اكتمل المشهد في بحيرة القرعون، منذ ساعات متأخرة من ليل الأحد، مع بداية التصريف الطبيعي من “مفيضها”، لدى وصول كميات المياه المتراكمة فيها إلى مستوى 858،02 متراً، بمخزون كامل وصل إلى 220،9 مليون متر مكعب. هو مشهد غاب عن البقاع منذ سنة 2008. وجاء تجدده ليشكل اختبارا لجدوى سد القرعون، الذي كانت قد ارتفعت بعض الأصوات المطالبة بالبحث عن بديل منه، عندما تحول بسبب انخفاض منسوبه في السنوات الماضية مستنقعا للملوثات الوافدة من مختلف البلدات، التي يتغذى منها في الحوض الأعلى، فشكل نقمة لأهالي بلدات البقاع الغربي المجاورة، وجعلهم يقطعون مساربه حتى عن زراعاتهم، درءاً للروائح الكريهة التي تسبب بها جريان مياهه في القناة 900 المستخدمة للري.
تصريف طبيعي
وعليه بدا جيران السد الأكثر “حماسة” لارتفاع منسوب المياه في البحيرة مجدداً، ولم تثنهم تحذيرات الفيضان وحملة التهويل التي رافقتها، من التهافت إلى منطقة السد في جو عاصف، لالتقاط أولى لحظات “التسرب”، التي شكلت بالنسبة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني في المقابل “اختباراً لسلامة جسم السد وفواصله المطاطية”.
حتى مساء الإثنين حدد فريق القياسات المائية في المصلحة، كمية تصريف البحيرة بـ13 متراً مكعباً – ثانية. وتوقع رئيس المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، سامي علوية، أن تصل يوم الثلثاء إلى 50 متراً مكعباً – ثانية، مؤكداً في تصريح لـ”المدن” أن “ما يحدث ليس سوى تصريف طبيعي لكميات المياه، التي تراكمت في بحيرة القرعون، بفضل غزارة الأمطار في هذا الشتاء، ولا حاجة للإستعانة بـ”النبي نوح” للنجاة من الفيضانات “العظيمة” التي يجري التهويل بها، وإنما هناك فقط حاجة للابتعاد عن مجرى النهر، وإزالة التعديات القائمة عليه”.
تحسن نوعية المياه
يسمح هذا التصريف الطبيعي في المقابل باستخدام كمية ثمانية أمتار مكعبة – ثانية منه، لتوليد الكهرباء في معمل الأولي، وتأخذ الكميات الباقية مسارها الطبيعي في اتجاه الحوض الأدنى. فيما يؤكد علوية أن لا داعي للهلع في المناطق المحيطة بهذا الحوض من نوعية المياه المتسربة، كونها تتدفق من سطح البحيرة، الأقل تلوثاً. علما أن مصلحة الليطاني أعلنت في بيانها السابق “أنها قبل موسم المتساقطات، اتخذت إجراءً بتخفيض مخزون البحيرة إلى 23 مليون متر مكعب، من خلال استثمار المياه في إنتاج الطاقة الكهرومائية، ومن شأن هذا الإجراء تحسين نوعية المياه، مع توقع مزيد من المتساقطات ورفع التعديات”.
يكتسب كلام علوية أهميته، بعد بيان أصدرته “الليطاني” للرد على حملة التهويل، فاعتبرتها “تسويقا للمتعهدين الراغبين في جني الأرباح من خلال التجارب في بحيرة القرعون”، فيما أشار البيان أن “مفيض بحيرة القرعون يشكل بداية لتحسن نوعية المياه، ولا يشكل كارثة سوى للمتعهدين الحالمين بإجراء التجارب، في تنظيف البحيرة بملايين الدولارات، بينما كل ما هو مطلوب هو أن يبادر المعنيون إلى معالجة مشكلة التعديات، بدلا من الهروب من المشكلة وطلب حصرها بمناطق البقاع والحوض الأعلى”.
إزالة التعديات
لا فيضان مدمراً إذاً لبحيرة القرعون، ولا في المناطق التي يعلوها، و”الأولوية بالنسبة لمصلحة الليطاني هي لسلامة السد، الذي لن نسمح لأحد بأن يتحكم بسياستنا تجاهه.” وفي ذلك إشارة إلى كون المصلحة هي التي تحدد الوقت المناسب حتى لفتح فوهتي السد، المجهزتين لتدارك فيضان البحيرة، وهذا إجراء كما يشرح علوية لا تلجأ إليه المصلحة، إلا متى تعذر على “مفيض” البحيرة تصريف فائضها تلقائيا.
علما أنه لدى الوصول إلى هذه المرحلة، هناك إجراءات إضافية قد تكون مطلوبة لتدارك الفيضانات، ومن بينها إزالة كل العوائق بوجه تدفق كميات المياه في الحوض الأدنى، وهي إلى جانب السدود الصخرية، استراحات ومقاه تم تشييدها بشكل غير شرعي. ويقول علوية انها ليست تعديات كبيرة، ولكن إزالتها يقع من ضمن مسؤوليات وزارة الطاقة، التي سيكون عليها متابعة الموضوع، بعد أن أصدرت وزيرة الطاقة تعميماً جدياً في هذا الإطار، واتخذت قرارات تمنع التعديات على الأملاك النهرية في كل لبنان، ومن بينها الليطاني.