كتب طوني عيسى في صحيفة “الجمهورية”: إذا انطلقت المفاوضات بين إسرائيل ولبنان، برعاية واشنطن وواجهة الأمم المتحدة، فستكون بالفعل بين إسرائيل وحزب الله، أي إيران. وهناك مغزى عميق لكون الرئيس نبيه بري صاحب الكلمة الفصل من الجانب اللبناني، مع أنه هو رئيس السلطة التشريعية لا السلطة التنفيذية.
في الترجمة السياسية، فإنّ الرئيس ميشال عون حيّد نفسه عن المفاوضات، على الرغم من أنه هو المولج التوقيع على المعاهدات الدولية، والحري به أن يرعى عملية التفاوض. كذلك فعل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، الذي يُفترض به أن يكون السلطة التنفيذية في أيّ تفاوض أو تسوية.
ليس سرّاً أنّ المسيحي اللبناني كان مُتَّهماً في بعض المراحل بأنه الأقل عداءً لإسرائيل، بل هو تعاون معها خلال الحرب الأهلية (علماً أنّ آخرين تعاونوا أيضاً بأشكال ودرجات مختلفة). هذه الصورة زالت اليوم، لأنّ التيارات المسيحية إمّا تتحالف مع حزب الله، أو تُزايد ضد إسرائيل. وفي المقابل، ربما يتعرض السنّي اللبناني للإحراج، لأنّ المرحلة تشهد انفتاحاً غير مسبوق بين إسرائيل والمحور العربي السنّي. لذلك، منعاً لأيّ التباس، لا المسيحي ولا السنّي سيقرّران في مسألة التفاوض مع إسرائيل، بل الشيعي “صاحب المقاومة” نفسه. فالرئيس بري يتحدّث مع السفير ديفيد ساترفيلد باسم الدولة التي يسيطر حزب الله على معظم قرارها، لكنه يتحدّث أيضاً من موقعه شريكاً لـ”الحزب” موثوقاً فيه.
رفض بري في اللقاءات الأخيرة ما حمله ساترفيلد. وأوحت أوساطه أنّ الرفض يتركز على تمسّك إسرائيل بالآتي:
1- فصل المفاوضات حول الحدود البرية عن المفاوضات حول الحدود البحرية.
2- الإصرار على مهلة محدّدة لإنهاء المفاوضات (6 أشهر أو9).
3- تقليص دور الأمم المتحدة لتكون راعية المكان فقط وتسليم الولايات المتحدة رئاسة الجلسات.
4- تبادل الأراضي بين البلدين في بعض المواقع البرية لإنهاء الخلاف على النقاط الـ13 الواقعة على الخط الأزرق.
في العمق، يريد لبنان مفاوضات تقنية حول الحدود برعاية الأمم المتحدة، لكنّ الإسرائيليين يريدونها مفاوضات سياسية ترعاها واشنطن، وتفتح الباب لإدخال لبنان في مفاوضات التسوية الآتية مع إسرائيل. وفي عبارة أخرى، تكون مفاوضات الحدود إحدى التطبيقات التمهيدية لـ”صفقة القرن” الآتية.
وتدرك إسرائيل أنّ لبنان مضطر إلى إنجاز ترتيبات الحدود ليدخل آمناً سوق النفط، وليتمكن من مواجهة مصر والأردن وقبرص واليونان وسائر أوروبا التي ارتبطت بشبكة خطوط تجتاز المتوسط من شرقه إلى شماله وغربه، بالتنسيق مع إسرائيل، وعبرت مناطق يعتبرها لبنان حقّاً له.
وسيكون صعباً على لبنان إقناع الأوروبيين والعرب بوقف عمليات الربط النفطي مع إسرائيل، لأنّ مصالحهم لا تسمح بذلك. فالمرحلة المقبلة ستكون حافلة بعمليات الربط المختلفة الأشكال بين العرب وإسرائيل وأوروبا.
لقراءة المقال كاملا في صحيفة الجمهورية