لنكن واقعيين، لشو تتعلم البنت! آخرتها “بتتستت”…يقول أحدهم، وتثني سيدة على كلامه قائلةً “شو بدها الوحدة أكتر من سند يعيلها هي واولادها”. ثم يضيفان: “البنت بيكفي تتعلم كم سنة لتكتب وتقرا”. ويبرران كم الثقافة الذي “تحننا” به على الفتاة، بالقول أن ذلك كي تتمكن من متابعة شؤون تدريس أطفالها.
لسنا نبالغ فيما ذكرنا، بل هو ملخّص حوار دار عام 2018، منذ بضعة أيام بين سيدة ورجل. وفي مقابل الحوار “الأمي”، كانتا آية حوراني وفاطمة ياسين تسطران إنجازات لم يسبق لها مثيل.
“بحب الإختراعات وقرأت حوالي الـ150 مقال قبل إنجاز مشروعي” تقول آية حوراني لبنت جبيل.أورغ. وهي تتابع دراسة “ماستر 2” في قسم العلوم المائية “Hydro Science”، حيث حملها طموحها وشغفها في الكيمياء لابتكار تقنية لتنظيف المياه من “عرق الموز”، بعدما بدأت العمل عليه منذ شهر شباط.
تبلغ آية من العمر 22 سنة، وضمن تخصصها في الجامعة اللبنانية، قدمت المشروع الذي يقضي بتنظيف المياه الملوثة بالملونات والملوثات باستخدام “عرق الموز”. وأفادت، إبنة بنت جبيل أنه بعد أخذ عينات من المياه في الجية، تبين أنها غير صالحة للإستعمال، إلا أن تمريرها على “الفلتر” الذي ابتكرته بضعة مرات، نظف العينة.
وتقول الشابة أنها حظيت بدعم كبير من أستاذها البروفيسور أكرم حجازي وكذلك الدكتور واصف الخطيب. وعن مدى إمكانية تطبيق مشروعها في لبنان تقول آية أن أستاذها يشجعها دوماً لطرح الموضوع على البلديات والمعنيين. والجدير بالذكر أن الطالبة ريم ناصر الدين كانت قد عملت على المراحل الأولى للمشروع قبل سنة واستكملت آية الفكرة.
وفي سياق متصل، نذكر الشابة فاطمة ياسين، ابنة بلدة مجدل سلم، التي حملت طفلتها بيد والقلم باليد الثانية، في صورة تجسد عظمة الرسالة التي تؤديها. أثير الحديث عن فاطمة بعد تداول صورتها، ولكن لفاطمة أيضاً حكاية ابتكار لم يسبق له مثيل. حازت شهادة الدكتوراه عام 2015 في مجال تصنيع مواد صديقة للبيئة. وكانت قد ابتكرت الشابة، ضمن اطروحتها، “بطارية” باستخدام السكر الموجود بالفواكه! وسجلت تلميذة “الجامعة اللبنانية” براءة اختراع لمشروعها في فرنسا، مسطرة جيلاً جديداً من الطاقة النظيفة والصديقة للبيئة.
آية شغوفة بابتكارها، وتطمح للمزيد. وفاطمة تنحت مدة سنة ونصف عن عملها فقط لتتفرغ لشؤون طفلتها بعد الولادة، والتي تحمل نفس اسمها. واليوم عادت لتزاول مهنتها حيث تحاضر في الجامعة وتعد أبحاثاً وذلك بدعم زوجها طبيب الأسنان، وقد جمعته بها مقاعد الدراسة عندما كانا في الصفوف الثانوية. وهي غالباً ما تحمل صغيرتها معها في عملها، تتسلح بالقلم لتؤدي مهام الأمومة فالمسألة “مسألة ترتيب أولويات”.
داليا بوصي – بنت جبيل.أورغ