًا أو مكافأة ما، لأن ما يبذل نفسه عن أبناء وطنه يكون في أسمى درجات الإمحاء والبطولة، التي لا يفهمها سوى الشهداء الأحياء، الذين إما فقدوا بصرًا أو يدًا أو رجلًا، وهم لا يزالون يحملون عياءهم بصبر وإيمان بأن ما بذلوه لم يذهب سدى.
في هذا العيد، الذي هو عيد كل لبناني مؤمن بأن وطنه هو الأولوية، وله وحده يكون الولاء، نتوجه إلى قيادة الجيش بشخص العماد جوزف عون وضباطها ورتبائها وعناصرها بتحية إكبار، ليبقى للشرف والوفاء والتضحية مكانًا خاصًا في حياتنا اليومية.
ونخصّ بالتحية كل أم شهيد ذرفت الدموع على فقدن فلذات الأكباد، وننحي أمامهن بجلل وخشوع، لأنهن أعطين للوطن أغلى ما عندهن.
كل عام ولبنان وجيشه بألف خير.

– لبنان 24