تحت عنوان “مصادر ديبلوماسية غربية: رغبة اميركية بتوريط حزب الله في عملية عسكرية تتزامن مع العقوبات” كتبت بولا مراد في صحيفة “الديار” وقالت: تتسارع خطوات التصعيد الأميركي ضدّ ايران في المنطقة، بالتزامن مع دخول المرحلة الثانية من العقوبات النفطية حيّز التنفيذ، وإصرار الإدارة الأميركية على تصفير صادرات ايران من النفط والغاز، لخنق طهران اقتصادياً وجرّها الى مفاوضات وفق الشروط الأميركية، مختلفة عن المفاوضات السابقة التي أفضت الى إبرام الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست في عهد الرئيس باراك أوباما، وهو ما عبّر عنه بوضوح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بقوله “أنتظر أن يتصل بي المسؤولون الإيرانيون، لإعلان رغبتهم بإجراء مفاوضات على أسس جديدة”.
تعرف الإدارة الأميركية جيداً أن إيران بارعة في امتصاص النقمة الأميركية، والصبر طويلاً على العقوبات، مستفيدة من تجارب العقوبات السابقة التي دامت أكثر من عقد كامل، ولم تقدم خلالها أيّ تنازلات سياسية، على طريقة حائك السجاد العجمي الذي يستغرق سنوات في حبك خيوطها قبل أن تكتمل صورة اللوحة في نهاية المطاف، لذلك فإن سياستها في المرحلة الراهنة، تتجه نحو استيعاب النقمة الأميركية، من دون الذهاب الى التصعيد والمواجهة الّا إذا فرضت عليها.
غير أن صناع القرار في الإدارة الأميركية يبحثون عن مخارج تجنّبهم الغرق في مستنقع لعبة إضاعة الوقت التي تجيدها القيادة الايرانية بإتقان، ما يؤدي الى نجاح طهران في الصمود طيلة السنة المتبقية من ولاية ترامب، إذ أنه مع انتهاء الأسبوع الأول من العقوبات لم يتغيّر شيء بالنسبة للإيرانيين، وهو ما يدفع بالجانب الأميركي الى رفع سقف المواجهة، عبر قرع طبول الحرب ولو في الظاهر، والدفع بحاملة الطائرات (يو إس إس ابراهام لينكولن) الى منطقة الخليج، معززة بقاذفات كبرى تابعة لسلاح البحرية الأميركية.
قبل يومين نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً يستدعي التوقف عنده وقراءته بتمعّن، إذ نقلت عن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتن، قوله إن بلاده “سترسل حاملة الطائرات مع قوة من القاذفات الى الشرق الأوسط، في رسالة واضحة ولا لبس فيها موجهة الى ايران”، مؤكداً أن “هذه القوّة مهيأة للردّ على أي هجوم سواء من القوات النظامية الإيرانية أو من الحرس الثوري أو وكلائه”.
ماذا يعني هذا الموقف الصادر عن أعتى صقور الإدارة الاميركية؟
قد يكون هذا الكلام مفهوماً في عزّ التصعيد الأميركي ــ الإيراني، الا أنه من حيث التوقيت والمضمون يحمل دلالات مختلفة، إذ يؤكد باحثون في السياسة الأميركية أن “مؤشرات هذا الكلام تحمل انذر مواجهة قد تفتعلها الولايات المتحدة في أي وقت”. وشبّهوا التحذير الأميركي من شنّ هجوم إيراني على أهداف أميركية في الشرق الأوسط، بالذريعة التي اختلقتها إسرائيل في صيف العام 1982، عندما أرسل الموساد من يطلق النار على سفير إسرائيل في لندن، ليبرر اجتياح لبنان والوصول الى العاصمة بيروت. ولا يستبعد الباحثون إمكانية أن “تستخدم القوات الأميركية بعض عملائها، لشنّ هجوم مفتعل ومخطط له أميركياً على أحد قواعدها سواء في العراق أو سوريا أو يستهدف أحدى قطعاتها العسكرية البحرية، لخلق الأرضية لعمل عسكري ومواجهة على مستوى المنطقة”.
ويتقاطع هذا الاحتمال مع كلام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي أعلن أن بلاده “ستحمّل إيران المسؤولية المباشرة عن حصول هجمات على المصالح الأميركية عبر طرف ثالث مثل حزب الله”، وبرأي مصادر ديبلوماسية غربية فإن “أي مواجهة محتملة لن تكون الساحة اللبنانية بمنأى عنها، خصوصاً إذا ما تعمّد الجانب الأميركي اتهام “حزب الله” بالضلوع في هكذا عمل مزعوم، وبالتالي فإن العيون الأميركية مفتوحة على الحزب، وثمة رغبة بتوريطه في عملية عسكرية تتزامن مع العقوبات المالية والاقتصادية المشددة ضدّ الحزب اللبناني والكيانات التابعة له، ورجال الأعمال الشيعة المقرّبين منه”.
ولا تستبعد المصادر الدبلوماسية، احتمال “ذهاب المنطقة الى المواجهة المحتملة مفتوحة، قد تشمل سوريا والعراق ولبنان، وأن تكون إسرائيل جزءاً من الحرب المقبلة، خصوصاً وأن حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو تعتبر أن “حزب الله” يشكل قوّة رادعة قادرة على كسر معادلة التفوّق العسكري الإسرائيلي”. وبرأي المصادر نفسها فإن تل أبيب “قد تلعب الدور المسهّل لإشعال فتيل المواجهة بإشارة من الولايات المتحدة الأميركية، عبر اختيار ضرب أهداف حساسة في لبنان أو سوريا تستدعي رداً سريعاً من حزب الله، خصوصاً وأن تكاليف السياسية والمالية واللوجستية للحرب المحتملة تتحملها إدارة ترامب، وليست حكومة نتنياهو”.
أمام أي من هذه الاحتمالات الكفيلة بإشعال حرب واسعة، تذكّر مصادر مقرّبة من حزب الله بموقف الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، الذي أطلقه قبل سنتين، وأعلن فيه صراحة أن “أي حرب مقبلة من إسرائيل، ستلغي كلّ الحدود، وتوحدّ الساحات من فلسطين الى لبنان وسوريا والعراق وايران، وربما على مساحة جغرافية أكبر، وستكون مسرحاً لمئات آلاف المقاتلين”.
فهل يأخذ صناع الحرب هذه الاحتمالات بعين الاعتبار؟ لعلّ التطورات المقبلة هي الكفيلة بالإجابة على كل هذه التساؤلات.
المصدر: بولا مراد – الديار