كتبت النهار اللبنانية:
استخدمت اسماً مستعاراً. وأخفت وجهها. لديها قصة تخبرنا إياها. قصة-رسالة يجب أن يقرأها الجميع.
ملاك ابنة العشرين سنة، ولدت بتشوّه خَلقيّ في وجهها، فلم تتقبّلها عائلتها في البداية. عائلتها لا تريد “بنتاً”، فكيف ستتقبلها وهي مشوّهة خلقيًّا؟! عانت ملاك كثيراً من هذا الأمر، تتذكر أقسى المواقف مع ابتسامة تخفي الكثير من الدموع، قائلة: “أخدوني مشان يعملولي بطاقة إعاقة، فكروني معاقة، بس الموظف طردن وقلّن ما فيها شي البنت”. كيف يمكن لأهل أن يصدروا بطاقة “ذات حاجة خاصة” لابنتهم، وهي لا تعاني من اية مشكلة في قدراتها الجسدية أو الذهنية؟ هل فكروا ولو قليلاً إلى أي مدى سيؤثر هذا الموقف على ابنتهم عند تذكّرها له؟
تكمل ملاك رواية ذكرياتها المؤلمة، التي أضعفت شخصيتها وقدرتها على مواجهة المجتمع. تذكّرت اليوم الذي أرادت فيه والدتها مرافقتها إلى حفلة شقيقتها الصغرى في المدرسة، عندها فرحت كثيراً، ولكن الفرحة لم تكتمل لأن والدها رفض ذهابها، قائلة: “يمكن بيخجل فيني”. هذه الذكريات أثّرت بملاك لدرجة جعلتها تكره الخروج إلى الأماكن العامة. فدائماً كان يراودها شعور أن الناس تنظر إليها وتتكلم عنها. كيف لا، وأقرب الناس إليها يخجل من شكلها علناً ويواجهها بالرفض، بدلاً من أن يساعدها في بناء شخصية قوية لمواجهة المجتمع.
ذات يوم سردت والدة ملاك لها لحظة توقُّف قلبَها لمدة دقيقة عندما كان عمرها أربعة أشهر داخل غرفة العمليات، عندها تمنت ملاك لو أنها ماتت في تلك الدقيقة. أن يتمنى شخصٌ الموت، فحينها تدرك كم تعرض للوجع والألم في حياته ولم يعد يقوى على العيش. وأضافت أن معاناتها مع أهلها وبخاصة والدها، جعلتها تعيش “جسماً بلا روح”.
يُعتبر العنف اللفظي من أسوأ أنواع العنف، فكيف إذا كان من أب لابنته؟ واجهت ملاك العنف اللفظي من قبل والدها، فكان يوجه لها عدداً من الكلمات التي كانت تسمعها في كل مرة ملتزمةً الصمت. وكانت تحفر في ذاكرتها وتغرز في قلبها الكثير من الأسى. من تلك الكلمات التي ذكرتها ملاك، مؤكدةً أن والدها يتلفظ بها بجدية :”هبلة، مسطولة، إنتِ نص بني آدم…”. نعم، هنالك والد ينعت ابنته بقوله :”نص بني آدم”، هل تتخيّلون ما كان شعور إنسان يُعدّ من أعظم خلق الله -ملاك- لدى سماعه الكلام المسيء؟
خلال لقائي ملاك، بقيتْ حابسةً دموعها عبر زرع بسمة على شفتيها وشبك يديها، ولكن ما إن انتهت المقابلة حتى إنهمرت تلك الدموع على وجنتيها. ادّعت بأنها نسيت كلمات والدها القاسية، ولكن اتّضح أنها لم تنسََ بل تتناسى.
لقراءة المقال كاملاً: https://www.annahar.com/article/941616
المصدر: النهار-آية سلامي