الرئيسية - أخبار محلية و دولية - عن جدّ صار بدّا “آه يا حنان”!

عن جدّ صار بدّا “آه يا حنان”!

بعد كل هذه التعقيدات والكلام الكثير الذي يحتمل التأويل والقال والقيل، وبعد كل هذا التخبيص خارج صحن الموازنة لم يجد المسؤولون أي وسيلة أخرى لمعالجة الأزمة المالية، التي ليست بنت ساعتها، بل هي مزمنة، سوى تحميل الطبقة العاملة، أو الطبقة الفقيرة، بعدما حوّلوا الطبقة الوسطى إلى فقيرة، أي أن أكثر من ثلثي الشعب اللبناني قد أصبحوا يلامسون خط توتر الفقر العالي.

ففي هذه الزاوية بالذات، وفي أكثر من مقال عن حال الإفلاس التي سيصل إليها لبنان، حتى ما قبل الكلام الذي نقله البطريرك الماروني عن رئيس الجمهورية، والذي أحدث “نقزة” إضطرّت بعدها دوائر القصر الجمهوري للتدخل للتخفيف من وقع الصدمة على “الشعب العظيم”، حاولنا كما حاول الكثيرون قرع جرس الإنذار، بإعتبار أن وضع لبنان المزري لا يسمح بكثير من “الفلفشة” والبحبوحة والتعاطي مع الأزمة وكأنها غير موجودة.

فالذي أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه من حال أقل ما يُقال فيها إنها كارثية هي تلك السياسة، التي لم تكن ترى ابعد من أنفها، ولم تكن تستوعب التحذيرات التي كان يطلقها البنك الدولي والدول التي رعت مؤتمر “سيدر”، ومن بينها فرنسا، التي بدت في مرحلة من المراحل أكثر حرصًا على الإستقرار المالي في البلد أكثر من كثيرين من اللبنانيين، الذين كانوا يغنون في أيام الحصاد، متأثرين بقصيدة جان دولا فونتين.

بالتأكيد أن ما أوصل الوضع الإقتصادي إلى حافة الإنهيار ليسوا بالطبع الموظفين، الذين يكاد راتبهم الشهري أن يمدّهم بقوة الإستمرار لمدة عشرة ايام، بعد إقرار هذه السلسلة المسخ، التي أكلها غلاء المعيشة وإرتفاع اسعار السلع الإستهلاكية الضرورية في شكل جنوني وفاحش وذلك بقضمة واحدة، مع ما أحدثته هذه السلسلة، التي أدخلت البلاد في متاهات كان من السهل تجاوزها، من شرخ بين رواتب القطاعين العام والخاص، بحيث فقد الموظف في القطاع الخاص ثلاثين في المئة من قيمة راتبه، الذي بقي على حاله، منذ اللحظة الأولى لإقرار هذه السلسلة، من دون أن يعني ذلك أن الحق على موظفي القطاع العام، الذين يستحقون عن جدارة ما لحقهم من زيادة في الرتب والرواتب، مع الأخذ في الإعتبار أنه بعد هذه السلسلة لم يعد يجوز الإستمرار بالعمل وفق الساعات الإضافية، وإن تراجعت نسبتها إلى حدود الثلاثين في المئة من قيمة الراتب الشهري، إلاّ أنها تدخل حتمًا في خانة الهدر والتبذير اللذين هما في غير مكانهما، وهو وجه من وجوه الفساد المستترة والمقنعّة بغلاف قانوني والموضوع على قياس بعض المستفيدين.

فأمام هذه المشهدية – المهزلة، وبعد سلسلة أرادها البعض أن تدخل في كتاب “غينيس” كإنجاز تاريخي يُسجّل لهم، تمامًا كإنجاز قانون إنتخابي لم يعرف أحد حتى الآن كوعه من بوعه، الأ يستحق الأمر أن ندندن كما يدندن غيرنا ونقول: “آه يا حنان”!
المصدر : لبنان 24