الرئيسية - أخبار محلية و دولية - “فرقونا بريحة طيبة”… قرّفتونا!

“فرقونا بريحة طيبة”… قرّفتونا!


من بين النكات الأكثر سماجة التي سمعها المواطن منذ يومين هي أن حلّ موضوع النفايات سيبصر النور خلال شهر. هذه النكتة لم تمرّ مرور الكرام، على رغم أن هذا المواطن يريد، وعن حسن نية، أن يصدّق كل ما يُقال، وهو الذي لا يزال يتمسك بخشبة الخلاص في بحر هائج مائج.
لم تمرّ هذه النكتة مرور الكرام، لأن من جرّب المجرب كان عقله مخرّبًا، ولأن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، فكيف إذا لدغته الوعود مرتين وثلاثًا وأربعًا وصولًا إلى المليون.
فمنذ ما قبل العهد الحالي بكثير والمواطن يسمع النغمة ذاتها، وهو ينوعد بحلول لم تأتِ ولن تأتي، أقله ليس في أيامنا، وعلى الأرجح ليس في زمن أبنائنا ما دامت الذهنية نفسها هي التي تتحكّم بمسار الأمور.
وفيما يجهد وزير السياحة لكي يكون موسم الإصطياف واعدًا، وقد أنقضى نصف الصيف تقريبًا، نرى الكثير من السياح العرب والأجانب وحتى اللبنانيين المغتربين، يضعون أيديهم على أنوفهم بمجرد أن تطأ أرجلهم أرض المطار المحاصر بروائح كريهة غير معتادين عليها في البلدان الذين يأتون منها.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو كيف يمكن أن تكون السياحة في لبنان مزدرهرة مع هذا الحجم غير المنظور من الملوثات التي تنبعث من مكبات النفايات التي تزنّر العاصمة، جنوبًا (مطمر الكوستابرافا) وشماًلا (مكب برج حمود)، وما تنشره من سموم وأمراض سرطانية وجلدية، فضلًا عن الروائح الكريهة، التي تغزو الجيوب الأنفية من دون إستئذان.
سمعنا كثيرًا الحديث عن محارق ومطامر صحية، ولكن هذا الكلام بقي مجرد كلام ولم يلمس المواطن جدّية في تعاطي المسؤولين مع هذه الآزمة المستفحلة، التي لا حل لها، وكأن لبنان هو البلد الوحيد من بين سائر دول العالم المتحضّر والمتخلف على حدّ سواء، الذي لديه نفايات.
فكيف تتعاطى الدول مع هذه المشكلة، وما هي الطرق التي تلجأ إليها للحفاظ على بيئة نظيفة، وبالتالي ألم يستطع المسؤولون عندنا إقتباس الحلول من هذه الدول، التي تتعامل مع نفاياتها بحضارة ورقّي.
بالطبع يقول قائل أن ليس في الدول المتحضّرة أو المتخلفة ما يُعرف عندنا بالسمسرات، ولو على حساب صحة المواطن، وعلى حساب سمعة البلد والسياحة فيه.
ولأن المواطن، الذي لم يعرف كيف يحاسب في الإنتخابات النيبابية، وقد أنتج بعضًا من الطبقة السياسية نفسها، لا يملك حيلة سوى رفع الصوت في الصالونات فقط، ولا يعرف لغة سوى لغة النق والتذمر والتأفف، نسمع من وقت لآخر من يتحدّث بإسمه ويرفع الصوت، ولكن على من يقرأون مزاميرهم. “ما في حدن لا تندهي”.
وعل رغم كل ذلك لا يسعنا إلا أن نقول بإسم الكثرة الصامتة “فرقونا بريحة طيبة”. لقد قرفتمونا العيش في بلد يحسدنا الغير عليه، وهو بلد جميل بالفعل لو أن بعض المسؤولين يسمعون أغنية الفرسان الأربعة “الزعما فلّوا من لبنان” ويعملون بها.