كتبت بولا مراد في صحيفة “الديار”: نتائج الانتخابات الإسرائيلية دفعت المنطقة نحو مرحلة جديدة من التصعيد، ووضعت لبنان على صفيح ساخن، ليس لأنها منحت بنيامين نتنياهو أغلبية داخل الكنيست، وكرّست بقاءه على رأس الحكومة الاسرائيلية الجديدة، بل لأنها أظهرت تنامي تيّارات اليمين المتطرّف، وأعطت تفويضاً لنتنياهو للمضي في تنفيذ بنود صفقة العصر، التي تكرّس سيادة إسرائيل على القدس، وضمّ الجولان السوري المحتلّ الى الدولة العبرية، وتهديد مصير الضفّة الغربية عبر تشريع وضع المستوطنات، وحكماً القضاء على فكرة الدولة الفلسطينية، بدعم مطلق من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
فوز نتنياهو ورفع حصّة الليكود داخل الكنيست مع الأحزاب اليمينية الأخرى، لا يعني بالمفهوم الانتخابي تجديد المبايعة لرئيس الحكومة الحالي، بل هو بحسب مصدر دبلوماسي عربي “يعني تفويضاً من الشارع الإسرائيلي، لترجمة الوعود التي قطعها نتنياهو خلال حملته الانتخابية، وضرب فكرة السلام”. ويؤكد المصدر الدبلوماسي، أن “نتائج الانتخابات الإسرائيلية نسفت المبادرة العربية التي أطلقها العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز خلال القمّة العربية في بيروت في العام 2002، وأثبتت أن المجتمع الإسرائيلي لا يؤمن بمفهوم السلام، بقدر ايمانه بتكريس احتلال الأراضي العربية وتعميق معاناة أهلها”.
هذه التطورات، جعلت من لبنان البلد الأكثر تأثراً فيها، باعتبار أن الأراضي اللبنانية المحتلّة ستكون حكماً ضمن السيادة الإسرائيلية، وفق الخيارات التي طرحها رئيس وزراء العدو، وبمباركة دونالد ترامب وإدارته، وبالتالي فإن الانتخابات العبرية وضعت لبنان أمام مرحلة بالغة الدقّة، ومفتوحة على كلّ الاحتمالات، وهو ما توقعته مصادر مقرّبة من حزب الله، حيث أكدت أن الصعود القويّ للأحزاب اليمينية في إسرائيل، يكرّس صوابية خيار المقاومة، وعدم التخلّي عن أي عنصر من عناصر القوّة التي يمتلكها لبنان، وأسقطت كلّ فرص السلام المزعوم”، معتبرة أن “من يعيش الى جانب كيان غاصب يمارس يومياً إرهاب الدولة لا يمكن أن يأمن جانبه”. وبرأي المصادر نفسها، فإن “العبرة ليست في فوز نتنياهو، بقدر ما تعني أن الجمهور الإسرائيلي بغالبيته الساحقة جمهور متشدد ومتطرّف، وعليه أن يتحمّل نتائج خياراته في مرحلة جديدة من التصعيد، يبدو أن المنطقة مقبلة عليها، ولن يكون الإسرائيليون مطمئنون فيها”.
ولا يختلف اثنان على أن الانتخابات الإسرائيلية أفرزت واقعاً جديداً سواء داخل فلسطين المحتلّة أو على صعيد المنطقة، وأشار المصدر الدبلوماسي الى أن “الفريق المؤيد للسلام سواء في إسرائيل أو لدى السلطة الفلسطينية خسر الرهان، لأن نتنياهو أجهز على هذه الفكرة، عبر وعده بضمّ مستوطنات الضفة الغربية الى السيادة الإسرائيلية، خصوصاً تلك القريبة من القدس، وهذا يمثّل أكبر ضربة للحلول القائمة على معادلة “الأرض مقابل السلام”، لأن هذه المعادلة ذهبت الى غير رجعة”، مشيراً في الوقت نفسه الى أن “مقاربة ملفات المنطقة، يتفق حولها اليمين واليسار في إسرائيل، لأن كلاهما يقف خلف الولايات المتحدة، خصوصاً في موضوع المواجهة مع ايران”.
ومع تقدّم احتمالات التصعيد على فرص السلام، يؤكد مصدر سياسي لبناني أن “فوز اليمين المتطرف في إسرائيل، يأتي في مرحلة بالغة الدقة، وهو يتزامن مع تصنيف الولايات المتحدة الأميركية للحرس الثوري الإيراني كتنظيم إرهابي، وهو ما يفتح أبواب المواجهة مع ايران في الساحات العربية، بدءاً من لبنان إلى سوريا والعراق”.
ويقول خبير “اسرائيلي” “قد يكون هناك ما يشفع للبنان، ويجنّبه مواجهة عسكرية، وهذا يتمثّل بمواصلة الإدارة الأميركية تسليح الجيش اللبناني، والاهتمام بموضوع النازحين السوريين، وعناية المجتمع الدولي باستقرار لبنان”، لكنه أشار في الوقت نفسه الى أنه “حتى الأميركيين لا يمكنهم لجم إسرائيل، ومنعها من ضرب لبنان، خصوصاً إذا اندلعت المواجهة على الأراضي السورية، وكانت ايران وحزب الله جزءاً منها، وهذا قد يجعلنا فجأة أمام حرب مؤلمة جداً، قد تخترع إسرائيل ذرائعها، كما فعلت في العام 1982، عندما أطلق مجهول النار على سفيرها في لندن، واتخذت منه سبباً لاجتياح لبنان”.
المصدر: الديار