على رغم أن كل الجهات المتنازعة في المنطقة، تعلن وتؤكد عدم رغبتها في الحرب، يختلف الإسرائيليون في ما بينهم. ومنهم من يقول إنها ستكون قريبة. وهذه المرة لا يتم الحديث عن عملية عسكرية جديدة إنما عن حرب كبرى تمتد نيرانها إلى ثلاث جبهات: لبنان، وسوريا وقطاع غزة، وستكون بصمات ايران واضحة فيها.
منذ الساعات الأولى من عام 2018، تكاد لا تتوقف تهديدات المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان، ورئيس أركان الجيش، غادي إيزنكوت، وقائد سلاح البحرية إيلي شربيت، وضباط كبار في الجيش وخبراء أمنيون وعسكريون، جميعهم جعلوا من احتمالات اندلاع الحرب هذه السنة أكبر من أي وقت مضى، على رغم تقييمات مختلفة لجهات أمنية واستخبارية. ولم يتوقف الأمر، لدى هؤلاء المسؤولين على خطر اندلاع حرب، عبر الحدود بسقوط صاروخ أو قذيفة في شكل متعمد أو عن طريق الخطأ، أو الرد على قصف إسرائيلي على أهداف في سوريا أو حافلات نقل أسلحة من سوريا إلى لبنان، بل تصدرت تقارير وتصريحات الإسرائيليين آبار الغاز، في المياه الإقليمية.
الأسطول الصاروخي
ركزت التقارير الإسرائيلية على مدى تعزيز القدرات العسكرية لحزب الله وامتلاكه كميات كبيرة من الصواريخ، وحيازته مئة وثلاثين ألف صاروخ وقدرته على إطلاق عشرة آلاف صاروخ يومياً، على إسرائيل، في حال اندلاع حرب. وأضيف إلى ذلك ما تضمنته تصريحات شربيت، التي نشرها في مقال له في مجلة “بين القطبين”، حول امتلاك حزب الله “أكبر أسطول بحري” في العالم. وفق شربيت فإن آبار الغاز في البحر تشكل هدفاً مركزياً لحزب الله. ويقول إن حزب الله بنى لنفسه “منظومة هجومية إستراتيجية من كل النواحي وبأنه عمل على ضرب مواقع إستراتيجية مهمة في إسرائيل”.
وفي الوقت نفسه كتب الكولونيل يوفال إيلون، قائد قاعدة البحرية في أشدود، في مقال آخر يقول “يمكن الافتراض أنه في المواجهات المقبلة سيتم تهديد قاع البحر في شكل كبير من قبل العناصر المهتمة بضرب حصانة إسرائيل، حيث إن قوة الوسائل والقدرات كبيرة ومتعددة، بدءاً من الغواصين الانتحاريين، مروراً بتفعيل قوارب مفخخة، وحتى تفعيل غواصين في المياه العميقة والمتفجرات، بما في ذلك تفعيل غواصات صغيرة ومنظومة ألغام وتخريب من صنع ذاتي”، وفق إيلون الذي أضاف يقول: “على رغم قدرة حزب الله على ضرب آبار الغاز، فإن الجيش الإسرائيلي على قناعة بأن حزب الله لن يستعجل ضربها”.
ورافقت هذه التصريحات تهديدات مباشرة من قبل ضابط في سلاح البحرية بقوله: “إن ضرب هذه الآبار يعني إعلان حرب لبنان ثالثة”. وفي اليوم الذي تلى هذه التصريحات خرج رئيس أركان الجيش، غادي إيزنكوت، هو الآخر، بتهديدات وتصريحات يعلن فيها إن إسرائيل ستواجه في الحرب المقبلة خمس جبهات وهي: لبنان، سوريا، غزة، الضفة الغربية والأخطر بينها إيران.
وقال إيزنكوت: “لقد شهد حزب الله تغييراً في السنوات الأخيرة – من منظمة حفرت على رايتها عنوان درع لبنان في مواجهة إسرائيل، إلى القتال كذراع إيرانية. وفي اختبار القدرة، وفق إيزنكوت، فإن التهديد الأكثر أهمية يقوم على الساحة الشمالية، واللبنانية أساساً”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، في المقابل عن امتلاكه قدرات دفاعية كبيرة، ليس فقط براً إنما بحراً بنصبه منظومة القبة الحديدية على سفن ساعر 5، التي تحمي آبار الغاز، كرد فوري، بانتظار امتلاك سلاح البحرية أربع سفينة حربية من طراز ساعر 6 في 2019.
الاستخبارات العسكرية
عرض جهاز الاستخبارات العسكرية في إسرائيل، تقييمات للوضع الأمني لهذه السنة، أكثر طمأنة، ومع أنه أكد أن احتمال حدوث تصعيد يتطور من حادث معين سيزداد في شكل كبير مقارنة بعام 2017، إلا أن احتمالات اندلاع الحرب تكاد لا تذكر، حيث لا توجد لدى أي جهة في المنطقة مصلحة في المبادرة إلى حرب ضد إسرائيل، لا سوريا ولا حزب الله، في الشمال، ولا “حماس” في غزة، كل لأسبابه، مضيفاً “سوريا وحزب الله ينشغلان في ترميم قواتهما بعد سنوات طويلة من الحرب الأهلية، وحماس أولوياتها للمصالحة الفلسطينية الداخلية”.
وفي تطرقها لاحتمال تصعيد أمني توقعت أجهزة الاستخبارات أن مثل هذا التصعيد قد يأتي في أعقاب كشف نفق في غزة، أو في أعقاب عملية هجومية تنفذ في سورية، وتتهم إسرائيل بتنفيذها، وفي هذه الحالة، برأيه فإن الرد من الطرف الآخر سيكون أكبر. وإذا كان الجانب الثاني يحذر، حالياً، من الرد، فإن فرص الرد ستكون أكبر، وقد تتطور إلى تبادل ضربات تتواصل لأيام عدة، بل أكثر.
المصدر : آمال شحادة – الحياة |