الرئيسية - أبرز الاخبار والتحقيقات - بين التوظيف السياسي وهدر المال العام… ملفات الفساد تفتح على مصراعيها!

بين التوظيف السياسي وهدر المال العام… ملفات الفساد تفتح على مصراعيها!

شكّل المؤتمر الصحافي الذي عقده عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله، وخصصه للتحدث عن هدر المال العام، بداية مثيرة وشيقة للحديث عن الفساد المستشري في الدولة، مشيراً الى انه في حال سلكت الملفات التي بحوذته مسارها القانوني الصحيح فستتم محاسبة رؤوس كبيرة تمارس السياسة حتى اليوم. وهو وضعها على الدرجة الأولى حيث ابلغ المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم انه سيسلمه ما لديه من مستندات مرتبطة بملف حسابات الدولة ليباشر تحقيقاته ويكشف حقائق الملف كاملة.

المستقبل يردّ
ورأت مصادر سياسية بارزة في “المستقبل” أن ما قاله النائب فضل الله “يمثل استهدافاً للدور السياسي والاقتصادي للرئيس السنيورة، ودوره في إقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان”، لمحاكمة قتلة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. وشددت في تصريحات لـ”الشرق الأوسط” على أن ذلك “استهداف ومحاولة لتشويه السمعة وضرب صورته السياسية، بل ينطوي أكثر على انتقام وتشفٍ من كامل دوره السياسي”.

وأوضحت المصادر لـ”الشرق الأوسط” أن كل شيء تم صرفه في تلك الحكومة “موثق ومسجل في قيود الدولة”، مشددة على أن “كل ما أنفق في ذلك الوقت، كان لتسيير حاجات الدولة والمواطنين، ومسجل بنداً ببند، ولم ينفق على قضايا سياسية، وهم يعرفون ذلك”. وقالت: “كان واجب الدولة أن تنفق مضطرة من خارج الموازنة التي لم تقر بسبب إقفال المجلس النيابي بأمر من (حزب الله)، لتسيير أمور الناس وشؤون الدولة والمواطنين”، وسألت: “لو لم تنفق الدولة، فكيف يمكن أن تدفع رواتب الموظفين وثمن فيول الكهرباء وعلاج المواطنين وخدمة الدين العام وغيرها؟” وقالت المصادر: “كان المعتكفون يرفضون أي مشروع قانون يرسل من الحكومة إلى مجلس النواب لغايات سياسية”، عادّة أن ما يُساق من اتهامات “افتراء سياسي”.

لكن مصادر “المستقبل” شددت على أن “كل الهبات معروف كيف أنفقت، وموجودة في حسابات مصرف لبنان”، مشيرة إلى أن هبات كثيرة “لا تُنفق إلا بمشية الواهب، وليست الدولة من تحدد وجهات صرفها، وتشرف الجهات الواهبة على صرفها”، نافية ضياع أي هبات مالية كما قال فضل الله.

ولا يعارض “المستقبل” الذهاب إلى القضاء، ويؤكد دعمه ذلك. ودعا عضو “كتلة المستقبل” النائب سامي فتفت “كل من يمتلك ملفات من هذا النوع إلى أن يتوجه بها للقضاء، والكف عن توجيه الاتهامات يمينياً وشمالاً، ويزود القضاء بالأدلة والبراهين”، مشدداً في تصريحات لـ”الشرق الأوسط” على أنه “حين تذهب الملفات للقضاء، فالجميع مستعدّ للمضي فيها إلى الآخر بهدف القضاء على الفساد”. وقال فتفت: “ما أؤكده أنه في فترة الرئيس السنيورة، لم يكن أي طرف بوارد الذهاب إلى تلك الممارسات” في إشارة إلى الملفات التي تحدّث عنها فضل الله لجهة الهبات المالية في “حرب تموز” 2006.

“التوظيفات” السياسية
في هذا الوقت التأمت لجنة المال والموازنة في جلستها الاولى لهذا الاسبوع، في ساحة النجمة، لمناقشة تقريري التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية بشأن التوظيف والتعاقد في القطاع العام خلافا لقانون سلسلة الرتب والرواتب.

وبحسب “الحياة” تستجوب لجنة المال والموازنة في جلسة تعقد اليوم الثلاثاء وزارة التربية عن الأرقام التي تضمنها تقرير التفتيش حولها والتي تخطت الـ3000 وظيفة خلال العام المنصرم، علما بأن الوزارة كانت قد أكدت في وقت سابق أن كل التوظيفات التي قامت بها تمت بناء على قرارات من مجلس الوزراء ومرت عبر مجلس الخدمة المدنية.

لا محاسبة دون تعديلات قانونية
ووفقا لاوساط نيابية مطلعة على ملف التوظيفات السياسية لـ”الديار” فان، “الفساد” الذي يتم بتغطية سياسية انخرطت فيها معظم الاحزاب والقوى السياسية، والان بعدما قدم كل من التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية تقريرهما حول الملف، أصبحت الطابة في ملعب لجنة المال والموازنة التي بدأت بالامس في جلسات متواصلة لدراسة التقارير والاستماع الى الادارات المعنية. وتشير تلك الاوساط، الى ان الاجراءات الحالية تبقى “غير مكتملة” وآنية لان ثمة تعديلات يجب اقرارها لتعزيز عمل “التفتيش المركزي” وتوسيع استقلاليته، والمطلوب من لجنة الادارة والعدل النيابية الاسراع في البت بمشروع قانون يدرس حاليا لتعديل صلاحيات “المديرية”.

هروب من تقديم الاجابات
وفي الانتظار، وجه “التفتيش المركزي” كتابا الى كل ادارة عامة يطلب فيه الكشف عن عدد الموظفين الذين جرى توظيفهم بعد آب 2017، وبعد نحو3 أشهر من العمل، تجاوبت 567 بلدية من أصل 1070، أما باقي الادارات والمؤسسات العامة، فتم الاتصال بها اكثر من مرة للاستفسار عن سبب التأخر في تقديم الاجابات، لكنها لم تقدم اي رد أو توضيح، وقد رفعت لائحة بأسمائها الى المجلس النيابي، الذي سيستدعي المدراء العامين والمسؤولين المعنيين لاستجوابهم. أما القرارات المخالفة لقانون السلسلة التي صدرت عن مجلس الوزراء، فيتولى مجلس الخدمة المدنية التدقيق فيها.

ثغرات في ملاحقة المتورطين؟
لكن “الثغرة” الاساسية برأي تلك الاوساط، عبر “الديار”، تكمن في ان “تقرير التفتيش يستند الى الارقام التي وصلته من الادارات والمؤسسات العامة، وهي موقعة على مسؤوليتهم، ففريق العمل الخاص بالتفتيش المركزي، احتسب الارقام كما وصلته، ولم يدقق في صحتها… لأن “عملية التدقيق تتطلب برنامجا سنويا ومتابعة يومية، الامر الذي لم يحصل خلال السنوات القليلة الماضية، وقد تقرر ان تقوم المفتشيات العامة المختصة بمهمة التدقيق بدءا من العام 2019. وفي هذا الاطار يمكن القول ان “التفتيش المركزي” قام بالمهمة المنوطة به ضمن الامكانيات والصلاحيات وهو غير قادر على التحقق من الارقام المرسلة اليه وهذه المهمة اليوم في “كنف” المجلس النيابي المخول القيام بالمحاسبة اللازمة لكل من خالف القانون…لكن يبقى السؤال هل لدى اعضاء المجلس النيابي الآليات المطلوبة والقدرة على تحديد المخالفات الحاصلة في ظل تشعباتها والتضارب في الارقام والمصالح”..

المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء
رئيس مجلس النواب نبيه بري لاقى الورشة النيابية في وسط الطريق، حيث سيرأس بعد ظهر الخميس المقبل اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس للبحث في مواعيد الجلسات التشريعية ومحاسبة الحكومة، التي تقرر ان تعقد ابتداءً من الأسبوع المقبل، وفق ما كان أعلن في جلسات الثقة، إلى جانب جدول اعمال هذه الجلسات والمواضيع التي ستطرح من مشاريع واقتراحات قوانين.

وعلمت “اللواء” في هذا السياق، ان الرئيس برّي يعتزم ان يدعو المجلس إلى عقد جلسة الأسبوع المقبل تخصص لانتخاب 7 نواب أعضاء في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، على ان يعين مجلس القضاء الأعلى الأعضاء الباقين، وعددهم ثمانية.

وفي تقدير مصادر نيابية، ان تعيين أعضاء هذا المجلس، يفترض ان يكون من ضمن خطوات تصويب المسار الحكومي، والمساعدة في مكافحة الفساد، التي بدأت خطواتها أمس، في اجتماع لجنة المال والموازنة، الذي خصص للاطلاع على تقريري التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية، بالنسبة للتوظيف العشوائي الذي جرى خلافاً للقانون.

المصدر : لبنان 24