أثار خبر القاء القبض على مرافق النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون، بناءً على اشارة معاون مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني الحجّار، ضجة في الاوساط الامنية والقضائية.
ليس من السهل توقيف الشخص الأقرب الى من هو مخوّل اصدار الاشارات بالتوقيف واخلاء السبيل في جبل لبنان. لكن القضية ليست هنا بل في مكان آخر، ولعلّ هذا المرافق برتبة مؤهل في أمن الدولة حميد خ. هو جزء من سلسلة تتعلّق بأشخاص متورّطين بدفع رشاوى مرتبطة باخلاء سبيل تجار مخدرات.
بدأت القضية عندما ورد إخبار الى شعبة المعلومات بأن هناك أشخاصاً لعبوا دور الوسطاء مع تجّار مخدرات للتلاعب بمستندات رسمية أمنية وقضائية. ومساء يوم الاربعاء الماضي، تمّت مداهمة احدى الشاليهات في مجمع سياحي في مدينة جبيل وتوقيف أربعة أشخاص بناء على اشارة معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني الحجّار.
في التحقيق معهم اعترف أحدهم ويدعى جوزف س. بأنه قام برشوة عناصر أمنية بينهم المؤهل حميد خ. مرافق القاضية عون. وبعد مراجعة عناصر الشعبة للقاضي هاني الحجار أعطى اشارة قضائية بتوقيفه، بعد أن طلب من المحقّقين الاتصال بالقاضية عون وابلاغها بأنّه سيصار الى توقيف مرافقها وذلك على سبيل أخذ العلم. فتمّ توقيف المؤهل واستكمل التحقيق.
بموازاة ذلك كان جوزف س. يضيف الى اعترافاته بأنه قد قام بدفع رشاوى ومبالغ مادية كان استلمها من شخص يدعى مهدي م. لتسوية بعض أوضاعه القانونية. فقامت شعبة المعلومات برصد مهدي م. وتوقيفه في احدى شركات السيارات عندما كان يهمّ بشراء سيارة.
وهنا تبين ان المدعو مهدي م. هو نفسه الذي كان قُبض عليه من قبل شعبة المعلومات في حزيران من سنة 2018 عندما تمّ احباط عملية تهريب مخدرات الى مصر مخبأة في جلود المواشي. واعترف آنذاك بأنه قام بتهريب أطنان من المخدرات الى مصر في عمليات سابقة. ولكن بعد احالته الى القضاء، وبعد ستّة أشهر من توقيفه تمّ اخلاء سبيله من قبل رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان القاضي منذر ذبيان. والجدير بالذكر أن هذه الحادثة أثارت البلبلة في أروقة قصر العدل في بعبدا حينها، خصوصاً بعدما أثار الفضيحة الصحافي رضوان مرتضى متحدثاً في التفاصيل عن “الاجراء القانوني غير المألوف” في مقاله في جريدة الأخبار بتاريخ الاربعاء 13 شباط الحالي تحت عنوان “اخلاء متّهم بتهريب أطنان من المخدرات: هل صدر العفو العام على تجّار الممنوعات؟”. امّا القاضي ذبيان، الذي قالت مصادره يومها إنّه أخلى سبيل تاجر المخدرات بسبب معاناته من مرضٍ في الكبد، فقام بالادعاء على مرتضى بسبب نشره هذا المقال.
اليوم اعيد توقيف مهدي م. ليس بسبب قضيته السابقة المتعلقة بتهريب المخدرات، وانما بتهمة دفع رشاوى، ولكن من غير المعروف حتى الساعة اذا كان هناك ترابط بين القضيتين؟
الى جانب توقيف المرافق حميد خ. ومهدي م. توالت التوقيفات، ويبدو أن نشاط جوزف س. الذي وقع في يد الشعبة سيشرّع باب الفساد على مصراعيه. فالرجل قد اشتهر بعلاقاته بقضاة ومحامين و”محاميات” قد يكونوا متورّطين ومتورّطات وهو قد يكون صلة الوصل بينهم وبين كبار المطلوبين للعدالة الذين لا تلبث ان تلقي الاجهزة الامنية القبض عليهم حتى نراهم خارج السجون، يسرحون ويمرحون متسلحين باخلاءات سبيل صادرة عن المحاكم اللبنانية.
بعد توقيف ضباط في قوى الأمن الداخلي، يبدو أن بعض المعنيّين بمكافحة الفساد لم يرضوا بهذا القدر ولم يكتفوا بعرض انجازات وتضخيمها عبر الايحاء بأن هؤلاء الضباط هم وحدهم المسؤولين عن “خراب البصرة” . فهؤلاء هم حلقة صغيرة جدّاً من سلسلة طويلة قد تؤدي تحقيقات شعبة المعلومات الى كسرها، اللهمّ اذا لم تبدأ الضغوطات السياسية لاغلاق هذه الملفات التي قد يؤدي انفجارها الى وضع الدولة برمّتها تحت مجهر الرأي العام الذي يسمع وعوداً يومية من القوى السياسية بأنّها ستقتصّ من الفاسدين والمفسدين، جميعهم من دون استثناء.
المصدر : رياض طوق – MTV