المصدر : ليلي جرجس – النهار
لم يتسنَّ للشاب عبدالله مراد، إبن الـ23 عاماً أن يُحقق أحلامه التي كان يبنيها بحرص وعزم، هو الذي دخل معترك الجامعة وركض خلف حلمه بأن يكون مهندساً، خذله قلبه باكراً دون إنذار. في ألمانيا حيث وُلد هناك، أغمض عينيه إلى الأبد قبل أن يعود إلى موطنه وقريته الجنوبية. صفعة الموت المفاجئ قاسية وموجعة، ليس سهلاً على أهله وأقاربه وكل من عرف عبدالله أن يستوعب ما جرى، لم يكن يشكو من شيء وفجأة وقع أرضاً ليفارق الحياة بلحظة…”آخ من هالوجع”.
بات الموت المفاجئ متربصاً ومتلازماً لتوقف القلب عند الشباب، حوادث كثيرة وقصص حزينة كتبنا عنها، لم يكن أحدٌ منهم يشكو من أي عارض صحي قبل أن يخذله قلبه ويتوقف عن النبض. يتكرر المشهد أمامنا، صحيح أنه لا يمكننا الوقوف في وجه الموت لكننا نستطيع التحذير من مرض كهرباء القلب الذي يغدر بشبابنا دون أي عارض أو إنذار مسبق. قد يكون عبدالله واحداً منهم وقد لا يكون، لكن يتوجّب علينا تسليط الضوء على تلك المشكلة علّنا نُنقذ قلوب شباب آخرين من خلال فحص كفيل في كشف احتمال الإصابة به من عدمه.
صحيح أننا لا نعرف عبدلله لكن يكفي أن ترى صورته حتى تعرف حجم الخسارة والوجع. رحل فجأة وهذا ما يجعل صفعة الموت موجعة إلى هذا الحدّ. يروي أحد أقاربه أن “عبدالله لم يكن يشكو من شيء، كانت صحته جيدة. هو الذي وُلد في ألمانيا وترعرع هناك، إلا أنه لم ينسَ لبنان وكان يعود إليه كلما سنحت الفرصة. منذ سنة تقريباً، جاء في عطلة صيفية إلى قريته الجنوبية وبقي شهراً هنا قبل أن يعود أدراجه لاستكمال دراسته في الهندسة”.
3 سنوات مرّت على دخوله معترك الجامعة ليدرس الهندسة، هذا الاختصاص الأحبّ إلى قلبه. كان على وشك التخرّج لكن قلبه خذله قبل أن يُحقق أحلامه التي كانت في انتظاره. يقول قريبه “في يوم الحادثة، شعر عبدلله بألم في قلبه، وضع يده على صدره وسقط أرضاً. خذله قلبه حتى قبل الوصول إلى المستشفى. لم يفهم أحد ما جرى معه، لم يكن يشكو من شيء وفجأة سقط أرضاً. وبعد تشريج الجثة تبيّن أن سبب الوفاة مشكلة في القلب دون معرفة باقي التفاصيل”، هذا ما أكّده لنا قريبه.
“المفاجئة شكّلت صدمة للجميع، هذه حكمة الله، لا أحد قادراً على استيعاب هذه الخسارة لكن ما باليد حيلة”. ويشدّد قريبه على أن “سبب الوفاة مشكلة في القلب لكن لسنا واثقين ما إذا كانت نتيجة خلل في كهرباء القلب أو مشكلة أخرى في القلب، ما نعرفه أنه رحل فجأة دون أن يشعر أو يشكو من أي عارض أو إنذار صحي قبل الوفاة المفاجئة”.
يدفعنا وفاة عبدالله وغيره من الشباب الذين رحلوا فجأة، إلى التوعية من مخاطر كهرباء القلب وغيرها من الأمراض القلبية التي يمكن الوقاية منها بفحص ومراقبة دورية. الوقاية واجب كما يقول الطب، وهذا لا يعني أننا سنمنع الوفاة ولكن على الأقل علينا إجراء الفحوصات الروتينية والتوعية من أمراض القلب لا سيما كهرباء القلب، لحماية قلوب الشباب الذين يسقطون على غفلة. لا يمكننا تبنّي فرضية أن عبدالله توفي نتيجة خلل في كهرباء القلب، لكن يمكننا تسليط الضوء عليها لزيادة الوعي وحضّ الشباب على إجراء فحص كهرباء القلب “على صحة السلامة”.
خلل في كهرباء القلب
يُميّز الاختصاصي في أمراض القلب والأوعية وكهرباء القلب الدكتور مروان رفعت، بين الجلطة وهي كناية عن انسداد في شرايين القلب، وبين خلل كهرباء القلب. لذلك تكمن أهمية تشخيص الحالة وعدم إهمال أي عارض لا سيما أن العارض الأول قد يكون الأخير، ومن أهم هذه الأعراض:
– الإغماء
– الدوخة
– تسارع في دقات القلب
– غثيان
– ألم في الصدر
“رسالتنا اليوم” وفق رفعت “ليس فقط زيادة التوعية حول مشكلة كهرباء القلب وإنما الحضّ على أهمية توفير جهاز مزيل الرجفان القلبي AED في الأماكن العامة والجامعات والنوادي الرياضية لإنقاذ أرواح الشباب الذين يواجهون توقف القلب المفاجئ. ومن المهم الإشارة إلى أنه يمكن لأي شخص استخدام هذا الجهاز في حال تمّ تدريبه عليه”.
كيف يمكن علاج كهرباء القلب؟
كما يشدد الدكتور رفعت على “أهمية الكشف المبكر والتأكد من التاريخ العائلي للشخص وإجراء الفحص السريري وفحص القلب وتخطيطه كهربائياً، وعلى أساسها تشخَّص حالة المريض وبالتالي يحدد نوع العلاج”.
أما بالنسبة إلى العلاجات يمكن تقسيمها وفق الآتي:
* أدوية تنظّم دقات القلب
* زرع جهاز لتفادي خطر الوفاة المفاجئة
* الكيّ: وهنا يتمّ إدخال قثطار لتحديد موقع الاعتلال وكيّه.