كتبت زينب رمّال ديب:
في بلدٍ تكثر فيه المطالبات بالحريات العامة، وتتكرّس مبادئ جديدة كلّ يوم على أنها قانون، ويفرّق المتعلّم قبل الجاهل بين الطوائف، ويميّز المثقّف بين الأديان. في هكذا بلد كيف للحرية أن يشرق نورها وكيف للتقدّم أن يشقّ طريقه؟
وفي الوقت نفسه، في بلدٍ تثير قضايا وسائل التواصل الاجتماعي بلبلة تؤدي إلى ثورات افتراضية ومعارضات قاسية، دون فهم محتوى القضية، وفحوى القرار المتخذ وإعطاء حق الرد لأي جهة كانت.كيف للتعايش أن يتحقّق؟
قبل يومين، عبّر الكثيرون حول قضية الزواج المدني مطالبين بإقرار قانون يسمح لهذا النوع من الزواج في لبنان كونه حريّة شخصيّة في حياة كل لبناني. واليوم تُثار قضية الصلاة في حرم الجامعات على أنها منع من ممارسة الطقوس الدينية التي تعتبر حرية شخصية أيضاً لدى كل إنسان. علماً أنه أكثر من جامعة في لبنان لا تؤمن مكانا للصلاة كالجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اليسوعية.
وفي ظل المنشورات والتغريدات كلّها، كان لا بدّ من استيضاح الأمر من عميد الطلاب في الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور رائد محسن، الذي نُشر قرار الصلاة بإمضاءه أي بقرار منه، والذي أوضح بدوره أن القرار جاء بعدم وجود مكان مخصّص للصلاة في حرم الجامعة وليس منع الصلاة أبداً. وقال محسن ” إن المشكلة في تكريس مجموعة من الشبان لمكان تابع للمكتبة، وهو ممرّ للصيانة، واعتباره مكاناً خاصاً للصلاة بحيث أوجدوا فيه تجهيزات الصلاة من ثياب وسجاد”.
وقد مضى على هذه المسألة وقت إلا أنه يؤثر على مرور عمال الصيانة من الباب المخصص لهم للوصول إلى السطح، الأمر الذي يعيقه وجود التجهيزات، ما اضطر العمال في المرة الأخيرة انتظار نصف ساعة لإمكانية المرور مع معداتهم. فكان القرار من محسن” بعدم وجود حيّز جغرافي أو مساحة معيّنة للصلاة، وليس بمنع الصلاة بتاتاً” . ويشير محسن إلى “عدم وجود غرفة فارغة يمكننا أن نجعلها مساحة حرّة للطلاب، ومع ذلك فإننا لا نمانع من الصلاة في أي مساحة قد لا تزعج الآخرين بحسب وجود مكان شاغر مناسب. ”
وأضاف محسن ” هناك مسجد يبعد ٤٥ ثانية عن الجامعة، ومسجد آخر يبعد دقيقة واحدة فقط”. كما أعرب أن “هناك طلاب يصلون في حرم الجامعة في مكان يجدونه مناسباً يغيرونه يومياً بحسب الغرف التي تكون فارغة في وقت الصلاة”.
من هنا تأتي المطالبة بالحق في وجود مكان حرّ للطلاب في جميع الجامعات والمعاهد، يمارسون فيه طقوسهم الدينية، أو للاستراحة، أو استغلال وقت الفراغ بما يرونه مناسب.