على وقع الهجوم الذي شنّه وزير الإقتصاد منصور بطيش على حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، مع ما سيكون لهذه الخطوة من تداعيات على الوضعين الإقتصادي والمالي في البلاد، إنتقل الإختلاف في وجهات النظر على بعض الخطوط العريضة لخطة الكهرباء من اللجنة الوزارية إلى مجلس الوزراء الذي سيعقد جلسة إستثنائية بعد غد الأثنين، والتي يُتوقع أن تكون “مكهربة”، والتي ستنتهي بالتصويت، من دون أن تتوضح الصورة النهائية لما يمكن أن تفرزه مواقف وزراء “القوات اللبنانية” من تحالفات خارج السياق العام، والتي قد تصب في خانة تصويب بعض ما أعترى هذه الخطة من شوائب من غير الجائز عدم التوقف عندها قبل الإقدام على أي دعسة ناقصة في ملف حساس كملف الكهرباء.
وفيما يرتفع منسوب القلق من الإهتزار الاقتصادي، في غياب الرؤية الشاملة والواضحة، لا تزال السلطة تمارس “لعبة”هدر الفرص والوقت، على رغم التحذيرات التي يتلقاها لبنان يوميًا من البنك الدولي ومن الدول الأوروبية التي ترعى مؤتمر “سيدر”، وذلك عبر التلهي بتسجيل النقاط السلبية وتبادل الإتهامات بين مكونات الحكومة، وتقاذف كرة المسؤولية حيال الأخطار التي تتهدد البلاد اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، في الوقت الذي يجد بعض من المسؤولين الوقت الكافي لتخدير اللبنانيين وإغراقهم بوعود لم تعد كلمة “عرقوبية” تفي بالغرض كتعبير مجازي عمّا وصلت إليه أحوالهم، وبعدما شُهر في وجههم سلاح تعديل سلسلة الرتب والرواتب.
فبعد خمس جلسات للجنة الكهرباء خرج المجتمعون بنتيجة وهي تختصر بكلمة “لا نتيجة”، وردّت الكرة إلى ملعب مجلس الوزراء، لأن أعضاءها لم يتوصلوا إلى مقاربة أولية لحل أزمة عمرها من عمر الخبز، فأتت هذه الخلاصة على قاعدة “تمخّض الجمل فولد فأراً”.
وفي هذا الإطار سأل نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني: “لماذا اجتمعت اللجنة إذا لم يكن هناك تعديلات على خطة الكهرباء؟”وقال: “التعديل الأهم هو دمج الحل المؤقت بالحل الدائم”، مشيرا إلى أنه “طرحت فكرة أن يكون هناك لجنة وزارية لبحث العروض ولكن موقفنا الأساسي هو اعتماد دائرة المناقصات”. وطالب “بتشكيل هيئة ناظمة للكهرباء كما ورد في مؤتمر”سيدر”.
وإستنادًا إلى هذه المعطيات التي تؤشر إلى خلافات سياسية، فإن هذه الخطة لن تقرّ بسهولة يوم الاثنين، وفق مصادر وزارية، التي تؤيد فكرة التمهّل في إقرارها بالصيغة التي وردت فيها، إذ ليس هناك ما يمنع من إعادة البحث فيها برمتها، وهذا ما تطالب به “القوات”، التي تعتمد على “تفهمّ” أطراف كثيرة من مكونات الحكومة، ومن بينها حركة “امل” و”حزب الله” والحزب التقدمي الاشتراكي، الذي كان أول المعترضين على الخطة، على رغم أعلانه أنه مستعد لمناقشتها في أجواء إيجابية، مع تأكيده أن “التعديلات التي أدخلت على الخطة جيدة، خصوصاً لجهة كلفة الإنتاج للمرحلة الانتقالية ومصدر تمويلها”، مع تسليمه بأن ثمة بنوداً تحتاج الى نقاش وحسم في مجلس الوزراء، وأهمها مسألة تعيين الهيئة الناظمة للقطاع ومجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان.
من جهة ثانية، وكما بات معروفًا فإن المواكبة اليومية لعمل اللجنة الوزارية، توضح أن مقاربة خطة الكهرباء من قبل مكونات الحكومة، عبّرت عن نهج سياسي غير قادر على اقناع المجتمع الدولي بالإصلاحات الجديدة، وخصوصاً أن معالجة أزمة الكهرباء تفترض أن تشكل مدخلاً لوقف الهدر، فإذا بها تعبّر عن الهدر بذاته.
فهل يمرّ قطوع الأثنين “المكهرب” بالتصويت، وهل تُقرّ خطة البستاني مع تعديلات “القوات”، وهل سيفرج عن الهيئة الناظمة والمجلس الجديد لمؤسسة كهرباء لبنان؟
أسئلة تبقى مرهونة بأوقاتها، وإن كان ثمة إعتقاد بأن اللجوء إلى التصويت في غياب التوافق السياسي قد يكون بمثابة صبّ الزيت على نار الحكومة.