تزامن وضع واشنطن الحرس الثوري الإيراني على لائحة المنظمات الإرهابية مع عودة حزب ” الليكود” برئاسة بنيامين نتانياهو إلى السلطة في إسرائيل مرة جديدة، مع ما تعنيه هذه العودة من إستمرار الضغوطات الأميركية على “حزب الله”، عبر البوابة الجنوبية وما تفرضه عليه من عقوبات، ومن خلاله على جميع الذين يؤيدون سياسته في لبنان، ومن بينهم بالطبع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وجميع حلفائه في الداخل اللبناني، وما يمكن أن تتخذه من إجراءات محتملة، وهي لا تزال حتى الساعة مجرد “بالونات إختبار”، من خلال تسريب بعض المعلومات عمّا سيواجهه اللبنانيون، الذين يدعمون خط المقاومة.
مع هذه التطورات الخارجية، التي سيكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الساحة اللبنانية، بدأ لبنان بعد إقرار خطة الكهرباء يستعيد بعض أنفاسه، كخطوة أولى ستتبعها من دون شك خطوات إصلاحية أخرى في مسيرة الألف ميل للوصول إلى مرحلة تنفيذ مشاريع “سيدر”، التي يعلق عليها اللبنانيون الآمال العريضة للخروج من أزماتهم الإقتصادية والمالية، على رغم معرفة المسؤولين المسبقة أن الإدارة الأميركية، وبتوجيه مباشر من الرئيس دونالد ترامب، ستحاول وضع العصي في دواليب “سيدر”، ما لم ينصاع لبنان للشروط الأميركية، التي كشف عن بعضها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال زيارته الأخيرة لبيروت، وهو الذي كان واضحًا لجهة تحميل “حزب الله” مسؤولية ما وصل إليه لبنان ومحذرًا من أنشطته، معتبرًا أنها “مزعزعة للاستقرار في لبنان والمنطقة”.
وما أزعج واشنطن هو الكلام الذي سمعه بومبيو من رئيس الجمهورية، الذي أعتبر أن “حزب الله” هو مكّون من مكونات النسيج اللبناني السياسي، وهو ممثل في المجلس النيابي بكتلة وازنة، وكذلك في الحكومة بثلاثة وزراء، وهذا الإنزعاج عبّر عنه أكثر من مسؤول في الإدارة الأميركية، الذين لوحوا بإجراءات مستقبلية ستطال جميع الذين يغطّون الحزب داخليًا، الأمر الذي تلقاه المعنيون في لبنان بكثير من الإستهجان والتقليل من خطورة مفاعيله، أقله بالنسبة إلى ما سمعوه من بومبيو بالذات عندما تحدّث عن حرص واشنطن على الإستقرار الأمني على الساحة اللبنانية وإستمرارها في دعم الجيش اللبناني للقيام بما يؤّمن هذا الإستقرار، على رغم الحديث المتصاعد عمّا يمكن أن تشهده المنطقة من تطورات قد تكون متسارعة، والتي من المرجّح أن يكون لها تأثيرات سلبية على الوضع اللبناني الداخلي.
وعلى رغم هذا الجو الآخذ في التنامي فإن المسؤولين اللبنانيين، الذين يدركون صعوبة الأوضاع، مستمرون في إتخاذ الخطوات التي من شأنها تخفيف الضغوطات الخارجية، من خلال تمتين الجبهة الداخلية بما يؤّمن للبنان حصانة تمكّنه من التعاطي مع التطورات الخارجة عن إرادته بالحدّ الأدنى من التضامن بين مكوناته السياسية، وعدم الإفساح في المجال للخارج، أيًّا يكن، بإحداث خرق في جدار الساحة الداخلية، إلاّ أن هذا الأمر لا ينفي ما يمكن أن تتخذه واشنطن من إجراءات وتدابير لجعل مهمة رئيس الجمهورية الإنقاذية صعبة المنال في المدى المنظور، مع الأخذ في الإعتبار الدعم الذي تلقاه عون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيارته الأخيرة لموسكو.
المصدر: خاص لبنان 24