يستعرض رئيس المجلس النيابي نبيه برّي آخر المعطيات والمعلومات التي وصلته عن نتائج الاستطلاعات التي قامت بها الماكينات الانتخابية لحركة «أمل»، أو التي أجرتها مراكز الدراسات الموثوق بها، قبل الإيعاز لمَنْ سيرشّحهم للإنتخابات النيابية المقبلة، لتجهيز أوراقهم تمهيداً للترشّح، وبينهم مرشّحون للطوارئ.
وإنْ كان هناك متّسع من الوقت أمام الرئيس برّي لإعلان أسماء المرشّحين في الدوائر، فمردُّ ذلك إلى أنّ تحالفه مع «حزب الله» جنبهما معارك حامية في الدوائر التي سيخوضان فيها الانتخابات تحالفاً ثنائياً أو مع بعض الحلفاء.
لكن في الاستحقاق الانتخابي المقبل لدى الرئيس برّي معركة الحلفاء، الممتدة في دائرة صيدا – جزّين، ودائرة البقاع الغربي – راشيا، وصولاً إلى أماكن أخرى من خلال «المَوْنة» على ناخبين من خارج الطائفة الشيعية.
يدرك الرئيس برّي تماماً أنّ أمام المجلس النيابي المقبل العديد من الملفات، فهو بحاجة إلى كتلة نيابية قوية سيعمل على زيادة عددها الحالي من (14 نائباً) إلى (17) لتكون صورة مصغّرة عن طوائف لبنان الرئيسية، فضلاً عن إيصال عدد من الحلفاء إلى قبة المجلس النيابي.
الرئيس المتربّع على لقب أكثر رؤساء مجالس النواب في العالم بشكل متواصل منذ 25 عاماً، يسعى إلى المحافظة على الحلفاء، وفي طليعتهم شراكته مع «حزب الله» وتنسيقه مع الرئيس سعد الحريري والنائبين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية.
فقد ثبت أنّ الكيمياء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم تتطابق، على الرغم من مرور مراحل وملفات جرى التنسيق فيها.
وفي خضم ذلك، يبرز التجاذب حول التوقيع على مرسوم ترقية الضبّاط لدورة العام 1994 لتفتح على ملفات أخرى في مقدّمها إضراب الموظفين والمياومين في «مؤسّسة كهرباء لبنان»، والتي انعكست سلباً على مصلحة المواطن، الذي عانى من انقطاع التيار الكهربائي، وكانت «مَوْنة» «أبو مصطفى» على الموظّفين المياومين لإصلاح الأعطال – على الرغم من استمرار الإضراب – بعدما دفع المواطن ضريبة في عز العاصفة التي ضربت البلاد خلال الأيام الماضية.
الماكينات الانتخابية
ويتابع الرئيس برّي عمل الماكينات الانتخابية، والمراحل التي قطعتها، للاطلاع على آخر الإحصاءات، وإجراء دورات لشرح آلية قانون الانتخابات الجديدة، لجهة الصوت التفضيلي، ودراسة كيفية توزيعه بين المرشحين.
وينشط رؤساء الماكينات الانتخابية التي تمّت تسميتها في المناطق التي سيخوض فيها الرئيس برّي الاستحقاق الانتخابي بمرشّحين حركيين أو دعم الأصدقاء.
وتتوزّع رئاسة الماكينات وفق الآتي:
– بيروت: عضو المكتب السياسي للحركة الدكتور محمّد خواجة.
– الضاحية الجنوبية: عضو المكتب السياسي للحركة مفيد الخليل.
– دائرة صيدا – جزين: مدير عام «مجلس الجنوب» ورئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم المهندس هاشم حيدر.
– قضاء صيدا (الزهراني): عضو هيئة الرئاسة للحركة خليل حمدان.
– قضاء صور: رئيس مجلس الإدارة مدير عام إدارة «مصلحة التبغ والتنباك» المهندس ناصيف سقلاوي.
– قضاء النبطية: النائب هاني قبيسي «أبو حسن».
– قضاءا مرجعيون – حاصبيا: وزير المالية علي حسن خليل.
– قضاء بنت جبيل: النائب الدكتور أيوب حميد.
– دائرة البقاع الغربي – راشيا: رئيس «مجلس الجنوب» الدكتور قبلان قبلان.
– دائرة زحلة: نائب رئيس حركة «أمل» المدير العام السابق لوزارة المغتربين هيثم جمعة.
– دائرة بعلبك – الهرمل: مصطفى فوعاني.
وحسم الرئيس برّي ما كان يتردّد بشأن احتمالات ترشّح عدد من المدراء العامين، حيث حدّد تاريخ 21 تشرين الثاني 2017 موعداً لتقديم استقالاتهم وفقاً للمادة الثامنة الفقرة الأولى – ب، التي حدّدت «الاستقالة والانقطاع عن العمل فعلياً عن وظيفتهم قبل 6 أشهر على الأقل من تاريخ انتهاء ولاية مجلس النواب»، الذي ينتهي استثنائياً بتاريخ 21 أيّار 2018، وفقاً للمادة 41.
وفي مقدّمة هؤلاء الدكتور قبلان، الذي طُرِحَ اسمه للترشّح عن المقعد الشيعي، في دائرة البقاع الغربي – راشيا، ويتولّى رئاسة الماكينة الانتخابية فيها، والمهندس سقلاوي، الذي طُرِحَ اسمه للترشّح عن أحد المقاعد الشيعية في قضاء صور، الذي يتولى رئاسة الماكينة الانتخابية فيه، على الرغم من أنّهما تصدّرا الاستطلاعات كل في الدائرة التي جرى التداول باحتمالات الترشّح فيها.
ومردُّ ذلك إلى أنّ لدى الرئيس برّي اعتبارات نظراً إلى أهمية مركزيهما وفاعليتها فيهما.
كما أنّ هناك مَنْ ينقل أنّ الرئيس برّي يريد فصل النيابة عن الوزارة، إلا للضرورات، كما أنّه مع المحافظة على النوّاب في كتلته منذ العام 1992، إلا مّنْ قضت ضرورات مغادرتهم لخلافات سياسية أو لتمثيل أكثر فاعلية لحركيين، مع رفض مبدأ التوريث لأبناء أو أقارب النوّاب، وهو ما حصل لدى وفاة النائب الدكتور علي الخليل بتاريخ 3 نيسان 2005، فلم يتم ترشيح نجله إياد في الانتخابات التي جرت بتاريخ 5 حزيران من العام ذاته.
وهو ما يرفضه مع النائب عبد اللطيف الزين (عميد النوّاب في العالم والمستمر منذ العام 1962 حتى الآن بشكل متواصل) مع طرح إسم إبن شقيقه سعد الزين.
وسيكون الرئيس برّي مضطراً إلى معالجة بعض القضايا والملفات، خاصة لدى مَنْ يمنّي النفس بمقعد نيابي قد تحول بعض الحساسيات دون ترشّحه لدخول الندوة البرلمانية.
كذلك فإنّ رئيس المجلس مضطر للتواجد في دارته بالمصيلح، لمَنْ يسعى إلى الحصول على خدمات قبل الاستحقاق النيابي، والعمل على معالجة «العتب» لجزء كبير من ناخبي قضاء صيدا (الزهراني) معقل تمثيله، لأنّهم شعروا باقتطاع هذا القضاء وضمّه بدلاً من عمقه الطبيعي مع مدينة صيدا والدائرة مع جزّين، إلى دائرة صور، ومع دخول «القوّات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» شراكة في أصوات ناخبي البلدات المسيحية الـ21 في القضاء، و«عتب» البعض لعدم التوزير أو الإقصاء، وإنّ الغالبية تريد الاقتراع لإسم الرئيس برّي، فيما المطلوب توزيع الأصوات في القضاء، حيث بإمكان الرئيس برّي «أنْ يمون».
خريطة خوض الانتخابات
الثابت أنّه سيُعاد ترشيح (12 نائباً) من أصل (14) حالياً مع تغيير في المقعد الشيعي الذي يشغله النائب قبيسي ونقله من بيروت إلى النبطية بدلاً من المقعد الذي يشغله حالياً النائب الزين، فيما سيتم ترشيح خواجة لمقعد بيروت.
أما المقعد الشيعي الثاني فهو المتعلّق بالنائب عبد المجيد صالح في قضاء صور، والذي يبدو أنّ انتخابه منذ العام 2005 وحتى الآن قد أدّى المطلوب، وأنّ الرئيس برّي سيختار إسماً آخر للترشيح.
وبذلك تكون المراكز التي ستسمّي فيها الحركة مرشّحيها وفق الآتي:
– دائرة بيروت الثانية:، تتمثّل بـ11 نائباً، بينهم شيعيان، سيتم ترشيح خواجة بدلاً من النائب قبيسي، فيما سيرشّح «حزب الله» عن المقعد الشيعي الثاني النائب السابق أمين شري، على أنْ يكون هناك مرشّح لحركة «أمل» في دائرة بعبدا، التي تتمثّل بـ6 مقاعد، بينها شيعيان يشغلهما النائبان عن «حزب الله» علي عمار وبلال فرحات، بترشيح المسؤول الإعلامي المركزي لحركة «أمل» الدكتور طلال حاطوم.
– قضاء صيدا (الزهراني): يتمثّل بـ3 نوّاب: شيعيان يشغلهما الرئيس برّي والنائب علي عسيران، وكاثوليكي يشغله النائب الدكتور ميشال موسى، فلا تغيير بشأنهم.
– قضاء صور: ضمَّ مع قضاء صيدا في دائرة واحدة، ويتمثّل بـ4 نوّاب شيعة، فإنّ الثابت لمرشّحي حركة «أمل» إسم النائب علي خريس، بينما يتردّد بدلاً من النائب الحالي صالح إسم وزير التنمية للشؤون الإدارية الدكتورة عناية عز الدين، انطلاقاً من مبدأ التغيير ومشاركة المرأة في «الكوتا» النسائية.
لكن برزت في الاستطلاعات التي أُجريت في قضاء صور إسم مسؤول إقليم الجنوب لحركة «أمل» المهندس علي إسماعيل بين الأربعة الأوائل لمَنْ جرى استفتاءه في القضاء.
أما «حزب الله» فمن المتوقّع أنْ يُعيد ترشيح وزير الشباب والرياضة محمّد فنيش والنائب الحالي نواف الموسوي.
– دائرة النبطية – بنت جبيل ومرجعيون – حاصبيا، دائرة واحدة، وهي الوحيدة في لبنان التي اعتمدت فيها المحافظة، وتتمثّل بـ11 نائباً (8 شيعة، و1 لكل من السُنّة والدروز والروم الأرثوذكس)، وتُشير المعلومات إلى أنّها ستكون، وفق الآتي:
– قضاء النبطية: يتمثّل بـ3 نواب شيعة، تتمثّل «كتلة التحرير والتنمية» بنائبين هما، ياسين جابر، الثابت بإعادة الترشيح، والنائب قبيسي، الذي سيتم ترشيحه بدلاً من النائب الزين، ورئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد، وهو من ثوابت «حزب الله».
– قضاء بنت جبيل: يتمثّل بـ3 نواب شيعة لا تغيير بشأنهم، وهم، إثنان لحركة «أمل» الدكتور أيوب حميد وعلي بزي، وواحد لـ»حزب الله» هو حسن فضل الله.
– قضاءا مرجعيون – حاصبيا: يتمثّلان بـ5 نوّاب (شيعيان وواحد لكل من السُنّة والدروز والروم الأرثوذكس)، الوضع فيه بحاجة إلى حسابات دقيقة لتوزيع الصوت التفضيلي، لضمان الفوز بالمقاعد الخمسة، خشية حدوث خروقات، إذا ما جرى تكتّل في لائحة مضادة مع وجود تأثير لناخبي «تيار المستقبل» و«الجماعة الإسلامية» بشأن الصوت السني، والنائب وليد جنبلاط والوزير طلال أرسلان للصوت الدرزي.
ويتمسّك الرئيس برّي بإعادة ترشيح الوزير علي حسن خليل للمقعد الشيعي، والنائب الدكتور قاسم هاشم للمقعد السني والنائب أنور الخليل للمقعد الدرزي، علماً بأنّ «حزب الله» ليس بوارد تغيير النائب الحالي الدكتور علي فياض عن أحد المقعدين الشيعيين، والنائب أسعد حردان مرشّح «الحزب السوري القومي الاجتماعي» للمقعد الأرثوذكسي، ثابت.
– في دائرة البقاع الغربي – راشيا: تتمثّل بـ6 نوّاب بينهم شيعي، سترشّح الحركة تحالفاً مع رئيس «حزب الاتحاد» الوزير السابق عبد الرحيم مراد.
وبعدما حُسِمَ عدم ترشّح الدكتور قبلان عن هذا المقعد، علماً بأنّه يتولى رئاسة الماكينة الانتخابية في الدائرة، برز إسم المسؤول التربوي المركزي للحركة الدكتور حسن اللقيس، بعدما كان قد تردّد سابقاً إسم عضو الهيئة التنفيذية للحركة سامر عاصي.
– دائرة بعلبك – الهرمل: تتمثّل بـ10 نوّاب بينهم 6 شيعة، تتمثّل حركة «أمل» بمقعد واحد يشغله وزير الزراعة غازي زعيتر، الذي سيُعاد ترشيحه للمقعد ذاته.
– دائرة زحلة: تتمثّل بـ6 نوّاب بينهم نائب شيعي يشغله حالياً عقاب صقر، وستدعم الحركة مرشّحاً يسميه «حزب الله» في هذه الدائرة.
كما سيكون التنسيق بين الحركة والحزب في دائرة كسروان – جبيل التي تتمثّل بـ8 نواب، بينهم شيعي يشغله عباس هاشم.
– وفي دائرة صيدا – جزّين: تتمثّل بـ5 نوّاب (سنيان ومارونيان وكاثوليكي) ولا يوجد فيها مقعد شيعي، على الرغم من أنّ عدد الناخبين الشيعة في هذه الدائرة يبلغ (19085: صيدا 6672 وجزين: 12413) ويفوق عدد الناخبين الكاثوليك في قضاء جزّين (8527) الذين يتمثّلون بمقعد نيابي.
وهذا يُشير إلى أنّ هناك تأثيراً واضحاً للصوت الشيعي في التفضيلي للمرشّح أو اللائحة.
ومعركة الرئيس برّي الرئيسية هي بدعم ترشيح إبراهيم عازار عن أحد المقعدين المارونيين في قضاء جزّين، لاسترداد المقعد الذي شغله والده النائب سمير عازار منذ العام 1992 ضمن «كتلة التحرير» التي يترأسها الرئيس برّي، ولم يحالفه الحظ في انتخابات العام 2009 التي فاز بمقاعدها الثلاثة «التيار العوني».
وهناك إمكانية تجيير الأصوات الشيعية المؤيِّدة للرئيس برّي وحركة «أمل» لتقترع لصالح عازار، فيما يبقى موقف «حزب الله» لمَنْ سيقترع بـ«الصوت التفضيلي» في هذه الدائرة؟!
وفي صيدا، فإنّ حركة «أمل» و«حزب الله» متوافقان على الاقتراع بـ«الصوت التفضيلي» لصالح أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد.
المصدر : هيثم زعيتر – اللواء