منذ أن طرح الرئيس سعد الحريري إسمها لتولي حقيبة سيادية كانت حتى الأمس القريب حكرًا على الرجال والأنظار شاخصة على الوزيرة ريا الحسن، التي سبق لها أن تولّت وزارة المالية، وهي من الوزارات التي تُعتبر سيادية أيضًا.
الخطوة كانت مفاجئة للأقربين والأبعدين، وقد كثرت التساؤلات عمّا إذا كان في مقدور إمرأة إدارة شؤون وزارة بهذه الأهمية، وهي وزارة يغلب عليها الطابع الذكوري، لما فيها من مسؤوليات كبيرة تتطلب صلابة في المواقف، لأن الأمن ليس من الأمور السهلة، خصوصًا في بلد مثل لبنان.
ومن بين الأسئلة التي كانت تثار في الصالونات وفي الكواليس: هل تستطيع إمرأة في إثبات ذاتها في منصب حساس، وهو الذي يتقدم على غيره من المناصب لما لهذه الوزارة من أهمية في ضبط الأمن، خصوصًا أن من تولى هذه المسؤولية من الرجال إعترفوا بأن ما واجهوه من مصاعب ومن تعقيدات لم يكن بالأمر السهل؟
منذ اليوم الأول لتسلمها “الوزارة الذكورية” حاولت الحسن، وفي خطوة مفاجئة، أن تثبت حضورها وتقبل التحدّي، فأعطت التعليمات بإزالة الحواجز من أمام مدخل الداخلية، فكان لها الوقع الطيب، وبرهنت منذ الخطوة الأولى أنها تعرف اذا تريد وكيف تخطّط وكيف تنفذ.
وقد يكون من بين الدلالات المهمة لتولي أول إمرأة عربية وزارة يُعلق عليها الكثير في المجال الأمني أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بدأ زيارته لبيروت بلقاء الوزيرة الحسن، وهي المرّة الأولى التي يخرج فيها دبلوماسي أميركي بهذا المستوى عن عرف إقتصار لقاءاته بالرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية، وهو خرج من اللقاء، وفق ما تردّد، بإنطباعات إيجابية.
وفي آخر دلالات ما يمكن أن تحققه تلك السيدة، التي ينطبق عليها القول المعروف، وإن بإستعارات مختلفة، “المرأة المناسبة في المكان المناسب”، ما اصدرته من تعاميم ومذكرات أستعدادًا للإنتخابات الفرعية في طرابلس، التي تجري في 14 الجاري، فإتخذت كل الإجراءات الضرورية لضمان نجاح سير هذه العملية، وهي التجربة الأولى لها في هذا المجال، وإن كانت محصورة في منطقة واحدة وليست على مستوى كل لبنان، وهي أصدرت أكثر من تعميم لضمان حسن التنفيذ، مع تشديدها على وجوب التقيد بها.
واللافت في أحد هذه التعاميم أنها طلبت من القوى الأمنية المولجة بتنفيذ التعليمات الصادرة عنها مراعاة حسن التعامل مع الناخبين من ذوي الحاجات الخاصة.
وكذلك عدم السماح بدخول العناصر الامنية (جيش، قوى امن، امن عام، امن دولة) باللباس المدني الى مراكز واقلام الاقتراع ضمانا لحسن سير العملية الانتخابية بصورة شفافة وسليمة”.
كذلك طلبت في مذكرة أخرى من الادارات والاجهزة الامنية المعنية بالعملية الانتخابية، وعلى كل المستويات، الايعاز الى كل عناصرها “بعدم حمل الاسلحة الفردية داخل مراكز الاقتراع عند قيام بعض الشخصيات (نواب، وزراء، الخ.) بجولات داخل هذه المراكز، وبالتالي عدم التدخل في العملية الانتخابية”.
بإختصار فإن ما يُنتظر من الحسن هو الكثير من الخطوات، التي ستجعل من المزاح حقيقة، وهي التي يردّدها الرجال في منازلهم، وقبل إتخاذ أي قرار “بدنا نسأل الداخلية أولًا”، والمقصود الزوجة.
المصدر: لبنان 24