تحت عنوان “تفعيل المبادرة الروسية يُعيد نصف مليون نازح خلال العام الحالي” كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”: “أنه تُدرج حكومة “الى العمل”، المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم ضمن بيانها الوزاري، وتؤكّد على “تجديد الحكومة ترحيبها بها، وتعمل على إقرار ورقة سياسة الحكومة في اتجاه النازحين، فهذا يعني بأنّه جرى الإتفاق على التوافق بين مختلف المكوّنات السياسية على هذه العودة ومن البوّابة الروسية. فرئيس الحكومة سعد الحريري كان من أول المبادرين لدعم المبادرة الروسية منذ أن طرحها الجانب الروسي، على ما أعلن مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان، والعضو في اللجنة المشتركة اللبنانية- الروسية بشأن إعادة النازحين السوريين، مشيراً الى أنّ “روسيا هي الأمل الوحيد والأساسي التي من الممكن أن تُساعد على عودة النازحين السوريين نتيجة للدور الروسي الحالي والفعّال على الساحة السورية”.
كلّ هذه المعطيات، تُطمئن، بحسب أوساط ديبلوماسية مطّلعة، بأنّ الحكومة الجديدة وبعد نيلها الثقة، ستقوم بتفعيل المبادرة الروسية انطلاقاً من اللجنة المشتركة، سيما وأنّ روسيا تقوم بأداء دور لافت في سوريا حالياً فيما يتعلّق بتأمين العودة الآمنة لعدد كبير من النازحين السوريين من لبنان والدول المجاورة الى بلادهم، وإعادة إعمار كلّ ما يجعلهم يستعيدون حياتهم الطبيعية فيها. ولهذا، فإنّ الفريق السياسي الذي كان يُعوّل على تمسّك الحريري، أو الطائفة السنيّة ببقاء النازحين السوريين في لبنان، قد سمع الجواب النهائي على هذا الموضوع من خلال ما ورد في البيان الوزاري والتصريحات التي رافقته، ما يعني بأنّ التركيز في الفترة المقبلة سينصبّ على ضرورة إعادة جميع النازحين السوريين الى بلدهم من دون أن يكون هناك أي خلاف داخلي على هذا الأمر، وذلك للتخفيف من الأعباء التي تتكبّدها الدولة اللبنانية جرّاء استضافتها لمليون ونصف مليون نازح سوري على أراضيها، والتي تصل الى نحو 75 مليون دولار سنويّاً.
فلبنان مع وجود النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين على أرضه، يواجه تحدّيات عدّة بسبب الكثافة السكّانية التي أوجدها النزوح والوجود المؤقّت للفلسطينيين، وثمّة احتمالات فعلية وجدّية لعدم الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي في حال استمرارهما لوقت أطول، فضلاً عن أنّ ذلك قد يؤدّي الى عنف وتهديد للإستقرار السياسي والأمني فيه. فالأرقام الصادرة عن قوى الأمن الداخلي تفيد بأنّ نسبة الجرائم والدعارة وعمليات النهب والسرقة والإحتيال وما الى ذلك قد ارتفعت الى 30 في المئة خلال السنوات الأخيرة التي استضاف فيها لبنان النازحين السوريين.
وأوضحت الاوساط، أنّه رغم التوافق الداخلي على التعاون مع الدولة الروسية، فإنّ هذا لا يعني بأنّ لبنان سيتخلّى عن دعم المجتمع الدولي له في هذا السياق، فضلاً عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان. فهذه الأخيرة، على ما كشفت الاوساط، باتت تملك رؤية جديدة تجاه المبادرة الروسية التي وجدت في البداية لدى طرحها بأنّها تأخذ بعضاً من دورها، أمّا اليوم فأصبح تقييم المفوضية جيّداً للمبادرة الروسية وبدأت تقتنع بأهمية التعاون والتواصل فيما بينها وبين المسؤولين المعنيين بها في كلّ من لبنان وروسيا. وبالطبع فإنّ تشكيل الحكومة وإقرارها بالمبادرة الروسية في بيانها الوزاري، لا بدّ وأن يُعزّزا هذا التواصل لإعادة أكبر عدد ممكن من النازحين السوريين الى بلادهم.
وفيما يتعلّق بعدد النازحين السوريين الذين جرت إعادتهم الى سوريا حتى الآن، فقد وصل الى نحو 175 ألفاً، على ما أكّدت الأوساط نفسها، وهو عدد غير كافٍ بالطبع، لكنّه يُعتبر جيّداً، سيما وأنّ عودة هؤلاء قد حصلت في ظلّ حكومة تصريف الأعمال الأخيرة. ولهذا، لا بدّ للحكومة الجديدة من أن تقوم بتفعيل آلية إعادة النازحين السوريين مع الروس والمفوضية لتتمكّن من إعادة نحو نصف مليون أو 500 ألف نازح حتى أواخر العام الحالي.
وشدّدت الاوساط، على أنّ العودة ستتواصل من خلال التعاون والتنسيق مع الدولة الروسية ومفوضية اللاجئين، ومع مدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، وسيتمّ التواصل مع الدولة السورية فيما يتعلّق بالأمور اللوجيستية وسواها من الأمور التي تتعلّق بالنازحين السوريين الراغبين بالعودة الى بلادهم. ورأت بأنّ مسألة إعادة النازحين قد خرجت من التجاذب السياسي من الآن وصاعداً، ولهذا لا بدّ من إيجاد حلّ جذري لها في الحكومة الجديدة.
وأكّدت الاوساط، بأنّ لبنان سيُتابع الموضوع بالتالي مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وإن كانا لا يزالان يربطان مسألة إعادة النازحين بالحلّ الشامل للأزمة السورية، سيما وأنّ الدول المانحة تلتزم بتقديم المساعدات المالية للمجتمعات المضيفة للنازحين واللاجئين السوريين. وقد طالب لبنان وفق “خطّة لبنان للإستجابة لأزمة النازحين” بزيادة الدعم المقدّم لهذه المجتمعات على الأقلّ الى 100 مليون دولار سنوياً، وذلك بهدف تأمين استدامة المشاريع التي تمتدّ على سنوات عدّة، مثل مشروع “الوصول الى جميع الأطفال بالتعليم”، وتمويل مشاريع البنى التحتية الصغيرة، ودعم نظام الحماية الإجتماعية اللبناني لا سيما توسيع وزيادة نطاق البرنامج الوطني لاستهداف الفقر، ودعم الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب التقني والمهني، من أجل تعزيز نظام يمنح الشباب والعاملين الكفاءات والمهارات التي يحتاجونها للحصول على عمل لائق والسماح للشركات بتوظيف القوى العاملة التي تحتاجها لنموّها وما الى ذلك…
(دوللي بشعلاني – الشرق الأوسط)