كان جاد خاطر، إبن ١٧ عاماً يتمرن قبل خوض مباراة كرة القدم مع أصدقائه عندما وقع أرضاً. خذله قلبه فجأة في أرض الملعب، هذا المكان العزير على قلبه، وبرغم كل الإسعافات والمحاولات الطبية، وبعد ساعتين ونصف الساعة من المحاولة، أغمض جاد عينيه إلى الأبد.
طوى جاد صفحته الأخيرة في هذه الحياة باكراً، الجميع مصدوم، وجع الموت لا يُضاهيه وجع، صدمة وحزن وحداد، كيف لإبن ١٧ عاماً أن يرحل بهذه الطريقة؟ كيف لعائلته أن تصدق خبر رحيله وهي كانت معه قبل ربع ساعة من وفاته؟
رحيل جاد بوفاة مفاجئة تفتح جراحاً كثيرة لعائلات خسرت ابنها بهذه الطريقة، ويصعب مداواة قلب مفجوع على رحيل أحد الغالين عليه، وأملنا أن نوقف هذه المعاناة بالتوعية ونشر ثقافة الفحوصات لكهرباء القلب.
صورته مطبوعة على ورقة نعي، شاب مفعم بالحياة، يرتدي ثوب تخرجه. لم يتسنَ له أن يحقق أحلامه التي كان يبنيها بشخصيته الهادئة، سبقه الموت وما أقساه حين يأتي على غفلة.
يروي شقيقه طوني خاطر لـ “النهار” عن جاد، عن يومه، وما عاشه من لحظات قبل وفاته، يقول “كان جاد شاباً هادئاً يخطط لمستقبله. كان يعرف نفسه وقدراته، وكان يردد لنا دائماً “أنا بعرف حالي كيف عامل بالفحص ما تعتلو همّ”. نجح شقيقي في الإمتحانات الرسمية، لكنه لم يتسنَ له أن يفرح كثيراً، استعلجه الموت بعد ٣ أيام من صدور النتائج”.
“في هذا النهار كان جاد مختلفاً عن باقي الأيام، كان يضحك طوال الوقت، قام بكل ما يحبه”، هذا ما رواه أصدقاؤه لشقيقه طوني. “في الصباح الباكر من هذا اليوم المشؤوم، حمل جاد “الحلوينة” وذهب إلى الملعب للاحتفال بنجاحه، ثم لعب معهم ping pong وقضى نهاره معهم. استأجروا الـATV وأمضوا ساعات معاً قبل أن يعود إلى المنزل. جلس معنا بعض الوقت قبل أن يلتقي مجدداً بأصدقائه للعب كرة القدم. وبعد رحيله بـ١٥ دقيقة، اتصلوا فينا ليبلغونا أن جاد سقط أرضاً”.
كان قلب جاد ما زال ينبض. حتى في سيارة الإسعاف كان قلبه يتوقف ليعود من جديد. ساعتان في المستشفى يحاولون فيها إنقاذ جاد قبل أن يغمض عينيه إلى الأبد.
يتحدث طوني بوجع وحزن كبيرين، ليس سهلاً عليه أن يُشاركنا تفاصيل شقيقه الصغير الذي رحل فجأة. العائلة تحت وقع الصدمة والحداد، يصعب عليها تصديق ما جرى. مبادرة شقيقه كانت من باب رفع التوعية وإنقاذ باقي الشباب من هذه الكأس المرّة وانشالله “ما حدا يحترق قلبو متل ما عم يحترق قلوب كتير”.
خلل في كهرباء القلب
يُميّز الاختصاصي في أمراض القلب والأوعية وكهرباء القلب الدكتور مروان رفعت، بين الجلطة وهي كناية عن انسداد في شرايين القلب، وبين خلل كهرباء القلب. لذلك تكمن أهمية تشخيص الحالة وعدم إهمال أي عارض لا سيما أن العارض الأول قد يكون الأخير، ومن أهم هذه الأعراض:
– الإغماء
– الدوخة
– تسارع في دقات القلب
– غثيان
– ألم في الصدر
“رسالتنا اليوم” وفق رفعت “ليس فقط زيادة التوعية حول مشكلة كهرباء القلب وإنما الحضّ على أهمية توفير جهاز مزيل الرجفان القلبي AED في الأماكن العامة والجامعات والنوادي الرياضية لإنقاذ أرواح الشباب الذين يواجهون توقف القلب المفاجئ. ومن المهم الإشارة إلى أنه يمكن لأي شخص استخدام هذا الجهاز في حال تمّ تدريبه عليه”.
أسباب كهرباء القلب
يشرح رفعت أسباب توقف القلب الفجائي عند الشباب ومنها:
* اعتلال عضلة القلب الضخامي Hypertrophic Cardiomyopathy وهو مرض وراثي.
* خلل تنسُّج البطين الأيمن المحدث لاضطراب النظم
* متلازمة فترة QT الطويلة
* متلازمة بروغادا
* متلازمة وولف باركسون وايت
* ﺗﺴﺮّع البطين ﻋﺪﻳﺪ اﻷﺷﻜﺎل CPVT.
* عيوب خلقية للشرايين التاجية
* العامل الوراثي
* العيوب الخلقيه للقلب
تُصيب هذه المشكلة فئة الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 12- 35 عاماً، ويكون سبب الوفاة ناجماً عن خلل في كهرباء القلب وعدم انتظام دقاته.