الرئيسية - أخبار محلية و دولية - “الفساد”… ذاك المصطلح المطّاط!

“الفساد”… ذاك المصطلح المطّاط!

لم يبدأ عهد من العهود السابقة في عمر لبنان الحديث إلاّ وكان مصطلح “مكافحة الفساد” سمة من سمات كل من هذه العهود، التي طواها الزمن وتعاقبت أجيالٌ على تحمّل المسؤولية، فيما بقي الفساد غير المكَافح متغلغلًا في شرايين الإدارات الرسمية إلى يومنا هذا، حيث نسمع عن توقيفات في أسلاك من المفترض، نظريًا، أن تكون مؤهلة لهذه المكافحة بجدية وحزم ومن دون تهاون مع أي فاسد، أيًّا يكن، ومهما علا شأنه، وأيًّا كانت الجهة التي تحميه وتغطيه.

فإن تحديد أسباب الفساد يشكل نقطة الانطلاق في الطريق الى مكافحته، لأن التشخيص الصحيح لللآفة والمرض يسمح بوصف العلاج الناجع والدواء الشافي له، غير أن أسباب الفساد تبدو متعددة للغاية وتختلف حدتها بين مجتمع وآخر ومن دولة الى اخرى، تبعا لطبيعة كل منها والقيم السائدة فيها والنظم والعادات والتقاليد التي تحكمها والعوامل السياسية والفكرية المتأثرة بها، بالاضافة الى كفاءة الجهاز الاداري العام فيها.

وتتلخص ابرز اسباب الفساد في التجارب المقارنة بالآتي:
1 – غياب الارادة السياسية لمكافحة الفساد والتراخي في محاسبة المفسدين والفاسدين.

2 – التساهل في تطبيق القوانين والانظمة وعدم قيام السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية والجهات الامنية المختصة بدورها كاملا في الرقابة وقمع الجرائم وضبط المخالفات وملاحقة المجرمين والفاسدين وإنزال العقوبات اللازمة بهم.

3 – عدم خضوع التعيينات في الوظائف العامة ولا سيما القيادية منها لمعايير الكفاءة والجدارة والاستحقاق وعدم تطبيق قاعدة الثواب والعقاب، الامر الذي يضعف من فاعلية الاداء الاداري العام.

4 – تدني رواتب وأجور العاملين في القطاع العام.

5 – عدم إقرار الموازنة العامة وقطع حسابها وفتح حسابات من خارجها.

6 – وفرة الموارد الطبيعية والثروات في الدولة يغري العديد من المسؤولين لاستغلال مناصبهم وتحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة.

7 – تدخل الحكومات في العديد من الانشطة الاقتصادية بابا يلج منه بعض الموظفين العموميين لتحقيق مكاسب شخصية ومنافع مالية خاصة، عبر تقديم خدمات غير مشروعة للشركات او الافراد.

8 – عدم الاستقرار السياسي والامني، اذ يلاحظ استشراء حالات الفساد اثناء التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الدول.

9 – غياب الشفافية والمحاسبة والمشاركة في أي نظام حكم تجعله مرتعا لتفشي حالات الفساد وأرضًا خصبة له.

10 – عزوف هيئات المجتمع المدني والرأي العام ووسائل الاعلام عن القيام بدورها في مراقبة السلطة السياسية واداء الجهاز الاداري العام عن طريق كشف حالات الفساد وفضح المفسدين.

11 – أسباب تربوية وسلوكية ناجمة عن تقصير الاهل والمؤسسات التربوية، من مدارس وجامعات، في تعميم مبادىء الاخلاق والقيم الانسانية والروحية السامية في نفوس الاطفال والاجيال الصاعدة، ما يؤدي الى انحراف في السلوك العام والقيام بتصرفات فاسدة وغير حميدة.

12 – جهل فئة من المواطنين لحقوقهم ما يؤدي الى تفشي حالات الفساد والتشجيع عليه.

13 – الاستنسابية والانتقائية في تطبيق القوانين والانظمة.

وإستنادًا إلى هذه المقاربة يمكن إستشراف المستقبل في عملية مكافحة الفساد، الذي يجب أن يبدأ في مكان ما من دون أن تتوقف مندرجاته بأي حجة من الحجج.

المصدر: لبنان 24