على رغم الضجّة التي أثارتها “القوات اللبنانية” في وجه خطة الكهرباء، التي طرحتها وزيرة الطاقة ندى البستاني، قد تكون هذه الخطوة بداية البدايات، وقد لا تكون كذلك، إستنادًا إلى مقولة “إسمع تفرح جرّب تحزن”، خصوصًا أن تجارب الماضي لا تسمح بكثير من التفاؤل، بإعتبار أن من يطبّل ويزّمر في عرس الكهرباء اليوم لم يكن غريبًا عن الوعود التي لم تتحقق، منذ عشرات السنين، وبقيت الـ 24 على 24 شعارًا لم يترجم إلى واقع مأمول، بل زاد التقنين تقنينًا، وأصبح قطع التيار عن أغلبية المناطق واقعًا مفروضًا على اللبنانيين، وقد يكون في الأمر ما يدعو إلى الإستغراب والتساؤل عما يعنيه ذلك، وما هي “الحكمة” من وراء هكذا تدبير، الذي يبدو أنه غير بريء ويخفي “قطبة مخفية” في مكان ما
ولكي لا نكون كمن ينفخ في بوق التشاؤم والتشكيك سنكتفي بالوقوف في صفوف الذين ينتظرون طويلًا الفرج الآتي على حصان التغيير الموعود.
ولكن، وفيما اللبنانيون العائشون دائمًا على الأمل ينتظرون أن يصبح لبنان منارة تشعّ منها الأنوار ويزاح عن كواهلهم عبء دفع فاتورتين، واحدة شرعية وأخرى غير شرعية، لا بدّ من التوقف عند ظاهرة “كهرباء زحلة”، التي تؤّمن التيار لعروسة البقاع وجوارها 24 على 24 ساعة متواصلة ومن دون إنقطاع، مع كلفة مقبولة مقابل خدمة جيدة، مع ما ترتبه هذه التجربة الفريدة من عوامل تؤّمن للدولة مداخيل إضافية مقابل هذا الإمتياز، مع توفيرعبء التكلفة الباهظة التي تتكبدها الخزينة والمكَّلف اللبناني سنويًا، والتي تفرض على اللبنانيين أن يدفعوا يوميا ما يقارب الخمسة ملايين دولار، مع ما توفرّه من فرص عمل لكثير من التقنيين اللبنانيين، التي يستلزم الإستعانة بخبراتهم تشغيل معامل الإنتاج والتوزيع.
ولأن هذه التجربة أثبتت نجاحها وجدواها فلماذا لا تُعمّم على كل المناطق اللبنانية، فيكون لكل قضاء معمله، بالشراكة بين القطاعين الخاص والعام، فنكون بذلك قد “زحّلنا” كل لبنان، الذي ستصبح فيه الكهرباء مؤّمنة 24 على 24 ساعة، مع حصرية الإشراف عليها من قبل الدولة، من حيث تحديد الأسعار، على أن يُترك أمر الجباية المشكو منها على مسؤولية مشغّلي هذه المعامل، كل في منطقته، بحيث تبدأ تجربة اللامركزية من هذه النقطة بالذات، وبالتالي تتحمّل كل منطقة أعباء التشغيل لوحدها، وهكذا يمكن حصر مشكلة الجباية، التي تصبح على عاتق القطاع الخاص.
وبهذه الطريقة تتحرّر الدولة من هذا الكابوس الذي يقض المضاجع ويرهق خزينتها من دون طائل، بل ستزيد مداخيلها من حيث لا تدري، مع حفظ حق عمال شركة كهرباء لبنان بأن تكون الأولوية لهم في تشغيل هذه المعامل.
وبذلك يتحرّر أيضًا كل من تّلصق به، زورًا، تهمة الإستفادة من أي خطّة، خصوصًا أن ثمة كلامًا كثيرًا يُطلق من هنا ومن هناك في هذا الملف الحسّاس، وعندها تكون المسؤولية مشتركة، وكذلك النتائج
لبنان 24